قال مصدر في مكتب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن التعاون العسكري بين إيران وروسيا بدأ يتأثر بشكل ملحوظ بالتوتر المتصاعد بينهما، مبيناً أن خلف هذا التوتر 3 أسباب مرتبط بعضها ببعض، أولها مخاوف موسكو من السياسات الخارجية للحكومة الإيرانية الجديدة، وثانيها تسليمها إيران أسلحة ناقصة رغم التزام إيران إمدادها بالمسيرات والصواريخ، والأخير دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإقامة «معبر زنغزور» بين أذربيجان ونخجوان وتركيا، الأمر الذي تعتبره إيران حرماناً لها من طريق حيوي إلى أوروبا عبر أرمينيا.

وكشف المصدر لـ «الجريدة»، أن طهران تلقت في الأيام الأخيرة رسالة عتب من موسكو عبر مندوب وزارة الدفاع الإيرانية في روسيا، بعدما أوقف بزشكيان، وفقاً لما كشفته «الجريدة»، إرسال قوات من الحرس الثوري لدعم روسيا في منطقة كورسك التي تعرضت لهجوم أوكراني مباغت الشهر الماضي.

Ad

وقال المصدر إن التوتر بلغ قمة جديدة، بعد أن أصر بزشكيان على وقف شحنات الصواريخ والمسيرات الإيرانية إلى روسيا التي تحتاجها بشدة في حربها مع أوكرانيا، وطلب إبلاغ موسكو أن طهران لن تسلم أي أسلحة بعد الآن قبل تنفيذ روسيا تعهداتها بتسليم إيران مقاتلات «سو 35» الروسية المتطورة.

وأضاف أن التقارير الأميركية عن تسليم إيران صواريخ جديدة لموسكو صحيحة جزئياً وتعود إلى الأسابيع الماضية، مشيراً إلى أنه بعد اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والتهديدات الأميركية والإسرائيلية لطهران بضربات قوية في حال قررت شن رد عنيف على تل أبيب، اتفقت وزارتا الدفاع الإيرانية والروسية على تسريع عمليات تبادل الأسلحة.

وذكر أن الروس قاموا بالفعل بتسليم طهران أنظمة رادار «إس 400» وأنظمة تشويش إلكتروني حديثة يمكنها التعامل مع مقاتلات الشبح الأميركية والإسرائيلية، ووعدوا إيران بإرسال باقي قطع المقاتلات، موضحاً أنه في حين التزمت طهران بشقها من الاتفاق وسلمت موسكو صواريخ بالستية ومسيرات، إلا أن الأخيرة سلمت الإيرانيين معدات ناقصة، وعلى سبيل المثال حصلت إيران على رادارات «إس 400» دون الصواريخ التابعة لمنظومتها، الأمر الذي يجعل الرادارات دون فعالية.

ولفت إلى أنه عندما قام مندوب وزارة الدفاع الإيرانية بموسكو بمساءلة الروس عن شحنات الأسلحة الروسية الناقصة، سمع رداً واضحاً منهم بأنهم استمعوا إلى بعض التصريحات من بزشكيان وأعضاء في حكومته تلمح إلى أن الحكومة الإيرانية الجديدة ترغب في التخلي عن نظرية «التوجه شرقاً» والسعي بدلاً من ذلك إلى التقارب مع الغرب، وأن القيادة الروسية يجب أن تنتظر اتضاح السياسات الخارجية للحكومة الجديدة قبل تسليم أسلحة حساسة ومتطورة لطهران.

وقال المصدر إن الجانب الروسي أشار بوضوح إلى انزعاجه من بدء الاتصالات الإيرانية مع واشنطن ودول أوروبية للعودة للاتفاق النووي دون التنسيق مع موسكو، خصوصاً أن أحد الشروط التي يطلبها الغرب من إيران للمضي قدماً هو تخفيض علاقتها مع روسيا على جميع المستويات، وبالتالي تحتاج روسيا أن تسمع من الحكومة الإيرانية الجديدة إذا كانت توافق على الشروط الغربية هذه أم لا.

وأوضح المصدر أن فريق السياسة الخارجية في حكومة بزشيكان مقتنع تماماً بأن إعلان روسيا دعمها لإقامة ممر زنغزور الذي يجمع جمهورية نخجوان الحدودية مع تركيا مع الأراضي الأذربيجانية عبر الأراضي الأرمينية تحت إشراف روسي، هو عملياً تهديد واضح من قبل موسكو لإيران بأن تقاربها مع الغرب على حساب روسيا يعني تقارب موسكو مع باكو على حساب المصالح الإيرانية في أرمينيا.

إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن التوتر المتصاعد دفع موسكو إلى توجيه دعوة لبزشكيان لزيارة موسكو ولقاء الرئيس بوتين قبل انعقاد قمة مجموعة بريكس في مدينة قازان الروسية الشهر المقبل، مبيناً أن اللقاء بين بوتين وبزشكيان قد يشهد توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي طويلة المدى المعلقة، وسيكون مناسبة لتوضيح المسار الذي تتجه إليه العلاقات بين البلدين.