تُشارك الكويت دول العالم ومنظماته الأممية اليوم الأحد الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية الذي يصادف الثامن من سبتمبر من كل عام محققة إنجازات متميزة في هذا المجال جعلتها في مصاف الدول الرائدة خليجياً وعربياً.
واستمراراً لمسيرة التطور في مجال التعليم والقضاء على محو الأمية الذي بدأته الكويت منذ نهضتها فقد بلغت نسبة إنفاقها على التعليم حسب الميزانية العامة للدولة للسنة المالية (2024/2023) نحو 12.6 في المئة في حين بلغت نسبة الأمية في عام 2024 لدى الذكور نحو 0.14 في المئة ولدى الإناث نحو 2 في المئة.
ويهدف الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية إلى تذكير الشعوب بأهمية محو الأمية باعتباره مسألة من مسائل الكرامة وحقوق الإنسان وللنهوض بخطة محو الأمية للمضي قدماً نحو مجتمعات مستدامة وأكثر إلماما بمهارات القراءة والكتابة.
ويسلط الاحتفال بذلك اليوم الضوء على ضرورة توفير المهارات القرائية الأساسية للجميع وتزويد كل فرد بمهارات أكثر تقدماً في مجال القراءة من منظور التعلم مدى الحياة لأنها حق من حقوق الإنسان وركن من أركان التعلم ووسيلة لتعزيز الرفاهية وسبل العيش مما يشكل قوة دافعة لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي 26 أكتوبر عام 1966، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» أنها خصصت الثامن من سبتمبر كل عام ليكون يوماً دولياً لمحو الأمية بهدف تذكير المجتمع الدولي بأهمية تعلم القراءة والكتابة للأفراد لما لها من أهمية للمجتمعات.
وأدركت الكويت منذ فجر نهضتها أهمية التعليم فأولته جل عنايتها ويسرت كل أسبابه وواكب ذلك اهتمام مماثل بتوفير سبل التعليم لأجيال من الآباء والأمهات فاتها قطار التعليم ففتحت وزارة التربية منذ عام 1957 مراكز لمحو الأمية ولتعليم الكبار في جميع أنحاء البلاد.
ومنذ الاستقلال شهدت البلاد إصدار قوانين تنظم العملية التعليمية ومن أهمها القانون رقم 11 لسنة 1965 الصادر في شأن التعليم الإلزامي الذي نصت المادة الأولى منه على أن «يكون التعليم إلزامياً مجانياً لجميع الأطفال الكويتيين من ذكور وإناث من بداية المرحلة الابتدائية حتى المرحلة المتوسطة وتلتزم الدولة بتوفير المباني المدرسية والكتب والمعلمين وكل ما يضمن نجاح التعليم الإلزامي من قوى بشرية ومادية».
وأدركت الكويت أن الحصول على تعليم متطور ومخرجات متميزة يتطلب الاهتمام بالإنفاق على التعليم لذلك استحوذ قطاع التعليم بجميع مستوياته على نسبة عالية من ميزانية الدولة فيما يُعتبر معدل الإنفاق الكويتي على قطاع التعليم من أعلى المعدلات العالمية.
ومرت جهود الكويت لمحو الأمية لدى أبنائها بثلاث مراحل بدأت أولاها عام 1950 واستمرت حتى عام 1957 واقتصرت على بعض المستخدمين في المدارس والمستشفيات والعمال في المركز الثقافي العمالي ومراكز تدريب الشرطة ومعسكرات الجيش بغية تحسين معدلات الأداء وتعديل أوضاعهم.
وفي المرحلة الثانية التي حدثت بين عامي 1957 و1981 تم افتتاح أول مركزين لمحو الأمية لدى الرجال عام 1958 وأول مركزين لمحو الأمية لدى النساء عام 1963.
ورغبة من الدارسين الذين ينهون مرحلة محو الأمية في الاستمرار بالدراسة فقد افتتح في العام الدراسي «1960/1959» أول فصول دراسية للسنة الأولى في المرحلة المتوسطة وذلك لمن نجحوا في امتحان الصف الرابع الابتدائي بالمراكز في حين بدأ تدريس منهج المرحلة المتوسطة للنساء في العام الدراسي «1967/1966».
وفي العام الدراسي «1968/1967» تم افتتاح أول مركز مسائي ثانوي وذلك في ثانوية كيفان لاستقبال الدارسين الذين ينهون المرحلة المتوسطة في مراكز تعليم الكبار إضافة إلى الأفراد الذين لم يتمكنوا من مواصلة دراستهم في المدارس الصباحية وعملوا في وظائف مختلفة.
وتقرر في العام نفسه فتح فصول للصف الأول الثانوي في بعض المراكز النسائية فيما استمرت عملية النمو والتطور وافتتاح المزيد من الفصول الدراسية إلى أن اكتملت صفوف النقل للمرحلة الثانوية بفرعيها الأدبي والعلمي.
وتجلى استمرار الاهتمام بمحو الأمية بدخول المرحلة الثالثة التي دشنت بصدور قانون محو الأمية في عام 1981 الذي تضمن 23 مادة من أجل القضاء على الأمية نهائياً مع ازدياد عدد مراكز محو الأمية لتصبح 100 مركز في جميع المحافظات.
ولتعريف كلمة الأمي رسمياً صدر قرار وزاري في عام 1982 حدد فيه الأمي بأنه «كل فرد ممن تجاوز سنه الرابعة عشرة ولم يصل في تعلمه إلى مستوى يُعادل الصف الرابع الابتدائي وليس ملتحقاً بالمدارس الابتدائية».
ولم تقتصر الدراسة في مراكز محو الأمية وتعليم الكبار على الكويتيين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي بل أتيحت الفرصة كذلك للمقيمين من بعض الجنسيات حرصاً من الدولة على توفير متطلبات التعليم لكل فرد كما كانت فصول محو الأمية تشمل ذوي الاحتياجات الخاصة.
وعلى مدار السنوات الماضية نجحت الكويت في تحقيق الهدف الإنمائي للألفية المتعلق بضمان تمكين جميع الذكور والإناث من إتمام المرحلة الابتدائية كاملة فضلاً عن نجاحها في توفير الكتب والمناهج الحديثة والأجهزة الالكترونية والمباني المدرسية والتغذية والرعاية الصحية في المدارس.
وتمضي الكويت بخطى حثيثة في مجال محو الأمية حيث وضعت الخطة التنموية الوطنية «كويت جديدة 2035» التي تجسد كل عناصر وبنود التنمية المستدامة لا سيما في مجال تطوير رأس المال البشري وتوفير تعليم شامل ومنصف وذي جودة عالية للجميع.