إدارة الأعمال الحكومية الروتينية

نشر في 09-09-2024
آخر تحديث 08-09-2024 | 19:04
 د. محمد الدويهيس

تقوم الإدارة الناجحة في أي جهة حكومية أو منظمة على تقسيم الأعمال والأنشطة إلى ثلاثة أقسام رئيسة: القسم الأول منها أعمال روتينية تشغيلية دورية سواء يومية أو أسبوعية أو شهرية أو ربع شهرية أو نصف سنوية أو سنوية، أما القسم الثاني فهي أعمال تكتيكية تتراوح مدتها من سنة إلى سنتين، أما القسم الثالث فهو أعمال وخطط استراتيجية تغطي من 3 إلى 5 سنوات قادمة.

وسنتعرض اليوم إلى القسم الأول وهو الأعمال الروتينية التي يتم التخطيط لها وتنفيذها خلال سنة فأقل، حيث يلاحظ أننا بدولة الكويت بالرغم من توافر المعلومات والموارد البشرية والمالية وقصر المدة الزمنية التي تغطيها هذه الأعمال والأنشطة، فإننا نفشل فشلاً ذريعاً في أداء هذه الأعمال والأنشطة البسيطة والواضحة!

وسأتناول بعض الأمثلة الواقعية من الأنشطة والأعمال الروتينية في الجهاز الحكومي: فمثلاً صيانة الطرق والمناهيل والمجارير الصحية السنوية تواجه فشلاً في أدائها سنة بعد سنة! فلا تقوم الوزارة بصيانة كل الطرق والمناهيل والمجارير الصحية قبل موسم الأمطار السنوية، ويتم التصريح في أحسن الأحوال بإنجاز أعمال الصيانة التي لا تتجاوز في أغلب الأحوال نسبة 70%!! هذا حسب تقرير الجهات الحكومية وعلى فرضية دقة وصحة تقارير هذه الجهات!!

مثال آخر استعدادات وزارة التربية للعام الدراسي الجديد وخاصة فيما يتعلق بأمور الصيانة وخاصة صيانة أجهزة التكييف وتوافر الكتب الدراسية والمعلمين والمعلمات.

مثال ثالث تنظيم المخيمات الربيعية من البلدية والهيئة العامة للبيئة! حيث تصمت كلتا الجهتين طول السنة وقبل بداية فترة التخييم في بداية شهر نوفمبر من كل عام بفترة قصيرة تبدأ الإشاعات والشروط والمتطلبات لإقامة هذه المخيمات!! ثم تبدأ هذه الجهات بالتنازل عن هذه الشروط والمتطلبات وترحلها للسنة القادمة! وتتكرر العملية سنة بعد سنة مما يدل على عدم ابتهاج هذه الجهات للتخطيط التشغيلي كأسلوب لإدارة أعمالها وأنشطتها الروتينية السنوية! ودليل آخر على غياب المتابعة الدورية في إدارة هذه الأنشطة في هذه الجهات!

ولنا في صيانة محطات التقوية الكهربائية مثال آخر في سوء التخطيط التشغيلي لهذه الخدمة الضرورية والملحة، حيث يتم انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المرافق الحكومية المهمة كل سنة مثل انقطاع التيار الكهربائي عن مطار الكويت وبعض المستشفيات الحكومية في فترة الصيف وخصوصا في فترة الذروة!

إنه غياب الإدارة الحكومية وسوء التخطيط الإداري في مستوياته الثلاثة في معظم أجهزتنا الحكومية، وغياب المتابعة، وعدم وضع سلم لأولويات الأعمال والأنشطة الحكومية، والتردد في اتخاذ القرار والانتظار حتى اللحظات الأخيرة لإنجاز الأعمال، والتي أصبحت صفة من صفات الإدارة في الجهاز الحكومي الكويتي.

يتضح مما سبق أن معظم الأجهزة الحكومية لا تنتهج التخطيط التشغيلي والاستراتيجي كأسلوب في إدارة أنشطتها وأعمالها، كما يتضح غياب أسلوب الثواب والعقاب في هذه الإدارات الحكومية والكسل والتراخي في إنجاز الأعمال الروتينية في أوقاتها المحددة!

إن المتطلبات المالية والبشرية والمعدات والأجهزة لأداء هذه الأعمال واضحة ومحددة ومعروف وقتها للمواطن قبل الموظف، وإن عدم إنجاز هذه الأعمال الروتينية في الأوقات المحددة يعد تقاعساً من هذه الجهات في أداء خدماتها وأنشطتها وأعمالها الروتينية البسيطة! فهل يتم تدارك هذه الأخطاء والنظرة القاصرة من المسؤولين في هذه الجهات والعمل على تلافيها مستقبلاً أم نظل مستمرين في سوء إدارتنا لهذه الأعمال البسيطة والمتكررة سنوياً؟!

أتمنى أن تأخذ هذه الجهات وجهات حكومية أخرى مماثلة هذه الملاحظات بعين الاعتبار لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين! ودمتم سالمين.

back to top