يُقصد بالدعم الحكومي الإعانات المالية التي ترصدها الدولة لدعم قطاعات إنتاجية أو خدمات ذات طبيعة حيوية، والتي يمكن أن تعزز الاقتصاد، إما عن طريق دفع جزء من تكاليف الإنتاج للموردين أو عن طريق تعزيز الطلب بين المستهلكين على السلع والخدمات.
ويأخذ الدعم الحكومي أشكالاً مختلفة، بما في ذلك المساعدات المباشرة، والإعفاءات الضريبية، والتعويضات، من بين أنواع أخرى من أشكال الدعم الاقتصادي، وغالبًا ما تمنح الحكومة الإعانات لدعم القطاعات الأساسية في الاقتصاد التي يُعتقد أنها عرضة للقوى الخارجية.
الأثر المحقق للدعم على العرض
تطبق الحكومات الدعم بهدف تشجيع الإنتاج والاستهلاك في صناعات محدّدة، وعندما يُطبق الدعم الحكومي على جانب الموردين، يمكن إنتاج المزيد من السلع والخدمات، وهذا يزيد العرض الكليّ، مما يزيد الكمية المطلوبة ويخفض السعر الإجمالي.
وفي المحصلة، عندما تقدم الحكومة الدعم للموردين، تكون النتيجة وضعاً مربحاً لكل من المنتجين والمستهلكين.
وبالمثل، يستفيد الموردون كما لو كانت السلع والخدمات تُباع بأسعار أعلى، ومن ثمَّ، يمكنهم إنتاج المزيد، وفي الوقت نفسه، يحصل المستهلكون على منتجات مدعومة بأسعار أرخص نسبياً، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحكومات تساعد الموردين في كثير من الأحيان من خلال الإعفاءات الضريبية أو التعويضات.
أثر الدعم على الطلب
أما من ناحية المستهلك، فيمكن للإعانات الحكومية أيضًا أن تساعد المستهلكين المحتملين على تحمل تكلفة السلع أو الخدمات، وعادةً ما يكون ذلك من خلال الإعفاءات الضريبية.
ولعلّ أحد الأمثلة على ذلك هو التحوّل إلى المزيد من مصادر الطاقة المتجددة، وفي ظل النماذج الوليدة للاقتصاد الأخضر (المستدام)، فإن الطلب الحالي على شراء تكنولوجيات جديدة موفرة للطاقة منخفض.
ومن أجل التأثير على اهتمامات المستهلك، يمكن أن تساعد الإعانات الحكومية أو الإعفاءات الضريبية في خفض التكلفة العالية للتركيب، فعندما يقوم المستهلكون بإعادة تجهيز منازلهم بالألواح الشمسية، تقدم الحكومة إعفاءات ضريبية للأفراد والأسر لتعويض أسعار الشراء المرتفعة. وفي هذا السياق، لن يؤدي الدعم الموجه للمستهلكين بالضرورة إلى زيادة العرض على الفور، حيث لا يتم تحفيز المنتجين أو تعويضهم بشكل مباشر لإنتاج المزيد. ومع ذلك، يمكن للإعفاءات الضريبية أن تعوض ارتفاع الأسعار للمستهلكين، مع ضمان عودة هوامش الربح إلى المنتجين، وعلى المدى الطويل، تسهم الإعانات في دعم الطلب واستقراره، مما يحفز المنتجين على إنتاج المزيد.
وبالمثل، توفر بعض الحكومات أيضًا ائتماناً ضريبياً أو دعماً لشراء سيارة كهربائية أو هجينة، وهذا يساعد قطاع الطاقة المتجددة من خلال السماح لعدد أكبر من المستهلكين بشراء المنتجات المرتبطة بهذه الصناعة، دون الحاجة إلى تحمل تكلفتها بالكامل.
يزعم منتقدو الدعم الحكومي أنه يتعارض مع مبادئ الأسواق الحرة، وبالتالي من الممكن أن يتسبب في حدوث انحرافات عن الوضع الطبيعي أو عدم كفاءة السوق، غير أن الرافضين يجادلون بأن الدعم يخلق ظروفا غير عادلة تحابي مجموعة معينة من الشركات على الشركات الأخرى، مما يحد من المنافسة ويقوضها.
ومن الممكن أن تستغل هذه الشركات إعانات الدعم للسعي وراء الريع (Rent-seeking) -أي سعي طرف إلى زيادة حصته من الثروة الموجودة دون خلق ثروة جديدة- وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالمستهلك.
يشمل الدعم المباشر التحويلات النقدية أو الإعفاءات الضريبية التي تؤثر بشكل مباشر على شركة أو صناعة، أما غير المباشر فلا توجد له قيمة نقدية محددة ولا يشمل مدفوعات نقدية، ويمكن أن يشمل بدلاً من ذلك تسهيل الحصول على المدخلات أو خفض التكاليف بطرق أخرى.
وتقدم الحكومة الأميركية إعانات كبيرة للقطاع الزراعي المحلي، كما أنها تدعم شركات النفط والطاقة، وبعض شركات الإسكان، وشركات صناعة السيارات، وقطاع الرعاية الصحية، وخصوصا خدمات الرعاية الطبية لكبار السن.
خلاصة القول أنه يمكن أن يساعد الدعم الحكومي قطاعاً ما على مستوى كل من المورد والمستهلك، بغض النظر عن الجانب الذي يتلقى الدعم في البداية، ولدفع تكاليف الدعم، تحتاج الحكومات إلى زيادة الضرائب أو إعادة تخصيص الضرائب من الميزانيات الحالية.
ويجادل النقاد بأن الدعم يعوق سياسات الأسواق الحرة، ويؤدي إلى عدم الكفاءة، ويحد من حافز الشركات لخفض التكاليف.
وسواء كان ذلك عن طريق زيادة العرض من خلال الإعانات المقدمة للموردين، أو مساعدة المستهلكين على تحمّل تكاليف التركيب المرتفعة من خلال الإعفاءات الضريبية، فمن الواضح أن التدخل الحكومي في اقتصاديات السوق له آثار محققة على جميع الأطراف.