عينات بشرية موهومة
وقفت أمام سلوكيات ومعطيات نماذج بشرية تطفو على سطح الأحداث، بعد أن قادها توهمها إلى أن الواحد منها قد صار هو الأصدق والأبدع والأروع فيما يقول ويطرح من آراء، حتى تورَّمت ذات الواحد منهم إلى درجة التضخم الفاقع، فصار ينظر للآخرين نظرة استصغار جعلته يتطاول على مشاهير وعظماء السياسيين والأدباء، بل على فنانين تشهد لهم الأغلبية العظمى من الناس بالعطاء الفني المُتقن، ليتطحلب على أكتافهم، كي يصل إلى مبتغاه من الشهرة، وقائمة هذه النوعيات من البشر طويلة، لكنني سأختصر بعضها بهذه النماذج القليلة:
***
أول هذه النماذج البشرية، هو ذاك الذي جعلته المطولات التلفازية يصول ويجول، ذاكراً بطولاته الأكاديمية، وقراءته اللامتناهية، وروايته لأحداث، تصدَّى الكثير لعدم حدوثها، ونفى البعض مصداقيتها بالأدلة القاطعة، فتلقفها المتأسلمون سياسياً، مما جعله يستمر في سرد أساطير شبه فانتازية، وكان يحسبها تنطلي على الناس، الذين تأكد لهم أنه ممن ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، فيما هو كثيراً ما كان يحاول إنكار ذلك الانتماء، لكنه يفضح نفسه عندما يكثف من هجومه على المرحوم جمال عبدالناصر، وينعته بأبشع الأوصاف، وفي ذات الوقت نجده شديد الترحم على حسن البنا، والهضيبي، وسيد قطب، وغيرهم من أقطاب الإخوان المسلمين.
***
صحيح أن الومضات القليلة التي جئتُ عليها قد أعطتكم فكرة جيدة جداً مبسطة عن أحد هذه النماذج، لكن ذلك لا يعني نهاية المشهد في هذه السطور. فهناك نوعيات مختلفة لهذه النماذج ممن اعتقد البعض منهم أنه يمثل الخلافة الإسلامية، والتقى معمر القذافي لطلب المساعدة منه، لكي يحقق هذا الهدف، ثم لما كُشف أمره بعد موقف جماعته من غزو العراق للكويت، قام بتغيير مسمى جماعته، واستمر بممارسة نفس الأسلوب الذي كان سائداً قبل الغزو، لكن بمسميات مختلفة.
***
وإذا كانت الحروب تفرز تجاراً للحروب، فإن غزو العراق للكويت قد أفرز كُتاباً، ومنظرين، وإعلاميين، بل إنهم أعطوا أنفسهم رُتباً عسكرية شاركت في مواجهة الغزو، لكي يُكسبوا أكاذيبهم المبالغ فيها مصداقية، جعلت بعضهم أضحوكة أمام الذين يشاهدون ويسمعون ممن يعرفونهم حق المعرفة، لكنهم - بكل أسف - مستمرون في تكرار مبالغاتهم حتى كتابة هذه السطور.