أهل الخير في البلد كثيرون، هم أهل الرحمة. توفي
د. عبدالرحمن السميط منذ سنوات، لكن أعماله للفقراء في إفريقيا لا يمكن أن يطويها الزمن، ولن يدفن اسم عبدالرحمن تحت أغبرة النسيان، وبالتأكيد هناك اليوم من هم مثله في تفانيه للخير والإنسانية، بعضهم من أهل الثراء والبعض الآخر هم متوسطو الحال، وإذا كان وضع البدون من ساكني تيماء والصليبية، وهم - على الأرجح - أكثر من 860 أسرة، هو السكن في المنازل البائسة التي سيتم إخلاؤها خلال فترة الشهر، فالسؤال هو أين سيذهبون بعد انتهاء تلك المهلة القصيرة؟!
الأمل والرجاء أن تقوم الدولة بتوفير بدائل لسكن لهؤلاء، وسيكون هذا في ميزان حسناتها، وإن لم يحدث مثل هذا وأنصت أهل القرار لذوي الأصوات المتعجرفة المتعصبة المزايدة أصحاب شعار «خلهم يروحون من أين جاؤوا»، فهذه مصيبة، ولو تم توفير مساحة أرض فاضية، وعندها يقوم أهل الخير والرحمة بالتبرع لبناء مساكن بسيطة تؤويهم من قسوة صيفنا الطويل، فسيكون هذا رائعاً.
بدء حملة تبرعات يمكن أن تقوم بها أي جمعية أو جمعيات خيرية أو مجموعة بشر لتشييد ولو مساكن جاهزة من الخشب، مثل الشاليهات البسيطة المتواضعة، ويتم تقديم أبسط الخدمات لهؤلاء الذين ظلمتهم مصادفة الواقع، أمر كبير.
هنا نتمنى من الدولة، والتمنيات هي خبز الفقراء، ألا تضع العراقيل لمثل ذلك العمل الخيري الكبير، كأن يُمنع بيت الزكاة مثلاً من تمويل مثل هذا المشروع، أو يتم وضع شروط إملائية على «اللاجئين الكويتيين البدون» كفرض أن يقدموا بطاقات صالحة من الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية - مجرد اسم الجهاز يعني إدانة مسبقة لهم، وزجّ أصحابها في خانة المخالفين للقانون دون وجه حق أو حكم العدالة - كأن يوقّعوا على وثائق تفرض عليهم جنسية غريبة عنهم. لماذا لم تُطلب منهم مثل تلك الطلبات مثلاً حين تقدم آباؤهم وأهلهم للعمل في وزارات مثل الداخلية والدفاع؟ فهل انتهت صلاحيتهم البشرية وأضحوا مجرد أرقام زائدة لا حاجة لهم؟ أمر محزن.
هناك أمل بأهل الخير والرحمة، أن يمدّوا يد العون لإخوانهم وأخواتهم في ظروفهم الصعبة اليوم، والبلد الذي أنجب الراحل د. عبدالرحمن السميط أنجب مثله في تاريخه القديم والحديث، فقط راجعوا تاريخنا في السنوات العجاف، وماذا فعل الخيّرون في تلك الأيام، فمن يدري عن المستقبل وماذا يخبئ لنا؟