حصدت آلة الحرب الإسرائيلية أرواح 40 شخصا وأصابت 60، منهم عدد كبير من الأطفال والنساء، في مجزرة جديدة استهدفت المنطقة الآمنة بمواصي غزة اليوم، فيما أشارت تقديرات عبرية إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شرع بمقاربة جديدة لإدارة الصراع تقوم على تجاهل تحرير الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، واستخدام الملف لتبرير استمرار القتال والحصار والاحتلال للقطاع.

وبرر الجيش الإسرائيلي غارته الجوية على المنطقة الإنسانية التي تحوي أكثر من 200 خيمة بالقرب من المستشفى البريطاني بمدخل منطقة المواصي، باستهداف عدد من كبار قادة «حماس» كانوا داخل مركز قيادة وتحكّم «تم تمويهه» بالمدينة الواقعة جنوب القطاع، فيما لا يزال عدد كبير في عداد المفقودين جراء الضربة الدامية.

Ad

وذكر الجيش، في بيان، أن المستهدفين، ومن بينهم قائد القوة الجوية لـ «حماس» ورئيس قسم الاستطلاعات والأهداف في ركن الاستخبارات العسكرية، «ضلعوا بشكل مباشر في مجزرة السابع من أكتوبر، وعملوا على تنفيذ مخططات إرهابية خلال الفترة الماضية».

وأضاف أنه استخدم ذخيرة دقيقة لتفادي إصابة المدنيين، لافتا إلى أن عدد القتلى الذي نشره المكتب الإعلامي الحكومي لـ «حماس»، وتضمّن الحديث عن اختفاء عائلات كاملة كانت تعيش في نحو 30 خيمة بين الرمال في حفر عميقة جراء الضربة الصاروخية «لا يتوافق» مع ما لديه من معلومات.

واتهم الجيش الحركة باستخدام السكان والبنية التحتية المدنية لتنفيذ عمليات إرهابية، فيما سارعت «حماس» إلى نفي تلك الاتهامات والتبريرات.

إدانات واسعة

مع ورود الأنباء عن وقوع الاعتداء الجديد في المواصي، أصدرت عدة جهات دولية وعربية وإسلامية بيانات استنكار وتنديد، في مقدمتها السعودية ومصر والأردن ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.

وجددت الرياض رفضها القاطع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، مع مطالبتها بالوقف الفوري لإطلاق النار، وحملت المملكة قوات الاحتلال الإسرائيلية كامل المسؤولية جرّاء استمرار خرقها لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.

كما أكدت المملكة المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي لتفعيل آليات المحاسبة الدولية ووضع حد لهذه الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية.

وفي مؤتمر مشترك بواشنطن مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، شدد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، على أن القصف الإسرائيلي المروع على خان يونس يظهر الحاجة إلى الهدنة في غزة.

من جهته، رأى بلينكن أن دخول المساعدات إلى غزة يجب ألا يكون مرتبطاً بالوصول إلى اتفاق التبادل، مشيراً إلى أن مصرع الناشطة الأميركية عائشة نور برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية أخيرا غير مقبول، ولا مبرر له.

«الوزاري» العربي

في هذه الأثناء، أكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، خلال اجتماع الدورة الـ 162 لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية أن «القوى الكبرى لا ترغب في ممارسة الضغط على الاحتلال، وإما أنها لا تستطيع إيقاف هذه البلطجة مع اقتراب مرور عام على الحرب في غزة».

وقال أبوالغيط، بحضور وزير الخارجية التركي ومسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن «هذا العام يعد بمنزلة عام من الإجرام والإبادة والتطهير العرقي، لاحتلال يتبجح ولا يختبئ يباهي بالجريمة ويفاخر بالعار، غير عابئ بحساب أو عقاب».

وأكد أن وقف إطلاق النار اليوم لم يعد مطلبا عربيا، بل هو مطلب عالمي يحظى بإجماع مشهود. وهاجم مزاعم نتنياهو بشأن محور فيلادلفيا بين مصر وغزة، وقال إنه غير مستعد لدفع ثمن السلام. من ناحيته، أكد بوريل على أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف لتحويل الضفة الغربية إلى غزة جديدة عبر تنفيذ سياسة تهجير سكانها مشيرا إلى أن حكومة الاحتلال جعلت من «حل الدولتين» المتوافق عليها دوليا «أمرا مستحيلا».

تبادل لوم

وجاء الاجتماع العربي في وقت تبادل البيت الأبيض و«حماس» اللوم بشأن عرقلة صفقة التهدئة.

وقال القيادي في حركة حماس عزت الرشق بأن اتهام منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، للحركة بأنها غيّرت بعض شروطها بشأن وقف إطلاق النار، لا أساس له من الصحة.

واعتبر أن إدارة الرئيس جو بايدن «العاجزة عن الضغط على نتنياهو» تعتبر أن «إلقاء اللوم على حماس أقل كلفة في ظل الانتخابات الأميركية».

وجاء السجال في وقت أفيد بأن الوسيطين المصري والقطري، الممتعضين من نتنياهو، يستعدان لإصدار بيان مشترك يحمّل إسرائيل مسؤولية عرقلة التوصل إلى اتفاق، الا ان وزير الخارجية المصري أكد استمرار بلاده في الوساطة خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي في القاهرة.

مصلحة وخلافات

ووسط خلافات إسرائيلية داخلية بشأن مسار الصراع وترتيب الأولويات على عدة جبهات، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن اتفاق هدنة لـ 6 أسابيع مع «حماس» يسمح بالإفراج عن الأسرى في غزة، سيمثّل فرصة استراتيجية لإسرائيل لتغيير الوضع الأمني على الجبهات كلها، خصوصا في الشمال على الحدود اللبنانية مع حزب الله.

وأكد أن «حماس» كتنظيم عسكري لم تعد موجودة، وتخوض الآن حرب عصابات.