التعليمات التي قام بها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح بالسماح للجمهور العراقي بحضور مباراة منتخب دولة الكويت مع شقيقه منتخب جمهورية العراق دلالة على دراية بمسؤولياته الوطنية وترجمة لتوجيهات سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الصباح، حفظهما الله، بالعمل على تعزيز العلاقات مع دول الجوار.
خلال الأيام الماضية شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تراشقاً لا يخدم مسيرة تهدئة النفوس بين أبناء الكويت والعراق لا سيما ممن لا يقدر الأوضاع التي مر بها الشعبان في فترة الغزو العراقي لدولة الكويت، إلى الويلات التي خلفها طاغية العصر المقبور صدام حسين على الشعب العراقي أثناء حكم البعثية.
الحقائق التاريخية لا يمكن أن تُمحى من ذاكرة الشعوب، ولكن الشعوب دائماً تتجاوز تلك الحقب المريرة التي تتعرض لها خصوصا أن الشعوب لم تكن صاحبة القرار، وما حدث للكويت لم يكن بموافقة معظم الشعب العراقي المغلوب على أمره.
من يتحجج بحجم التعويضات التي تحصلت عليها دولة الكويت نود بيان الحقيقية بأن تلك التعويضات لم تكن من نسج الخيال بل هي مقرونة بالدلائل والبراهين التي أقرتها اللجان المختصة من قبل الأمم المتحدة، وبحضور وموافقة كلا الطرفين من دولة الكويت وجمهورية العراق، علماً أن هذا الإجراء لم تنفرد به الكويت، وهو إجراء قانوني اتُّخذ مرات عديدة مع الدول التي تتجاوز القوانين الدولية، لذلك مهما بلغ حجم التعويضات فهو لا يساوي شيئاً مقابل تشريد شعب بأكمله.
يحسب لدولة الكويت أنها أول دولة ساهمت في تخليص الشعب العراقي من الطاغية معرضة بذلك سلامة أرضيها وشعبها، ويحسب لدولة الكويت أنها وقفت مع العراق في محنته بعد سقوط حزب البعث من خلال عقد المؤتمرات المانحة والتبرعات المادية والعينية للتخفيف من معاناة الشعب العراقي، ويحسب لدولة الكويت أن زيارة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، طيب الله ثراه، الذي استطاع من خلالها بحنكته وعروبيته أن يخفف من العزلة السياسية على العراق ودعمه لها في مواجهة الإرهاب.
هذه الأحداث التاريخية يجب التوقف عندها والتمعن فيها، فالكويت ستظل جارة للعراق، والعراق سيظل جاراً للكويت، وما يجمعهما أكبر مما يسعى إليه بعض مثيري الفتنة والباحثين عن الشهرة وأصحاب الحسابات الوهمية ممن يرقصون على جراحات الشعب الكويتي والشعب العراقي.
في الختام، الرياضة تجمع ولا تفرق، ودورة الخليج الأخيرة التي استضافتها محافظة البصرة بكل اقتدار خير دليل على كرم أخلاق الشعب العراقي، وأنه شعب عربي أصيل، والحال كذلك ينضوي على شعب الكويت الذي يتعايش مع عشرات الجنسيات العربية والأجنبية بكل ود واحترام تحت ظل سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وقانون عادل يكفل حق الضعيف قبل القوي.
مهما كانت نتيجة المباراة فإن الرياضة يجب ألا تخرج عن أهدافها النبيلة، وفي النهاية الفوز أو الخسارة لا يغيران من الواقع شيئاً، وستظل المناكفات الرياضية ملح البطولات بعيدًا عن الإسفاف والتجريح.
ودمتم سالمين.