لمحبي أفلام هوليوود وعشاقها وممن كانوا في شبابهم قد عاصروا فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، سيلاحظون شيئاً غريباً وكأنها موجة موجهة لاستثارة العواطف واللعب على أوتار «النوستالجيا» في جل الأفلام والمسلسلات الصادرة موخراً، نعم إنها هوليوود، ماكينة طباعة الأموال و«مانيفاكتورة» الأحلام للمنتجين والاستديوهات وكل من يطمح أن يكون له اسم ورسم في عالم السينما، ومقابل هذا كله يجب أن يواكب هذا العالم تطورا كبيرا في التقنيات والخدع السينمائية، فهناك تطور وأموال تُضخ ليكون هذا العالم مواكبا للعالم العلمي ليسعد الجمهور حول العالم بثوان معدودة على شكل مشهد سينمائي لسيارة تطير أو شخصية خارقة أو نيران تلتهم مباني أو حتى خروج الديناصورات بأشكالها وأصواتها.

تطور العلم والتكنولوجيا يساعد بشكل كبير في تصاعد وتيرة صناعة السينما بدون أي حدود، لا سيما حينما دخلت علينا تقنيات الذكاء الاصطناعي مؤخراً لتكون شيئا أشبه بالأداة المساندة لكل ما سلف ذكره الآن، وبالطبع فإن دخول تقنيات الصور الناتجة من الحواسيب CGI أصبح خيال الكاتب ونظرة مخرج العمل وإمكانات المنتج لا يمكن كبح جماحها البتة، ولكن ما مدى تداخل أخلاقيات العمل والمهنة في مجال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما وهل لها علاقة مباشرة أم لا؟!!

Ad

محبو أفلام الرعب والخيال العلمي ممن شاهدوا بداية المخرج العالمي البريطاني (ريدلي سكوت) في رائعته السينمائية (المخلوق الفضائي Alien) أواخر السبعينيات والتي انبثقت عنها سلسلة ناجحة ترويجيا وماديا الى يومنا هذا، كانوا على موعد مع الجزء السابع في ترتيب إنتاج هذه الأفلام منذ قرابة الشهر في الفيلم الجميل المعنون بـAlien:Romulus والذي استكمل عددا من أحداث هذه السلسلة بشكل جميل وبسياق درامي جذاب دون أن يخلو الفيلم من مشاهد الإثارة والرعب كذلك، ولكن في خضم المشاهدات العالمية لهذا الفيلم أتت موجة مضادة له تطالب بتوضيحات لاستخدام صورة وشكل وحتى صوت الممثل الراحل (إيان هولم) الذي ظهر بالدور ذاته في أول ظهور له أواخر السبيعنيات في الجزء الأول من هذه السلسلة.

حقيقة المسألة أن زوجة الراحل (هولم) أعطت موافقتها الخطية لاستخدام صورة وشكل زوجها الراحل، ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي تمكن فريق العمل من إسقاط هذه الخدع السينمائية ليخرج علينا من العالم الآخر الممثل ذاته وبالصوت والصورة أنفسهما، وهنا يطرح السؤال المهم، هل تكفي موافقة الأحياء لاستخدام صور وأشباه الأموات؟!! حسنا، ماذا لو كان الممثل ذاته (هولم) غير موافق على النص أو على المشاركة في الفيلم لأي سبب كان، من كان سيحفظ حقه في هذا الأمر؟! وهل للمادة والأموال المدفوعة أثر على موافقة الورثة أم لا؟!

كل هذه التساؤلات طرحت وأثارت ولا تزال تثير البلبلة في أوساط هوليوود، والتي ستنكشف عنها في قادم الأيام وجود موافقات خطية مهمة قد تتبناها نقابات الممثلين هناك، ومن ثم تتصل بموافقات أخرى لنقابات حول العالم.

أتذكر منذ قرابة أربع سنوات حين خرج علينا الممثل الأميركي الشهير (توم كروز) بفيلم أيضا يعد جزءا جديدا لسلسلة (المسدس الفذ) من أفلام الطيران الحربي وحين استعان بزميل له قد فقد القدرة على الكلام في الفيلم ذاته وجعل التقنيات الحديثة تعيد له صوته في الفيلم ذاته مع وجود «دوبلير» صوتي كذلك، والمقارنة هنا في صياغة التطور التقني فقط أما على الصعيد الأخلاقي فالممثل كان واعيا وحيا يرزق يستطيع أن يتخذ قراره بنفسه.

قد نحتاج في قادم الأيام أن نوجد كتابا خطيا واضحا نعطي به موافقة واضحة لاستخدام صورنا وصوتنا بعد الممات تكون على شكل وصية لمن هم بعدنا.