في وقت تتعرض إيران لضغوط غربية قوية بعد اتهامها بإمداد روسيا بصواريخ بالستية، علمت «الجريدة» من مصدر إيراني، أن الرئيس مسعود بزشكيان الذي بدأ أمس زيارة إلى العراق هي الأولى له إلى الخارج منذ توليه منصبه، طلب من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إحياء الوساطة العراقية مع واشنطن، في وقت تسعى الحكومة الإيرانية الجديدة إلى إحياء مفاوضات الملف النووي مع الغرب.
وكانت بغداد استضافت حواراً لعدة جولات بين السعودية وايران أثمر لاحقاً توقيع اتفاق المصالحة في بكين، كما لعبت بغداد دوراً في تبادل بعض الرسائل الإيرانية مع واشنطن.
وقال المصدر، وهو أحد أعضاء الوفد الذي رافق بزشكيان، إن الأخير طلب كذلك من السوداني العمل على حصول بغداد على إعفاء خاص من العقوبات الأميركية لدفع المستحقات العراقية لطهران وحماية المصارف التي تتعامل مع إيران وتواجه خطر العقوبات الأميركية.
وفي وقت يضغط حلفاء إيران العراقيون لاستكمال انسحاب القوات الأميركية من العراق، وقع هجوم ليل الثلاثاء - الأربعاء على منشأة دبلوماسية أميركية في مطار بغداد الدولي من دون تسجيل إصابات.
واعتبر المتحدث باسم «كتائب حزب الله - العراق»، الموالية لإيران، جعفر الحسيني، أن «استهداف مطار بغداد في هذا التوقيت تقف خلفه أيادٍ مشبوهة، والغاية منه التشويش على زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد»، داعياً «الأجهزة الأمنية إلى كشف المتورطين».
وقالت مصادر إيرانية سياسية، لـ «الجريدة»، إن الهجوم هو رسالة لبزشكيان من حلفاء إيران الذين يعارضون استراتيجية طهران في عدم توسيع المواجهة ضد إسرائيل في المنطقة، وضد التأجيل المتواصل للرد الإيراني على اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية قبل نحو أربعين يوماً.
وكانت «الجريدة» قالت في تقارير سابقة إن بزشكيان كان أحد المعارضين لشن هجوم صاروخي على إسرائيل رداً على اغتيال هنية، وهو يدعم الرد بالمثل عبر اغتيال شخصية إسرائيلية أو موالية لتل أبيب.
كما كشفت «الجريدة» أن بزشكيان أقنع المرشد الأعلى علي خامنئي بالتفاهم مع واشنطن لتأجيل الرد الإيراني، موضحاً أنه يؤيد التقارب مع الغرب وهو ما ترفضه فصائل موالية لإيران وكذلك الحرس الثوري.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني في بغداد، قال الرئيس الإيراني: «إننا في أمسّ الحاجة إلى تفعيل الاتفاقيات الأمنية مع العراق»، فيما تعهد رئيس الحكومة العراقية بـ «عدم السماح لأي جهة بارتكاب عدوان مسلح على إيران انطلاقاً من العراق».
وأكد السوداني المضي في العمل بـ «الربط السككي والطريق البري مع إيران لنقل البضائع والمسافرين بخط البصرة - شلامجة، وإنشاء مناطق صناعية حدودية في محافظات واسط والبصرة وميسان، وتنفيذ بنود مذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها».
وقبل زيارة إلى كردستان ستكون الأولى لرئيس إيراني إلى الإقليم، الذي نفّذت فيه إيران ضربات في السابق قائلة إنه قاعدة لجماعات انفصالية إيرانية وكذلك لعملاء إسرائيل، زار بزشكيان، الذي ينتمي إلى العرقية الأذرية ويتحدث الكردية بطلاقة، الأماكن المقدسة في مدينتَي كربلاء والنجف، وكذلك النصب التذكاري لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قُتل في هجوم أميركي عام 2020.
وفي تفاصيل الخبر:
في مستهل جولته الخارجية الأولى منذ توليه منصبه، اجتمع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في بغداد، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لمناقشة العلاقات والوضع المعقد بالمنطقة وحرب غزة، وذلك في وقت يضغط حلفاء إيران العراقيون لاستكمال انسحاب القوات الأميركية من العراق.
وعلمت «الجريدة» من مصدر في الوفد الإيراني الزائر، أن بزشكيان طلب من السوداني إحياء الوساطة العراقية مع واشنطن، في وقت تواجه طهران ضغوطا بسبب الاتهامات الغربية لها بإمداد روسيا بالصواريخ الباليستية لاستخدامها في حرب أوكرانيا.
ومع بدء زيارته للعراق، التي شملت توقيع عدد من الاتفاقيات، قال الرئيس الإيراني: «إننا في أمسّ الحاجة إلى تفعيل الاتفاقيات الأمنية مع العراق وردع الإرهاب والتعاون لمحاربة داعش، لأننا نريد عراقاً قوياً مستقلاً موحداً وأمةً تسودها الأخوة والهدوء».
وأضاف بزشكيان: «أتعهد بالالتزام بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها، وسأقوم بمتابعتها ونأمل من الجانب العراقي القيام بنفس الآلية، وسنعقد اجتماعات لصيانة هذه المعاهدات».
وأشار إلى أن «إسرائيل ترتكب أبشع جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد الفلسطينيين، بدعم من الحكومات الأوروبية، مما يكشف زيف ادعاءاتها بحماية حقوق الإنسان».
وأضاف: «الإسرائيليون يستخدمون الذخائر الأوروبية لارتكاب مجازر ضد الشعب الفلسطيني، ويطلقون كلمة الإرهاب على كل من يدافع عن نفسه».
توسع الصراع
في ختام مباحثاته مع بزشكيان، رفض السوداني توسعة الصراع في المنطقة وخرق سيادة الدول، في إشارة الى اغتيال زعيم «حماس»، إسماعيل هنية، في هجوم غامض بطهران قبل اكثر من شهر، داعياً المجتمع الدولي للقيام بمهامه القانونية ضد ما يحدث في غزة والمنطقة.
وشدد السوداني على «عدم السماح لأي جهة بارتكاب عدوان مسلح على إيران انطلاقاً من العراق»، مضيفاً أن بغداد تعمل على «ضبط الأوضاع الأمنية على الحدود الإيرانية من خلال لجان تم تشكيلها لمنع التهريب، والتي تنعكس سلبا على الأوضاع الداخلية للبلدين».
الربط السككي
وقال السوداني: «ماضون بأعمال الربط السككي والطريق البري مع إيران لنقل البضائع والمسافرين بخط البصرة - شلامجة، وإنشاء مناطق صناعية حدودية في محافظات واسط والبصرة وميسان، وتنفيذ بنود مذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها».
وفي سبتمبر 2023، أطلق البلدان «مشروع ربط البصرة - الشلامجة» للسكك الحديد، وهو خط سيربط المدينة الساحلية الكبيرة في أقصى جنوب العراق بمعبر الشلامجة الحدودي على مسافة أكثر من 32 كيلومتراً.
ولفت إلى أن المباحثات تناولت مشروع الطريق البرّي خسروي - المنذرية - بغداد، والعمل على إحالة المنفذ الحدودي في تلك المنطقة ليكون جاهزاً لهذا الخط الاستراتيجي المهم، مؤكداً دعم العراق لتوسعة التعاون الاقتصادي الإيراني مع دول المنطقة، وتوسعة الشراكات سننعكس إيجاباً على مستوى الاستقرار الإقليمي.
وأكد أنه «وقّعنا اليوم 14 مذكرة تفاهم في مجالات مختلفة ومتعددة، وستمثل مع مذكرات التفاهم الموقعة سابقا، خريطة عمل واعدة لتعزيز التعامل المشترك بين البلدين».
كردستان
وقبل زيارته لكردستان، التي نفّذت فيها إيران ضربات في السابق قائلة إنها قاعدة لجماعات انفصالية إيرانية وكذلك لعملاء إسرائيل، زار بزشكيان، الذي ينتمي الى العرقية الأذرية ويتحدث الكردية بطلاقة، الأماكن المقدسة في مدينتَي كربلاء والنجف، وأيضاً النصب التذكاري لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قُتل في هجوم أميركي عام 2020.
هجوم المطار
وقبل ساعات من وصول الرئيس الإيراني، وقع هجوم ليل الثلاثاء - الأربعاء على منشأة دبلوماسية أميركية في مطار بغداد الدولي من دون تسجيل إصابات.
وبعد ساعات من سماع دويّ انفجار داخل المطار، قالت السفارة الأميركية، في بيان مقتضب أمس، «عند الساعة 23:00 الثلاثاء 10 سبتمبر، وقع هجوم على مركز الدعم الدبلوماسي في بغداد، وهو منشأة دبلوماسية أميركية، ولحسن الحظ، لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، ونحن نقيّم الأضرار وسببها».
وقال مسؤول عراقي كبير إن «صاروخين من نوع كاتيوشا» سقطا «أحدهما على سياج مكافحة الإرهاب، والثاني في داخل قاعدة التحالف» الدولي الذي تقوده واشنطن.
من جهتها، قالت القوات العراقية إنه «لم يتسنّ لها معرفة حقيقة ونوع الانفجار، ولم تتبنّه أي جهة»، مؤكدة مع ذلك أن «حركة الطيران المدني طبيعية لجميع الرحلات».
واعتبر المتحدث باسم كتائب حزب الله، الموالية لإيران، جعفر الحسيني، أن «استهداف مطار بغداد في هذا التوقيت تقف خلفه أيادٍ مشبوهة، والغاية منه التشويش على زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد»، ودعا الحسيني «الأجهزة الأمنية إلى كشف المتورطين».
من جانب آخر، وبعد إعلان الولايات المتحدة ودول «الترويكا» الأوروبية فرنسا والمانيا وبريطانيا، فرض عقوبات على الطيران الإيراني، بسبب نقل صواريخ باليستية الى روسيا، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، إن طهران لم تنقل أي صواريخ، مضيفا أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ودول «الترويكا» الأوروبية على طهران ليست حلا.
وقال عراقجي، في منشور على منصة إكس: «مجددا، تتصرف الولايات المتحدة ودول الترويكا الأوروبية بناء على معلومات مخابرات خاطئة ومنطق معيب. لم تسلم إيران صواريخ باليستية لروسيا... العقوبات ليست حلا، بل هي جزء من المشكلة».
وبعد إحجامه عن نفي المعلومات الأميركية، عاد «الكرملين»، أمس، ونفى التقارير عن شحن إيران صواريخ إلى روسيا، قائلا إن المزاعم بشأن عمليات نقل الأسلحة المختلفة لا أساس لها من الصحة، فيما استدعت «الخارجية» البريطانية القائم بالأعمال البريطاني للاحتجاج.