كفل الدستور الكويتي، كبقية الدساتير، للإنسان الحق في الحصول على المحاكمة العادلة، وأن تكون الدولة مسؤولة عن توفيرها، سواء من خلال أجهزة التحقيق أو عبر المحاكم المختصة بذلك.

وممارسة حق الدفاع عن المتهمين إما أن تكون عبر دفاع مكتوب يتم تقديمه من المحامي عن المتهم، أو دفاع شفوي يقدمه المحامي بالترافع والشرح نيابة عن موكله، بهدف إقناع جهات التحقيق والمحاكم بالحجج والأسانيد التي يعرضها للوصول إلى طلب البراءة عنه، أو استبعاد التهم أو الشبهات التي قد تظهرها بعض التقارير الجنائية أو الإدارية الأولية بحقه.

Ad

ولذلك، فإن حق الدفاع يعدّ من الحقوق المرتبطة بشعور الإنسان بالتعبير عن مظلوميته وخلو ساحته من أي شائبة بالتعبير عنها على نحو مباشر، أو حتى عبر محاميه أمام الجهات المعنية بسماع تلك المظلومية، وفق اختصاصها.

وقد عهد المشرع الكويتي، وقبله الدستور، لجهات التحقيق والمحاكم بتلقي وسماع تلك المظالم باعتبارها المختصة بالفصل بها، وعليه، يتعين على تلك الجهات أن تؤمّن الضمانات التي تحقق للفرد أولاً الشعور والإحساس بتوافر حق الدفاع له وبأنه من الحقوق الأصيلة التي يتمتع بها، وأن تعمد إلى تحقيقها على أرض الواقع، من خلال تمكينه من التعبير صراحة عن مظلمته ودفاعه على نحو شفوي ومكتوب.

إلا أنه بالواقع العملي، وتحديدا من بعض المحاكم العليا التي تمنع المتهمين والمحامين من ممارسة حق الدفاع والترافع وبيان الخلل الذي يعتري الاتهام أو الادعاء، نرى أنها تكتفي بتسلّم مذكرات مكتوبة، لأنه ليس لديها وقت لسماع المرافعات الشفوية أو الحجج والأسانيد، رغم أنها محاكم وجدت لهذا السبب، وهو كفالة حق الدفاع وسماع مظالم الأفراد والفصل بها، مهما بلغت أعدادها وظروفها، طالما قيّدت كقضايا على نحو رسمي وأدرجت في سجلات المحاكم.

ومثل هذا الرفض لسماع حق الدفاع وتمكين المحامين من تقديمه، ولو على نحو شفوي، وفي المحاكمات الجنائية أو التجارية، يهدر الحق في الدفاع ويجعل من ممارسته أمرا صعبا، إذ لا يمكن للمحامي في المحاكمات الجزائية بيان الحجج والأسانيد التي تقف عليها مذكرة اعتراضه القانونية.

تمكين المتقاضين ودفاعهم على حد سواء في تقديم دفاعهم المكتوب والشفوي، يعد أحد صور ممارسة حق الدفاع الذي يتعين كفالته من جهات التحقيق والمحاكم، كما أن منع المحامين من الترافع أو البحث بطلبات الدفاع المقدمة منهم يمثّل إخلالا بتوفير حق الدفاع وتوفير المحاكمة العادلة، وإهدارا لأحكام الدستور والقانون من وجوب توفيرها.