وسط استياء من أدائها، لاسيما بعد الخلل الفني الأخير الذي عطل تقنياتها وأربك خدماتها ولا تزال تداعياته مستمرة حتى الآن، خرجت وزارة الصحة على المواطنين المتقاعدين أمس، ودون سابق إنذار، ببيان صادم أعلنت فيه وقف خدمات التأمين الصحي (عافية) عنهم، وبشكل فوري، متذرعة بإخلال الشركة المنفذة للتأمين بالتزاماتها التعاقدية، ما اضطر الوزارة ـ على حد تعبيرها ـ لفسخ التعاقد معها.
وتوعدت الوزارة، في بيانها، الشركة المعنية باتخاذ جميع الإجراءات القانونية، ومنها إقامة دعوى قضائية والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن إخلالها بالتزاماتها، إضافة إلى تفعيل البنود الجزائية المنصوص عليها في العقد، مبينة أنها خاطبت الجهات القانونية المختصة في البلاد، ومنها «الفتوى والتشريع» لبيان الإجراءات المختصة الواجب اتخاذها حيال تنصل الشركة من التزاماتها، ورفضها متطلبات تمديد العقد المبرم معها، بالمخالفة لأحكام هذا العقد.
وأعربت عن التزامها تجاه المواطنين المتضررين من إلغاء «عافية» بتوفير جميع خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والتخصصية لهم، سواء التشخيصية أو العلاجية أو التأهيلية في جميع منشآتها الصحية، ومنحهم الأولوية، إلى جانب الفئات المستحقة، مع الالتزام بالنصوص التشريعية المعمول بها في البلاد.
وفي أول رد فعل على قرار «الصحة» أكدت عضو مجلس الأمة السابق د. جنان بوشهري أن «وزارة الصحة تمارس التضليل في بيانها بشأن تأمين عافية، فالتعاقد ينتهي 16 الجاري أي بعد 4 أيام، والأصل أن تطرح المناقصة الجديدة قبل نهاية العقد بستة أشهر، وليس الذهاب إلى الاستثناء وهو التمديد».
وقالت بوشهري، في تغريدة على منصة إكس: «لو كانت الوزارة حريصة على تطبيق القانون وخدمة المتقاعدين لباشرت إجراءات الطرح الجديد مبكراً، إلا أنها لا تملك الشجاعة لمواجهة الشارع بنواياها لإلغاء قانون عافية، فسلكت مسلك التضليل ورمي مسؤولية إخفاقها على الآخرين».
بدورها، تساءلت مصادر صحية عن قدرة الوزارة على تقديم الخدمة لنحو 200 ألف شخص إضافي بعد أن كانوا 130 ألفاً عام 2019، كانوا يستفيدون من خدمات «عافية»، في وقت تواجه هي نفسها تحديات عديدة وصعوبات، أبرزها خلل أنظمتها الذي اضطرها لتحويل أعمالها إلى ورقية مرة أخرى.
أما المتقاعدون المتضررون من إلغاء الخدمة، فتساءل عدد منهم عن مصير مراجعاتهم، خصوصاً أن أغلبهم من كبار السن وذوي الأمراض المزمنة كالقلب والسكري وارتفاع الضغط وغيرها، معتبرين أنه كان حرياً بالوزارة أن تمدد العقد أو تبحث عن شركة أخرى قبل الموعد بفترة كافية، لا أن تبادر ببيان تعلن فيه وقف العمل بالتأمين الصحي اعتباراً من تاريخ نشر هذا البيان.
واستغرب المراجعون والمرضى إيقاف الخدمة بشكل فوري، خصوصاً أن عدداً منهم لديه مراجعات ومواعيد لعمليات جراحية حصلوا عليها منذ أيام حتى الاثنين المقبل، قبل أن تعلن الوزارة إيقاف العقد مع الشركة المنفذة.
وفي وقت لاحق مساء أمس، أصدرت الشركة المعنية، وهي مجموعة الخليج للتأمين، بياناً أوضحت فيه ملابسات تتعلق بمستجدات فسخ العقد مع الوزارة، مؤكدة أنها التزمت ببنوده منذ أكتوبر 2016 عبر تقديم أفضل الخدمات التأمينية.
وقالت المجموعة، في بيانها، إنها فوجئت أمس بتسلمها كتاباً من وزارة الصحة تبلغها فيه بقرار فسخ العقد بشكل فوري، رغم إرسال الشركة أمس وقبل ذلك كتباً للوزارة تفيد بـ «تأكيد موافقتنا السابقة على تمديد العقد مدة 6 أشهر اعتباراً من تاريخ 16 سبتمبر 2024 رغم تحمل الشركة لأعباء مالية جسيمة جراء إضافة فئة ربات البيوت الصادرة بتعديل قانون لاحق للعقد المبرم سنة 2022».
وأكدت رغبتها وقدرتها على الاستمرار في تقديم التغطية التأمينية لجميع المشمولين في برنامج عافية، مع تأكيدها على التعاون مع الوزارة للحفاظ على مصالح جميع الأطراف المعنية وخدمة المواطنين والمواطنات المشمولين بالبرنامج، «حرصاً منها على المصلحة الوطنية تحت قيادة صاحب السمو أمير البلاد وحكومته الرشيدة».
وكانت «الجريدة» أجرت، عقب صدور بيان «الصحة»، عدة محاولات للاتصال بعدد من مسؤولي «الصحة» لاستيضاح بعض ملابسات ما ورد في بيانها، ومعرفة مصير المرضى الذين لديهم مواعيد بعمليات أو مراجعات مهمة، قبل انتهاء فترة التعاقد في 16 الجاري، غير أن أحداً منهم لم يرد.
جدير بالذكر أن قيمة عقد تقديم خدمات التأمين الصحي للمواطنين المتقاعدين «عافية» تبلغ 354 مليوناً و564 ألفاً و384 ديناراً منذ تاريخ 16/9/2022، ولمدة عامين، وبذلك ينتهي التعاقد 16 الجاري.وفي تفاصيل الخبر:
أعلنت وزارة الصحة توقف خدمات التأمين الصحي على المواطنين المتقاعدين (عافية) اعتباراً من أمس، لفسخ التعاقد مع الشركة المتعاقدة المنفذة للعقد «لإخلال الشركة بالتزاماتها».
وقالت الوزارة، في بيان صحافي، إنها ستتخذ كل الإجراءات القانونية ضد الشركة المعنية، ومنها إقامة دعوى قضائية والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن إخلالها بالتزاماتها التعاقدية، إضافة إلى تفعيل كل البنود الجزائية المنصوص عليها في العقد.
وأوضحت أنه بالإشارة إلى القانون رقم 114 لسنة 2014 بشأن التأمين الصحي على المواطنين المتقاعدين والقانون رقم 71 لسنة 2023 بشأن إضافة شرائح جديدة للخدمات التأمينية، ونظرا لعدم قدرة الشركة المنفذة للتأمين على الالتزام بمتطلبات تمديد عقد (عافية 3) ورفض الشركة الالتزام بالاستمرار بذات الشروط والأسعار السابقة دون زيادة، وامتناعها عن مسؤوليتها التعاقدية وإخلاء الشركة المنفذة للعقد لمسؤوليتها عن نقص الغطاء التأميني والضمانات من قبل معيدي التأمين، تم فسخ التعاقد.
وأضافت أنها قامت بمخاطبة الجهات القانونية المختصة في البلاد، ومنها «الفتوى والتشريع» لبيان الإجراءات القانونية المختصة الواجب اتخاذها حيال تنصّل الشركة من التزاماتها التعاقدية ورفضها لمتطلبات تمديد العقد بالمخالفة لأحكام العقد المبرم.
وأكدت الوزارة للمواطنين الذين شملتهم خدمات التأمين الصحي «عافية» التزامها بتوفير كل خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والتخصصية لهم، سواء التشخيصية منها والعلاجية والتأهيلية في جميع منشآتها الصحية، وتلتزم بتقديم الأولوية لهم ولكل الفئات المستحقة، مع الالتزام بالنصوص التشريعية المعمول بها في البلاد.
وشددت على ضرورة تقديم كل خدماتها الشاملة وفق معايير الجودة والسلامة وضمان الوصول إليها بسهولة ويسر.
تداعيات القرار
في المقابل، أبدت مصادر صحية متابعة استغرابها من لجوء وزارة الصحة الى قرارها بوقف خدمات «عافية»، اعتباراً من أمس، بالرغم من أن العقد معها ينتهي يوم 16 الجاري، واعتبرت المصادر أنه إذا كان ثمة ملاحظات للصحة على التزامات الشركة، فكان يجب حسمها قبل فترة كافية لا تقل عن 6 أشهر من انتهاء فترة التعاقد، ليتسنى التعاقد مع جهات أخرى، لا أن يصار الى إيقاف الخدمات الصحية للفئات المستفيدة من تأمين «عافية» بشكل فوري، خصوصا أن عددا منهم لديه مراجعات وعمليات جراحية حصلوا على مواعيد لها منذ أيام، وقبل أن تعلن وزارة الصحة إيقاف العقد مع الشركة المنفذة.
وتساءلت مصادر صحية مطلعة عن قدرة وزارة الصحة على تقديم الخدمة لأكثر من 200 ألف شخص «إضافي»، مستفيدين من خدمات التأمين الصحي «عافية»، في الوقت الذي تواجه الوزارة عددا من التحديات والصعوبات، أبرزها تعرض أنظمتها لخلل فني وتحويل بعض أعمالها للمعاملات الورقية، وهو الخلل الذي لا يزال قائما حتى الآن.
وتساءل عدد من المتقاعدين المتضررين من إلغاء العقد، عن مصير مراجعاتهم، خصوصا أن عددا كبيرا منهم من كبار السن وذوي الأمراض المزمنة كالقلب والسكري وارتفاع الضغط، وغيرها من الأمراض التي تصيب المسنين، وكان حريًّا بالوزارة أن تمدد العقد أو تلغيه وتبحث عن شركة أخرى قبل الموعد بفترة كافية، لا أن تبادر ببيان تعلن فيه وقف العمل بالتأمين الصحي اعتبارا من تاريخ نشر البيان الصحافي.
واستغرب المراجعون والمرضى إيقاف الخدمات الصحية للفئات المستفيدة من تأمين «عافية» بشكل فوري، خصوصا أن عددا منهم لديه مراجعات وعمليات جراحية حصلوا على مواعيد لها منذ أيام، قبل أن تعلن وزارة الصحة إيقاف العقد مع الشركة المنفذة.
وتساءلوا: هل ستتابع الوزارة الحالات الحرجة، والتي لديها مواعيد مسبقة في مستشفيات القطاع الخاص، سواء من الذين ستجرى لهم عمليات جراحية أو أولئك الحاصلين على مواعيد للعيادات الخارجية؟
كما تساءل بعض المتقاعدين، كذلك، عن ضمانات عدم قيام المستشفيات الخاصة بالعودة إليهم ومطالبتهم بدفع جميع التكاليف المستحقة نظير الخدمات الطبية التي حصلوا عليها، لاسيما أن المتقاعدين يوقّعون، عند كل إجراء طبي أو فحص أو تحليل، على تعهّد بسداد المبالغ المتعلقة بهذا الإجراء في حال لم يتم السداد من قبل تأمين عافية لهذه المبالغ.
40 ألف مستفيد جديد من 3 فئات
أعلنت وزارة الصحة، مطلع مارس الماضي، تفعيل البطاقة التأمينية للشرائح المستفيدة الجديدة، وهي 3 فئات وفقا للقانون 71 لسنة 2023، والشرائح التي تسري عليها أحكام القانون 71 لسنة 2023 بعد تعديل المادة 2 من القانون الأسبق 114 لسنة 2014 تضم المواطنين المتقاعدين المسجلين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمرأة الكويتية المتزوجة الخاضعة لقانون المساعدات العامة، والأرملة الكويتية الخاضعة لقانون المساعدات العامة، أو الأرملة الكويتية التي تتلقى نصيبها من زوجها المتوفى، وفقا لقانون التأمينات الاجتماعية وبلغت 50 سنة ميلادية، والمطلقة الكويتية الخاضعة لقانون المساعدات العامة ولا يقل عمرها عن 50 سنة.
وأشارت وزارة الصحة، حينذاك، إلى أن الشرائح الجديدة المضافة المستفيدة من هذا القانون يتجاوز عددها الـ 40 ألف مستفيد يتمتعون بتغطية تصل إلى 15500 دينار تشمل 1500 دينار تغطية لعلاجات الأسنان، أما خدمات العيادات الخارجية فتصل التغطية فيها إلى 4 آلاف، بينما تصل تغطية خدمات أقسام الحوادث ودخول المستشفى إلى 10 آلاف.
الوزارة تتجاهل اتصالات الجريدة• |
قامت «الجريدة» بالاتصال بعدد من مسؤولي وزارة الصحة من المسؤولين عن ملف التأمين الصحي للمتقاعدين، لتطرح عليهم التساؤلات التي تهم هذه الفئة، والبالغ عددهم أكثر من 200 ألف مستفيد، لكن أحدا منهم لم يرد على اتصالات «الجريدة»! يذكر أن عقد تقديم خدمات التأمين الصحي للمواطنين المتقاعدين «عافية» بلغت قيمته 354 مليونا و564 ألفا و384 دينارا منذ تاريخ 16/ 9/ 2022 لمدة عامين، والذي ينتهي بتاريخ 16 الجاري. |