تمر عليك أوقات وظروف تشعر فيها بضغط بل ضغوط هائلة في تعدد المسؤوليات، من المهام الروتينية إلى الأخرى المستجدة! ثم خططك التي قد تُلغى، وأهدافك التي تبدو أبعد، وتشعر باختناق، مع حاضرك المشحون الذي يفقدك التركيز ويسلب أي فسحة للتنفيس، وعندما نمر بهذه الأوقات العصيبة نحتاج إلى «الفضفضة» وقد تحصل دون وعي منا، بين أحاديثنا، وفي أوقات ربما ليست مناسبة.

إن المراحل الحرجة والتحديات أمر لا مناص منه، فالحزن ضيف يزور كل الناس دون ميعاد! ورغم اختلاف حجم التحدي ومدى صعوبته فإنه يؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة، فحتى طالب المدرسة يجد في فترة الاختبارات أزمة، وحالة مزاجية متعبة ينتظر الخروج منها.

Ad

وفي هذه الظروف المرهقة يبحث المرء عمن يشكو له ضيق صدره، ويتخفف من أحماله، وينشد الدعم، إلا أن بعض الناس يخطئون خطأ فادحا عندما ينتهجون أسلوبا «استخفافيا» بالمشكلة أو الحالة! إنهم يظنون حين يقولون لصاحب المشكلة «اصبر كل الناس عندهم مشاكل، تحم لإنها الدنيا!» يظنون خطأ أنهم هوّنوا على صاحبهم وأنهوا الموضوع! وهذا ظن سطحي للغاية، عديم الذوق، ويفتقر للذكاء العاطفي!!

هل تظن أنك عندما اختصرت الرد بهذه العبارات فإنك حللت أزمة صاحبك؟ أو على الأقل أتحت له المجال «للفضفضة» أو أشعرته باهتمامك؟ هل تعتقد أنه لا يعلم أن الحياة متعبة والجميع يكدح فيها؟ أظننته يجهل أن الشدائد لا تدوم؟ إن صاحب الهم لا يبحث عن حلول، ولا عن بدهيات، إنه يبحث عن مستمع مراعٍ جدير بالثقة يشاركه الموضوع ويتفهم وضعه ويبدي حرصه، يثني على صبر صاحبه ويرفع معنوياته، يذكره برحمة الله ويحثه على الدعاء، يريه الجانب الآخر من المشكلة ويحوّل نظره وتفكيره وشعوره! الردود المختصرة مغلقة دائما، وتوحي بملل المستمع أو لا مبالاته!

الهم يرهق صاحبه، فتخيل أن يأتيك صديق أو قريب ليشكو لك همه، فتقابله ببرود موقفك؟ إنك تزيد همه وترهقه أكثر! فبدلا من أن يجد الراحة، يكبر ألمه ويتواصل تعبه! وهنا قد تحصل إعادة لترتيب العلاقات والمقامات، فمن لا يشعر بألمك لن تعده حبيبا ولا قريبا، ولو تأملنا واقع الحياة لأدركنا أن صاحب الشكوى أو القضية عادة ما تتملكه، وإن جاء يفضي إليك فاستمع باهتمام، وتلطف في المقال، أو اقبل تغيير المقام.