زبدة الهرج: تفهمون أو ما تفهمون؟
من طرائف حكايات جحا أنه دخل ذات يوم المسجد لأداء صلاة الجمعة، ولسوء حظه غاب الإمام عن خطبة الجمعة فتشاور المصلون فيما بينهم من أفقه وأفصح رجل في المسجد ليحل مكان الخطيب فلم يجدوا أفصح من جحا، فطلبوا منه أن يخطب بهم، وبعد محاولات حثيثة اقتنع جحا، واعتلى المنبر، وبدأ خطبته دون مقدمات، فقال للمصلين بصوت عال: هل أنتم تفهمون؟ فردوا: نعم نفهم، فقال لهم جحا إذاً لا حاجة لي أن أفهمكم، ونزل عن المنبر وهَمّ بالخروج، فأمسك به المصلون وقالوا له يا جحا تعوذ من الشيطان لا تخلينا احنا ربعك وما عندنا غيرك، فاقتنع وعاد ليخطب بهم، وصاح بهم بصوت عال: أنتم تفهمون؟ فرد المصلون بصوت واحد: لا، ما نفهم، فقال لهم إذاً ابحثوا عمن يفهمكم، ونزل مرة أخرى عن المنبر، وأمسك به المصلون، وقالوا له: يا جحا إيش هذه الخطبة تفهمون وما تفهمون، تكفه يا جحا، على الله ثم عليك خل اليوم يعدي على خير.
وبعد أن ترجوه وافق وعاد وخطب بهم، وقال بصوت عال: أنتم تفهمون؟ وكررها عليهم أكثر من مرة والمصلون ملتزمون الصمت، وهم في حيرة، يعني (ابتلشوا) بعد ذلك قرروا أن ينقسموا إلى نصفين جزء قال نفهم، والجزء الآخر قال ما نفهم، فرد عليهم جحا: خلوا اللي يفهمون يفهموا اللي ما يفهمون، وغادر بلا عودة، وترك المصلين خلفه وهم في حيرة.
بعض المستشفيات الخاصة التي تملك مباني ضخمة وفخمة طبقت خطة جحا «تفهمون وإلا ما تفهمون» ونفذت فكرة مشروع سعد في مسلسل درب الزلق (تفتح مطعم باچه وجنبة خباز كنه ما هو لك) فتلك المستشفيات الخاصة التي أغلب زبائنها من المتقاعدين الذين يحملون بطاقة عافية فيها مواقف سيارات ليست مجانية، وكذلك خدمة إيقاف للسيارات بمبلغ وقدره ديناران، وعندما يستفسر المراجع عن المواقف يقولون هذه شركة ليست تابعة للمستشفى، السؤال كيف يتم ترخيص مبنى لمستشفى كبير دون مواقف للسيارات، وأضف إلى أن الكل يعلم أن المستشفيات الخاصة هي من تتحمل قيمة المواقف كونها تأخذ من المراجع مبالغ باهظة، ولا تكون كالمنشار طالع واكل نازل واكل.
ثم أما بعد:
على المسؤولين في الدولة أن يلزموا المستشفيات الخاصة بتوفير مواقف مجانية للمراجعين أو تلغي الحكومة تأمين عافيه وتستبدل به مبلغ خمسة آلاف دينار سنوياً لكل متقاعد أوفر على ميزانية الدولة وأنفع للمتقاعد.