لا أعرف الأسباب الفعلية لتوقف خدمة التأمين الصحي عن معالي السادة المتقاعدين والسيدات المتقاعدات وربات البيوت حفظهم الله ورعاهم، والذين يبدو أننا لن نستطيع لا نحن ولا الأجيال القادمة الخروج عن جزاهم لقرون قادمة بفضل جهودهم الجبارة في بناء دولة الكويت الحديثة التي يرفل الجميع اليوم بعزها وبسلاسة إجراءاتها الحكومية وانعدام الفساد الإداري والمالي فيها والحمد لله والمنة، لكن الأكيد هو أن خدمة عافية التي كلفت الدولة مئات الملايين وربما المليارات من الدنانير لسنوات لم يكن لها داعٍ من الأساس.

الحكومات المتعاقبة عجزت عن إصلاح النظام الصحي في البلاد الذي كان ومازال يتميز بجودة التطبيب وحداثة الأجهزة مع سوء الإدارة التي أضاعت قيمة ما قبلها وهو الأهم، فرثاثة المستشفيات الحكومية وتباعد المواعيد وانعدام التواصل بين المرضى والأطباء وغيرها من التراكمات زادت من حجم الاستياء والتذمر على خدمات وزارة الصحة، فأصبحت قضية حقيقية لم تسلم من المزايدات على ظهرها من نواب الزمن الغابر، وعوضاً عن إجراء النقاشات الجادة والدراسات العميقة بحثاً عن الحلول لتحسين الخدمات الطبية في البلاد وتطويرها، ارتأى الجميع القفز إلى الأمام بالتراضي أو بالتواطؤ فأقروا عافية التي أحدثت تمايزاً في المراكز القانونية وعدم مساواة بين المواطنين في الخدمات الطبية، ودافعاً من جهة أخرى للتقاعد لدى البعض ووسيلة للتلاعب ومنشأ للوساوس المرضية، مع بقاء المرافق والخدمات الحكومية على حالها.

Ad

لا داعي لإعادة اختراع العجلة أو أي شيء آخر موجود وناجح ومجرب، فإما السعي لإصلاح النظام الطبي بجدية واحترافية والنظر بحال مرافق وزارة الصحة لتحتوي جميع المواطنين تحت مظلتها دون تفرقة، مع ضرورة إعادة النظر بهذه المناسبة في قرار السماح لبعض الأطباء بالعمل في الحكومة والقطاع الخاص بذات الوقت مع استلام الراتب من هنا وحلب عافية من هناك مما أدى بالضرورة لتعارض مصالح وعدم الرغبة في التطوير على حساب صحة المواطنين، أو التوقف نهائياً عن الصرف الباذخ على جبهتين والاكتفاء بالرقابة الحكومية الصارمة بعد خصخصة المستشفيات والمرافق ومن ثم التأمين على كافة المواطنين بما يحقق العدالة والمساواة وتقليل المصاريف، وليحفظ الله ويعافي الجميع.