الرياضة صناعة
العقلية التي تدار فيها الرياضة العربية أكل عليها الزمن وشرب إلا من ثلاث دول قطر والإمارات والسعودية، أما البقية فبينها وبين مهنة صناعة الرياضة سنوات طويلة.
عندما استضافت قطر كأس العالم الأخيرة استطاعت أن تبهر العالم في كفاءة التنظيم بحيث لم يكن هناك مجال للمصادفة، والملاحظة الوحيدة كانت حول المردود المالي مقابل حجم المبالغ التي صرفتها حكومة قطر، لكون الرياضة لم تعد للترفيه فقط، بل إنها دخلت ضمن مفاهيم الاستثمار والنظم الاقتصادية الحديثة.
الرياضية في الكويت تحظى برعاية خاصة ودعم كبير من قبل الدولة إلا أن القائمين عليها يتذمرون من ضعف الموارد المالية، ومع ذلك وفي المقابل نجدهم يقاتلون من أجل الوصول لمجالس الأندية والاتحادات الرياضية، وهي معادلة لم أستطع فهمها إلا من بابها السياسي، وأن هناك ممارسات تحدث في الدهاليز لا يعرفها إلا من دخل أوكارها.
مباراة منتخب الكويت مع منتخب العراق نجحت جماهيرياً، والفضل يعود للعقلاء من خلال تسهيل دخول الجمهور العراقي، وحسن استقبال الشعب الكويتي لهم، وأيضاً إلى احترام الجمهور العراقي للقوانين والتزامهم بالأخلاق الرياضية، أما التنظيم داخل الملعب فمتروك تقييمه لمن حضر المباراة وهو كاف.
لمن يحاول مقارنة تنظيم مباراة الكويت مع العراق ببطولة الخليج الأخيرة أقول لهم إن الإدارة التي نظمت مباريات كأس الخليج في البصرة لا تختلف كثيراً عن العقلية ذاتها، حيث الأخطاء التنظيمية التي ارتكبت بدءاً من الوصول إلى استاد النخلة، حيث انعدام المواقف والنقل الجماعي، فكان أقرب موقف يبعد عن الملعب ثلاثة كيلومترات، ومن حجز عن طريق موقع الاتحاد العراقي لم يستطع الوصول إلى الملعب، ومن وصل بسلام وجد شخصا آخر جلس عليه قبله من دون تذكرة، وإن كان هناك فضل لنجاح تلك البطولة فهو يعود لأبناء محافظة البصرة والتسهيلات التي قدمتها الحكومة العراقية لدخول المشجعين الخليجيين واعتدال الجو.
استاد جابر يمكن أن يكون ملعباً مسانداً وفي الأجواء المعتدلة، أما في فصل الصيف الحار فلا يصلح لإقامة المباريات، فهو أشبه بالفرن، وما زاد الطين بلّة أن الاتحاد لم يكلف نفسه باتخاذ التدابير اللازمة والضرورية للتخفيف من آثار ارتفاع درجات الحرارة على الجمهور، رغم تعاون الجمهور معهم والتزامه بالروح الرياضية.
عندما نقول إن العقليات الإدارية لا تفكر خارج الصندوق، رغم أن ارتفاع درجات الحرارة المرتفعة لم يكن بالمفاجأة، وكان بإمكان الاتحاد اتخاذ بعض الإجراءات الضرورية كتوفير المياه المبردة وتوزيع مراوح يدوية على الجمهور أو تركيب وحدات تكييف صحراوية بين المدرجات على أقل تقدير.
حل الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية ومجالس إدارات الأندية وتعديل القوانين الرياضية لم يعد مطلباً جماهيرياً بقدر ما هو حاجة لتطوير الرياضة وإدخالها ضمن مشروع التنمية المجتمعية من خلال الاستفادة من الطاقات الشبابية والمواهب الرياضية والعناية بها.
عن نفسي أشعر بالحسرة ليس على حال الرياضة في الكويت، ولكن على حال الرياضيين وأصحاب التخصصات الأكاديمية لصمتهم الطويل وعدم تبنيهم وإيصال متطلبات تطوير الرياضة للقيادات في الدولة، فحتى اللقاءات التي يجرونها تخلو من الفكر الرياضي التنموي، ودائماً ما تظهرهم في عقلية سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ودمتم سالمين.