دخلت الوساطة التركية بين إثيوبيا والصومال مرحلة من الغموض، مع التصعيد المتواصل الذي تشهده المنطقة، والذي تسارَع بعد اعلان مصر إرسال شحنة أسلحة إلى مقديشو، وهو ما اعتبرته إثيوبيا خطوة موجهة ضدها، وردّت عليها بإجراءات عسكرية في محافظات حدودية مع الصومال.
ونقلت تقارير اعلإمية عن مصادر مطلعة على المفاوضات، أن الجولة الثالثة من الحوار بين اثيوبيا والصومال في تركيا، والتي كان مقرراً ان تُعقد غدا أجّلت دون تحديد موعد جديد.
وأفادت المصادر بأن التأجيل هو قضية تقنية مرتبطة باستعدادات المسؤولين في الدول الثلاث للسفر الى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن مصادر سياسية لفتت الى أن قواعد اللعبة تغيرت، بعد دخول مصر على الخط، خصوصاً أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أجرى زيارة لتركيا قبل نحو 10 أيام، وكان هناك توافق في الرؤى بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن ما يجب القيام به في الصومال.
وكان تقرير لوكالة بلومبرغ افاد قبل أيام بأن تركيا تجري محادثات مع الصومال لإنشاء موقع لاختبار إطلاق الصواريخ البالستية، في أحدث علامة على دور أنقرة المتزايد في الدولة الواقعة في القرن الإفريقي.
وتستضيف مقديشو أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج، وتم إنشاء هذه القاعدة التي تبلغ تكلفتها 50 مليون دولار عام 2017، ولديها القدرة على تدريب أكثر من 10000 جندي. كما وقّع البلدان العديد من الاتفاقيات في الأشهر الماضية، بما في ذلك اتفاقية التعاون الدفاعي والأمني في فبراير، واتفاقية التعاون في مجال الطاقة البحرية خلال مارس. وفي يوليو المنصرم، وافق البرلمان التركي على اقتراح رئاسي للسماح للقوات المسلحة التركية بإرسال قوات بحرية إلى الصومال لمدة عامين كجزء من اتفاقية الدفاع المشترك.
ولم تسفر جولتان من المحادثات في أنقرة بوساطة تركية عن انفراجة بشأن التوتر بين أديس أبابا ومقديشو حول مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم صوماليلاند (أرض الصومال) الانفصالي، والتي ستحصل بموجبه على منفذ الى البحر الأحمر وقاعدة على خليج عدن، مقابل اعترافها باستقلال الاقليم الذي لا يحظى باعتراف دولي منذ إعلانه الاستقلال في تسعينيات القرن الماضي.
وقال وزير الخارجية الصومالي، أحمد فقي، في مقابلة تلفزيونية، إن بلاده لن تتورط في مسار تفاوضي عقيم مع إثيوبيا، وانه إذا لم يتحقق اختراق في الجولة القادمة من المحادثات، فإن الصومال سيتخذ قرارا بعدم إضاعة المزيد من الوقت، مشيرا إلى أن أديس أبابا ترفض التحكيم وفق قانون البحار التابع للأمم المتحدة، وتطالب بوجود مستدام ومستمر في المياه الصومالية.
وكشف فقي أن إثيوبيا طلبت وساطات من قطر، والسعودية، وكينيا ودول أخرى، رغم استمرار مسار أنقرة، وهو ما يعكس غياب رؤية واضحة لديها بشأن هذا الملف.
وقال إن على القوات الإثيوبية مغادرة أراضي الصومال بنهاية تفويضها هذا العام ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية، مشيرا الى أن بقاء هذه القوات بعد نهاية عام 2024 سيُعتبر احتلالا عسكريا، وسيتعامل معه الصومال بكل إمكاناته المتاحة.
وأكد أن التعاون مع الجبهات الانفصالية المسلحة داخل إثيوبيا يظل خيارا مفتوحا أمام الصومال، إذا استمرت أديس أبابا في تعنتها ونهجها العدواني ضد سيادة الصومال وتدخلاتها الداخلية في شؤون البلاد.
وأشار إلى أن مقديشو لا تفكر حاليا في هذا الخيار، وأن انهيار الدولة الإثيوبية ليس في مصلحة منطقة القرن الإفريقي.
وذكر أن إثيوبيا لا تسعى للحصول على موانئ فقط، بل تنوي السيطرة على الأراضي وضمها لسيادتها، لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، طلب عقد محادثات مباشرة مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، لكن الأخير رفض ذلك.
واتهم فقي إثيوبيا بأنها لم تسهم في تحقيق الأمن بالمناطق التي توجد فيها عسكريا داخل الصومال في 4 محافظات، هي هيران، وباي، وباكول، وغدو، بل تؤدي سياسة الاحتواء وخلق مناطق معزولة ومتفككة.
وقبل أيام، صرح وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية، علي عمر، بأنه لا توجد قوات عسكرية مصرية حاليا في الصومال، لكنها ستوجد قريبا للمساعدة في تدريب القوات الصومالية وإعادة بناء الجيش.
وكشفت وسائل إعلام صومالية، الأربعاء الماضي، عن استيلاء القوات الإثيوبية على مطارات رئيسية بمحافظة غدو بولاية غوبالاند جنوب الصومال، بما في ذلك لوق ودولو وبارديري.