في الصميم: جمهوريات فاشلة
الدكتاتور الجنرال فرانشيسكو فرانكو، اكتفى بلقب «الكوريللو» أي القائد، فرانكو حكم إسبانيا منذ عام 1939م إلى عام 1975، أي حتى مماته، حكمها باستبداد وتفرد، وأنشأ «الكاتزر» وهو البرلمان الإسباني، فعين كل أعضائه، فكانوا مجرد ديكور، كان لا يطيق أن يعارضه أحد، فنفى، خلال حكمه، أكثر من نصف مليون مواطن، وملأ سجونه بمعارضيه، وقيل إنه أعدم أكثر من 250 ألفاً من شعبه.
عاش فرانكو، ككل الطغاة، معزولاً عن شعبه، معتقداً أنه مبعوث العناية الإلهية، إلا أن خاتمة حياته كانت خيراً على شعبه وبلاده، فقبل وفاته بخمس سنوات، عاد إليه صوابه عندما اكتشف فشله في إدارة بلده، فأصدر إعلاناً دستورياً يصبح بموجبه، الأمير خوان كارلوس خليفة له وملكاً على عرش إسبانيا، وهذا فعلاً ما حصل.
إلا أن زعماء بني يعرب أمرهم مختلف ولا يمكن إزاحتهم إلا بانقلاب أو اغتيال، فصدام حسين، وبعد عدة انقلابات دموية وحشية على الملكية الهاشمية، أصبح رئيس الجمهورية العراقية، ولم يكتف بذلك، فلُقِّبَ بالفارس، والرفيق، والمناضل، والرئيس، والقائد، وبطل التحرير، والمجاهد، والقدوة، وباني العراق، وصانع النصر، ورجل السلام، ولكن تهوره ودكتاتوريته أديا إلى سقوط بلده في أحضان الغزاة، وتحوّل العراق الذي كان أغنى وأقوى بلد عربي إلى دويلة فاشلة تحكمها ميليشيات مسلحة ولاؤها للخارج.
أما معمر القذافي الذي انقلب على مليكه الورع إدريس السنوسي، ليكون إبليساً على بلده، فصنع لنفسه جماهيرية تعيسة، ولقّب نفسه بملك ملوك إفريقيا وإمام المسلمين، وقائد الثورة، ورئيس الاتحاد الإفريقي، وعميد الحكام العرب، وتسببت رعونته هو الآخر في سقوط ليبيا بأيدي أمم طامعة فيها، ولتتحول من دولة نفطية غنية إلى دويلات متناحرة على السلطة.
السودان قُسّم وهو في انتظار مزيد من التقسم بسبب حسن البشير الذي فضّل انفصال الجنوب السوداني عن بلده مقابل الحفاظ على حكمه، وها هو السودان سلة الغذاء العربي فقيراً ومفككاً، أهله يرحلون من مكان إلى آخر خوفاً على حياتهم، أما سورية فقد قُسّمت فعلياً بين دول وأحزاب وأصبح مصيرها بيد غيرها، مقابل أن يبقى بشّار رئيساً عليها.
انقلابات بني يعرب حولت بلادهم إلى بؤر للفساد، وسجن كبير لكل صاحب رأي، أصبحوا أسوأ من فرانكو الإسباني، لفشلهم في إدارة حكم بلادهم، ولتكالبهم على النهب والسلب، ولانشغالهم بتحويل جمهورياتهم إلى ممتلكات وراثية، أصبحت عبئاً على شعوبها التي تتمنى أن تعود لها الملكية بصيغة متطورة وحضارية، كما حدث في إسبانيا الملكية التي أصبحت بلداً صناعياً متطوراً، ينعم شعبها بالحرية والديموقراطية، ورغد العيش.
طبعا إيران ليست بأفضل حال.
فهل بين بني يعرب من «كورللو» فيفعلها كما فعلها فرانكو؟ وليعيدوا ما سلبوه من عروش؟