في النفس غصة
خلال ممارستي لكتابة المقالات الصحافية لما يزيد على 40 عاماً، لإيماني بأهمية دور الصحافة والإعلام في كشف الأخطاء والممارسات الخاطئة التي يمارسها بعض المسؤولين في الجهات الحكومية وكتابة أكثر من 500 مقال في مجال الإدارة والتنمية الإدارية والبشرية والقضايا الاجتماعية، لم أجد تجاوباً من المسؤولين الحكوميين في معظم الجهات التي تم انتقادها أو إبداء بعض الملاحظات حول أدائها أو اقتراح بعض الأنظمة أو المقترحات لتحسين أدائها، وكأن هذه المقالات والانتقادات الموضوعية والموجَّهة لهذه الوزارات والجهات والمؤسسات والهيئات والإدارات الحكومية لا تعنيها، ولا تحرِّك واجب وضمير المسؤولين والقيادات الإدارية فيها.
وللعدل والإنصاف، فإنه خلال الـ40 السنة الماضية، فقط الوزير السابق د. محمد الفارس هو المسؤول الحكومي الوحيد الذي تابع موضوع «المدربين والمتقاعدين»، من خلال إرسال نسخة من المقال لرئيس ديوان الخدمة المدنية فقط، والذي لم يعقب المسؤولون بالديوان عليه!
أما باقي الوزراء والقيادات الإدارية والمسؤولين في الجهاز الحكومي، فلم أشعر بأي تجاوب منهم، رغم تكرار بعض الملاحظات في عدة مقالات، وبأوقات متفرقة، وكأنهم في سبات عميق.
ومما يزيد الإنسان ألماً وحسرة، هو تجاوب المواطن البسيط مع هذه المقالات، والإشادة بها عند اللقاء به، سواءً في المؤتمرات، أو الدواوين الأسبوعية، أو في الأسواق.
وعزاؤنا الوحيد هو تجاوب بعض المثقفين ومشاركة بعض الأكاديميين في دعم وتأييد معظم المقالات التي يتم طرحها والقضايا التي يتم تداولها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وإن كان بعضها للمجاملة أحياناً.
وإنني أعتب على الجهات الرقابية الإدارية والتنظيمية والقانونية والمالية الرسمية، لعدم التفاعل مع هذه المقالات والملاحظات والانتقادات والمقترحات ومتابعتها، لتفعيلها، وللوقوف على مدى دقتها، لتصحيح الأخطاء والممارسات المغلوطة من منطلق المسؤولية، وبهدف إرساء العدل والمساواة والموضوعية والنزاهة والشفافية، وتصحيح الأداء الحكومي بشكل عام.
على المستوى الشخصي، وبعد هذا العُمر والخبرة والممارسة العملية والمهنية، فإنني أثق فيما أكتبه، ولا أريد الدعم أو تأكيداً أو تأييداً لما أكتبه في مقالاتي، ولا أستجدي العطف أو التعاطف من أحد، لأنني أكتب بثقة ومصداقية وموضوعية وشفافية، وأغض النظر وأتغافل عما يمكن التغافل عنه، ولا أحاول التطرُّق للأمور الشخصية، فهمّي وهدفي الوحيد من الكتابة هو تحسين أداء مؤسسات الدولة وجهازها التنفيذي، وأن يتحمَّل المسؤولون واجباتهم ومسؤولياتهم الوظيفية، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، بما يعود بالخير والأمن والأمان والاستقرار والسعادة على الوطن والمواطنين.
ودمتم سالمين.