نيمار... ملك من دون عرش!
ابتعد العرش مرة أخرى عن النجم البرازيلي نيمار، الذي لطالما عُرف عنه أنه وريث بيليه أو روماريو أو رونالدو أو رونالدينيو، غير أن الإخفاق كان نصيب «ني» مرة أخرى في مونديال قطر 2022، بعدما تعرضت أحلامه بمعانقة الكأس المرموقة وبالاقتراب من جائزة الكرة الذهبية إلى ضربة كبيرة، إثر الخسارة أمام كرواتيا بركلات الترجيح، الجمعة، في ربع النهائي.
بدأ نيمار مسيرته في كرة القدم في ساو باولو مع نادي سانتوس، على غرار الأيقونة بيليه، واعتُبر منذ فترة طويلة خليفة ل «الملك» واللاعب القادر على منح البرازيل نجمة عالمية سادسة، بعد 20 عاماً من تتويج «أوريفيردي» للمرة الأخيرة في 2002.
إلا أن مهاجم باريس سان جرمان الفرنسي (30 عاماً)، المراوغ المهاري الممتلك لجينات الفوتسال وأيقونة التسويق العالمي، تعثر مرة أخرى في أسوأ الأوقات، رغم منحه التقدم للبرازيل في الوقت الإضافي، وبات أسير الإصابات وخيبات الأمل.
مونديال البرازيل
في كأس العالم 2014 أصيب بالعمود الفقري في الظهر، والتي كان من الممكن أن تصيبه بشلل نصفي، قبل الإذلال الذي لحق بمنتخب بلاده، في ظل غيابه بعد الخسارة المدوية في نصف النهائي على أرضهم أمام ألمانيا (1-7).
وفي كأس العالم 2018، خروج مدوٍّ من الدور ربع النهائي أمام بلجيكا (1-2)، والسخرية العالمية لميل البرازيلي صاحب الرقم 10 للتدحرج على الأرض عند أدنى احتكاك.
وأخيراً، انتهى مونديال 2022 بفشل جديد، بعدما استهله نيمار بشكل صعب: التواء في الكاحل بالمباراة الأولى، وسباق مع الزمن للشفاء. غاب عن مباراتين، ثم خاض مباراة كوريا الجنوبية في ثُمن النهائي وسجَّل. وفي مواجهة كرواتيا، الجمعة، افتتح التسجيل، معادلاً الرقم القياسي لعدد الأهداف مع البرازيل المسجل باسم الأسطورة بيليه (77)، لكن كرواتيا عادلت، وانتصرت بركلات الترجيح.
وقع تحت الضغط
بعد وصفه بالغرور قبل البطولة، لنشره شعار النبالة البرازيلية تعلوه نجمة سادسة افتراضية، فإن نيمار، وهو أب لطفل يُدعى لوكا (11 عاماً)، وقع مرة أخرى تحت الضغط.
إضافة إلى ذلك، تعرضت صورة نيمار في البرازيل لتشوّه قد لا يستطيع إزالته سريعاً، إذ لاقى دعمه للرئيس اليميني المتطرف المنتهية ولايته جايير بولسونارو سخط قسم كبير من الرأي العام البرازيلي.
وأعاد إحياء النقاد الذين لا يرون في نيمار جونيور سوى مجرد طفل مدلل، بعدما لم يرتقِ أغلى لاعب في التاريخ (222 مليون يورو دفعها سان جرمان في عام 2017) إلى مصاف الوعود التي حملها.
نيمار الذي حقق نجاحات في حقبته مع برشلونة الإسباني (2013-2017)، الأمر الذي أفسح المجال له لينتقل بصفقة خيالية إلى نادي العاصمة الفرنسية، غالباً ما يُصاب في مباريات حاسمة، فضلاً عن دخوله في خلافات مع كيليان مبابي من أجل هوية «منفذ» ركلات الجزاء.
في عام 2019، عندما خرجوا على يد مانشستر يونايتد الإنكليزي في دوري أبطال أوروبا، أهان نيمار حكام اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي. بعد شهرين، صفع المتفرج الذي استفزه بعد خسارة نهائي كأس فرنسا ضد رين.
وخلال الفترة نفسها، اتهمته امرأة بالاغتصاب، لكن المحاكم البرازيلية لم تباشر الإجراءات، لعدم كفاية الأدلة.
أما القضاء الإسباني، فهو يحاول مقاضاته بتهمة مخالفات مزعومة حول صفقة انتقاله إلى برشلونة، قبل أن يسحب الادعاء التهم الموجهة إليه في أكتوبر الماضي.
بلا جوائز عالمية
ورغم أن نيمار سبق أن توج بألقاب عدة، بما فيها دوري أبطال أوروبا (2015) وعدد من الألقاب المحلية في إسبانيا وفرنسا، فإن المهاجم، المولود في موجي داس كروزيس بالقرب من ساو باولو، لم يفز أبداً بالكرة الذهبية التي بدت عصية عليه، ولا جائزة دولية كبيرة، ولم تشكل الميدالية الذهبية الأولمبية (2016) أو كأس القارات (2013) تعويضاً كافياً.
هل سنرى نيمار في قميص البرازيل بمونديال 2026 في كندا والولايات المتحدة والمكسيك؟ حتى أشد المعجبين به ليسوا على يقين من ذلك.
قال المهاجم عام 2021 على منصة دازون للبث التدفقي: «لا أعرف ما إذا كان لايزال لديَّ الوضع الذي يسمح، القدرة العقلية، لتقبل المزيد من كرة القدم».
لا يزال بإمكان «ني» تغيير رأيه، خصوصاً أنه يبلغ من العُمر 30 عاماً فقط، كما يملك عقداً طويلاً مع سان جرمان حتى عام 2027 ورغبة كبيرة في الثأر.
وكتب في نهاية نوفمبر وقت إصابته: «لم أحصل على أي شيء في حياتي، وكان سهلاً، كان عليَّ دائماً السعي وراء أحلامي وأهدافي».
وتابع: «هل أنتظر كل هذا الوقت حتى يهزمني العدو بهذه الطريقة؟».
بيليه يطالبه بالبقاء
هنأ أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه، الموجود في المستشفى منذ أكثر من أسبوع، مواطنه نيمار على معادلة رقمه القياسي في عدد الأهداف مع المنتخب (77)، ليشاركه لقب الهداف التاريخي ل«راقصي السامبا»، وطلب منه البقاء في الفريق رغم الخروج من ربع نهائي مونديال 2022 في قطر على يد كرواتيا.
وأكد بيليه، على الشبكات الاجتماعية، «إرثك مازال بعيدا عن الوصول للنهاية. استمر وانت تلهمنا وأنا سأستمر في الشعور بالسعادة مع كل هدف تسجله كما فعلت في كل المباريات التي شاهدتك فيها».
وأضاف بيليه، في رسالة الدعم التي بعث بها لنيمار، بعدما فتح الباب أمام احتمالية اعتزاله اللعب الدولي، عقب توديع مونديال قطر، «للأسف هذا اليوم ليس سعيدا لنا، ولكنك ستكون دائما مصدر إلهام يريد الكثيرون أن يصبحوا مثله. تعلمت أنه كلما مر الوقت، يزداد إرثنا».
وتابع: «كلانا يعرف أن هذا أكثر من مجرد رقم. واجبنا الأكبر كلاعبين هو أن نكون مصدر إلهام. أن نلهم زملاءنا اليوم والأجيال القادمة وخاصة من يحبون هذه الرياضة».
تياغو: قد لا أحظى بفرصة مونديال آخر
أعرب تياغو سيلفا، مدافع المنتخب البرازيلي لكرة القدم، عن أسفه، بعد الإقصاء في ربع نهائي مونديال قطر 2022 أمام كرواتيا بركلات الترجيح، موضحاً أنه مع بلوغه 38 عاماً «ربما لن يحظى بفرصة أخرى للفوز بمونديال مع منتخبه».
وقال سيلفا في تصريحات لقناة بي إن سبورت إن «الأمر محزن للغاية، لكن هكذا تسير الأمور. فخور بما قدمه جميع اللاعبين، لكن هذه هي كرة القدم. من الصعب إيجاد كلمات مواساة، لأنني عشت خيبة أمل في حياتي عندما أخفقت في تحقيق هدف بهذه الأهمية. الأمر يؤلمني كثيراً».
وأضاف: «ينبغي محاولة تجاوز ذلك. عندما كنت أسقط دائماً ما كنت أقف مجدداً. سنرى ربما لن أعود للتمتع بهذه الفرصة». وأشاد بمستوى كرواتيا خلال اللقاء.
كاسيميرو: الحياة يجب أن تستمر
أعرب كارلوس هنريكي كاسيميرو، لاعب وسط منتخب البرازيل، عن أسفه لعدم التأهل لنصف نهائي مونديال قطر بعد الخسارة بركلات الترجيح أمام كرواتيا.
وقال كاسيميرو «جميع الهزائم مؤلمة، خاصة عندما يكون لديك هدف، حلم، هناك عمل لأربعة أعوام لهذه اللحظة. من الصعب إيجاد كلمات. ينبغي فقط رفع الرأس والمضي قدما. إننا حزينون. الجميع في المجموعة قدم الأفضل. إننا نشعر بالأسي خاصة للطريقة التي وقعت بها الخسارة. كان التأهل في أيدينا لكنه فلت منا. إنها لحظة صعبة. ينبغي الآن التحلي بالهدوء. الحياة يجب أن تستمر».
وأشار لاعب الوسط أن منتخب البرازيل اُقصي في كل التصفيات أمام منتخب أوروبي منذ تتويجه بخامس لقب في النهائي على ألمانيا في عام 2002 مؤكدا أيضا أنه يرغب في الاستمرار مع المنتخب.
وقال: عمري 30 عاما. من الواضح أنه يوجد شباب دائما، لكن لدي 30 عاما. إنني في أفضل لحظات مسيرتي. إنني سعيد للغاية في النادي الذي أتواجد فيه. خسرت فرصة، لكن يجب النظر للأمام، سيتولى مدرب جديد الآن، في إشارة إلى إعلان مدرب البرازيل تيتي إنهاء مشواره مع المنتخب.
ما بعد الرقص إلا البكاء
أربعة أيام فصلت بين مهرجان السيليساو على استاد 974، ورقصات نجومه مع كل هدف في مرمى كوريا الجنوبية، وبين يوم أمس، حين سقط فريق المدرب تيتي أمام كرواتيا، وانهار نفس الراقصين بالبكاء على استاد المدينة التعليمية.لعل العديد التمس العذر لرقصات لاعبي البرازيل أمام كوريا، وبرر ذلك بثقافة البلاد وغيرها، إلا أن المبالغة في الاحتفال كان له أثر في نفوس الكثيرين من الذين اعتبروا ذلك استهتارا وتقليلا من احترام المنافس.
وذاك يوم وهذا يوم، فمن رقص على جراح كوريا سقط باكيا على إرث البرازيل الذي لم يستعد هيبته بعد إخفاقات الأجيال الماضية التي أعقبت تتويج 2002.