بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين إلى الدولة العبرية في مهمة تهدف إلى نزع فتيل حرب محتملة على لبنان، مع استمرار هجمات «حزب الله» على شمالها، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، لنظيره الأميركي لويد أوستن، أن «احتمال التوصل إلى تسوية دبلوماسية في الشمال مع لبنان يتلاشى».
وأفاد مكتب الوزير الإسرائيلي، في بيان أمس، بأن غالانت تحدث هاتفيا ليل الأحد ـ الاثنين مع أوستن، وقال له إن «احتمال التسوية السلمية يتراجع، لأن حزب الله مستمر في ربط نفسه بحماس».
وأكد غالانت أن إسرائيل «ملتزمة بإبعاد حزب الله من جنوب لبنان، وإعادة السكان الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال والمناطق الحدودية سالمين».
وذكرت مصادر مقربة من غالانت أنه تحدث مع أوستن بشأن الجهود المبذولة للتوصل إلى الخطوط العريضة لإعادة المختطفين الإسرائيليين من الأسر في غزة، وتفكيك «حماس» والهجمات التي تشنّها جماعة «أنصار الله» الحوثية.
تريّث وضغط
ووسط حديث عن تفضيل نتنياهو، زعيم حزب الليكود الذي ينتمي له وزير الدفاع، الاختباء وراء تريّث غالانت الحالي، بشأن شن هجوم مكلف عسكرياً وبشرياً ومالياً، ضد حزب الله، جدد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، ضغوطه باتجاه إزاحة غالانت.
وقال بن غفير: «منذ أشهر عدّة وأنا أدعو رئيس الوزراء إلى إقالة وزير الدفاع، وقد حان الوقت للقيام بذلك على الفور»، مشدداً على أنه «يجب اتخاذ القرار بالنسبة لجبهة الشمال، وغالانت ليس الرجل المناسب لقيادته».
كما حذّر عضو «الكنيست»، أريئيل كلينر، من أنه بدون «احتلال جنوب لبنان لإقامة شريط أمني وسيطرة إسرائيلية حتى الليطاني لن تكون هناك حياة» للإسرائيليين بالمناطق الشمالية.
خشية وتوتر
وقبيل عقد المبعوث الأميركي الخاص لقاءات مع نتنياهو وعدد من المسؤولين الإسرائيليين، أطلق قائد لواء الشمال بالجيش الإسرائيلي، أوري غوردين، تصريحات أكد فيها جاهزية قواته لاحتلال شريط أمني على الجانب اللبناني، وهو ما عزز مخاوف إدارة الرئيس جو بايدن من احتمال إطاحة اليمين المتشدد لغالانت، الذي يوصف بأنه «قناة الاتصال الإسرائيلية مع البيت الأبيض». ووفق هيئة البث الرسمية (كان)، بلغ التوتر ذروته بين نتنياهو وغالانت، بسبب الخلافات بشأن إطلاق عملية واسعة ضد حزب الله.
وذكرت أوساط إسرائيلية أن قائد المنطقة الشمالية يؤيد عملية محدودة في لبنان، في حين يعارض غالانت عملية في الفترة القريبة، ويرى أنه يجب استنفاد الاتصالات للتوصل إلى تسوية، فيما موقف نتنياهو ليس واضحاً.
وبعد انتشار عدة تقارير عن استعداد نتنياهو لاستبدال غالانت برئيس حزب (اليمين الرسمي)، جدعون ساعر، المعروف بانتقاده لأسلوب إدارة الحرب، سارع ديوان رئيس الوزراء إلى نفي تلك الأنباء.
وقوبلت تسريبات نوايا الاستعانة بساعر بانتقادات من أهالي الرهائن الذين اعتبروا أن الخطوة ستمثل إعلانا نهائيا بالتخلي عن جهود إنقاذ المحتجزين عبر التوصل إلى حل لدفع الصفقة المتعثرة مع «حماس».
كما وصف الوزير السابق والقيادي في «ليكود»، مائير شتريت، مساعي إقالة غالانت، «عبر غطاء توسيع الحكومة» في وقت الحرب، بالجنون.
مقترح جديد
في السياق، ذكرت «يديعوت أحرونوت» أنه ينتظر أن يقدم الأميركيون مقترحاً جديداً خلال الأسبوع الجاري، في محاولة أخرى لإنقاذ صفقة المحتجزين.
وبينما زعمت الصحيفة العبرية أن واشنطن تمارس ضغوطا شديدة على مصر وقطر للضغط على «حماس» لتليين موقفها، ذكر السفير الأميركي لدى إسرائيل أن بلده لا تعرف ما يمكن أن تقبله الحركة الفلسطينية، مؤكداً أنها تعمل للتوصل إلى موقف وفرض قرار عليها.
ورأى أن الفرصة المتاحة استراتيجية، والتوصل إلى هدوء بغزة يمنع حرباً واسعة بالشمال لا ترغب بها إسرائيل ولا «حزب الله».
موقف مصري
وفي وقت تطالب تل أبيب بوجوب تحوّل المصريين إلى «وسيط وليس إلى طرف، لأنهم لا يريدوننا في فيلادلفيا» الفاصل بين غزة وسيناء، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي على ضرورة إنهاء الحرب على القطاع، بوصفه «الحل اللازم لمعالجة جذور التصعيد» الإقليمي.
ولفت عبدالعاطي، خلال مؤتمر مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إلى أن بلاده هي أكثر دولة متضررة من التصعيد في البحر الأحمر، بسبب الخسائر التي تتكبدها قناة السويس.
من جهة ثانية، كشف مسؤولون فلسطينيون أن حركتي فتح وحماس، توافقتا على عقد لقاء ثنائي في القاهرة قريباً، بهدف التوصل إلى تفاهمات بشأن إدارة القطاع المنكوب، وقطع الطريق على محاولات إسرائيل تولي إدارته من خلال المنسق الخاص الذي عيّنته أخيراً.
وقالت أوساط فلسطينية إن اللقاء الذي سيحدد موعده، بعد عودة الرئيس محمود عباس من نيويورك، حيث يشارك في اجتماعات الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، سيخصص لبحث تشكيل الهياكل الإدارية لغزة في زمن الحرب وبعد انتهائها، بما يتجاوز الخلافات السياسية الكبيرة القائمة بين الحركتين حول الشراكة السياسية وغيرها، ويتغلب على العقبات التي تضعها سلطات الاحتلال.
وكشفت المصادر أن اتصالات تجرى حالياً بين مسؤولين في الحركتين، وأنها تتركز حول شكل إدارة القطاع في هذه المرحلة. ومن بين الاقتراحات الجاري بحثها إقامة هيئة إدارة محلية تتشكل من شخصيات مستقلة، ومنها تشكيل حكومة تكنوقراط بموافقة الحركتين وبقية الفصائل.
معارك واقتحامات
إلى ذلك، أعاد الجيش الإسرائيلي «اللواء الخامس» إلى سط قطاع غزة، بعد أيام من سحبه لتلقي تدريبات نوعية على العمل بالمناطق المفتوحة، فيما بلغت حصيلة ضحايا الحرب 41226 فلسطينيا، من بينهم 20 سقطوا أمس.
وفي الضفة الغربية اقتحمت سلطات الاحتلال مخيم الدهيشة ومحيطه في بيت لحم، كما اقتحمت مناطق بمدينة الخليل، وسط اشتباكات متقطعة مع مسلحين فلسطينيين، فيما قالت «إسرائيل اليوم» إن الجيش بدأ بحفر خندق على الحدود مع الأردن لمنع «محاولات لتهريب أسلحة ومقاتلين» إلى المنطقة المحتلة.