اجتمع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني في روما أمس لبحث طريقة التعامل مع الهجرة غير النظامية، غداة يوم من مقتل ثمانية أشخاص جرّاء غرق مركب يقل مهاجرين.

وتعهّد ستارمر الذي انتُخب حزبه العمال (يسار وسط) بأغلبية برلمانية ساحقة في يوليو بمكافحة الهجرة غير النظامية، وهي قضية جدلية في بريطانيا منذ سنوات.

Ad

وقال ستارمر في روما قبل لقائه ميلوني «سجل هنا انخفاض ملحوظ (في عدد المهاجرين الوافدين) لذا، أرغب بفهم كيف حصل ذلك».

وجاءت تصريحاته أثناء جولة قام بها في مركز وطني لتنسيق الهجرة مع وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي.

وهزّت أعمال شغب قام بها اليمين المتشدد مدناً وبلدات في أنحاء انكلترا وإيرلندا الشمالية بعيد انتخاب ستارمر، في أسوأ اضطرابات تشهدها المملكة المتحدة منذ عام 2011 إذ استُهدفت مساجد ومراكز إيواء مهاجرين.

ومثّلت الرحلات المحفوفة بالمخاطر التي يحاول المهاجرون القيام بها عبر المانش من شمال فرنسا مشكلة يصعب حلّها بالنسبة لرؤساء الوزراء البريطانيين الذين تعاقبوا على المنصب.

ولقي ثمانية مهاجرين حتفهم الأحد بعدما انقلب مركبهم المكتظ في المانش، ليصل عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم هذا العام أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل البريطانية إلى 46.

وعبر نحو 800 شخص المانش السبت، وهو ثاني أعلى عدد منذ مطلع العام، بحسب وزارة الداخلية البريطانية.

ورفض ستارمر خطة الحكومة المحافظة السابقة لترحيل جميع المهاجرين بطريقة غير نظامية إلى رواندا ريثما يجري النظر في طلبات اللجوء التي تقدموا بها.

وقال الإعلام البريطاني بدلاً من ذلك إنه مهتم باستراتيجية ميلوني، زعيمة حزب «أخوة إيطاليا» اليميني المتشدد والتي تعد بلادها في واجهة أزمة الهجرة في الاتحاد الأوروبي.

وفي نوفمبر العام الماضي، وقّعت إيطاليا اتفاقاً مع ألبانيا لفتح مركزين في الدولة الواقعة في البلقان حيث سيقيم المهاجرون ريثما تجري دراسة طلباتهم.

وستموّل إيطاليا وتدير المركزين اللذين سيكونان قادرين على استيعاب ما يصل إلى 3000 مهاجر وصلوا إلى الشواطئ الإيطالية بالقوارب.

وسيعاد المهاجرون الذين ترفض طلباتهم للجوء إلى بلدانهم الأصلية، بينما سيُسمح لأولئك الذين تُقبل طلباتهم بالدخول إلى إيطاليا.

ويعد ذلك اختلافا رئيسيا عن خطة رواندا التي وضعتها الحكومة البريطانية السابقة والتي نصّت على أنه لا يمكن للمهاجرين الذين يتم إرسالهم إلى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا الحصول على إذن للإقامة في بريطانيا بغض النظر عن نتيجة طلبهم.

وأثارت زيارة ستارمر إلى إيطاليا انتقادات حتى في صفوف حزبه.

وقال النائب العمالي كيم جونسون لصحيفة «ذي غارديان» إنه من «المزعج أن ستارمر يسعى لتعلم الدروس من حكومة فاشية جديدة، خصوصا بعد أعمال الشغب المناهضة للاجئين والإرهاب العنصري اليميني المتشدد الذي اجتاح بريطانيا هذا الصيف».

ويرافق مارتن هويت الذي تم تعيينه رئيساً لـ «قيادة أمن الحدود» البريطانية الجديدة، رئيس الوزراء خلال رحلته إلى إيطاليا، حسبما أفاد مكتبه.

وإلى جانب ألبانيا، وقّعت حكومة ميلوني اتفاقاً مع تونس يوفر لها مساعدات في مقابل تكثيف الجهود لإيقاف المهاجرين المتوجّهين لإيطاليا الذين يغادرون الدولة الواقعة في شمال إفريقيا ويعبرون المتوسط.

وجددت إيطاليا أيضا اتفاقا مثيرا للجدل مع الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس يعود إلى عام 2017 قدّمت روما في إطاره تدريباً وتمويلاً إلى خفر السواحل الليبيين للحد من مغادرة المهاجرين أو عودة أولئك الذين في البحر أساسا إلى ليبيا.

وتفيد منظمات حقوق الإنسان بأن السياسة تدفع آلاف المهاجرين للعودة إلى ليبيا حيث يواجهون التعذيب والانتهاكات في ظل الاعتقال التعسفي.

وقالت وزارة الداخلية إنه منذ مطلع العام الحالي، تراجع عدد المهاجرين القادمين بحرا إلى إيطاليا بشكل كبير.

في الأثناء، تراجع عدد المهاجرين الذين يعبرون حدود الاتحاد الأوروبي بنسبة 39 في المئة، بحسب وكالة «فرونتكس». لكن ثمة عدة عوامل خلف هذه الاتجاهات، بحسب الخبراء، إذ بدّل الكثير من المهاجرين الساعين لدخول الاتحاد الأوروبي طريقهم.

الى ذلك، وفي خطوة أثارت غضب جيران المانيا، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، بدء فرض «ضوابط مؤقتة» على الحدود الغربية والشمالية للبلاد، في إطار الجهود الرامية إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة.

وتشكل هذه القيود جزءا من سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها ألمانيا لتشديد موقفها إزاء الهجرة غير النظامية في أعقاب ارتفاع أعداد الوافدين، خصوصا الفارين من الحرب والفقر في الشرق الأوسط، وزيادة التأييد للمعارضة اليمينية المتطرفة والمحافظين.

وستطبق عمليات التفتيش والتحقق الآن على الحدود البرية لألمانيا مع فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا والدنمارك لمرحلة أولى مدتها ستة أشهر، وهو ما يعد انتكاسة أخرى لحرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي.

وهذه الحواجز موجودة بالفعل عند المعابر مع بولندا وجمهورية التشيك والنمسا وسويسرا.

وقالت وزارة الداخلية الألمانية إن الشرطة الاتحادية ستنفذ هذه الضوابط بشكل مرن مستندة في إجراءاتها إلى الوضع الأمني الحالي مع التركيز على تقليل ما قد يزعج الركاب والمسافرين أو يعرقل التجارة. ونصحت الوزارة المسافرين بحمل بطاقات هوية سارية وبأن يُعد المواطنون من خارج الاتحاد الأوروبي وثائق دخولهم، ومنها التأشيرات، لتكون جاهزة للفحص.

وتأتي هذه التغييرات على خلفية انخفاض طلبات اللجوء إلى ألمانيا 21.7 بالمئة في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي.

وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إن الأعداد انخفضت وإن ذلك يعود جزئيا إلى الضوابط التي تم إدخالها العام الماضي والتي منعت دخول ما يزيد على 30 ألفا بدون تصريح.

وأضافت في بيان «لهذا السبب فإننا سنوسع نطاق سيطرتنا الحدودية المؤقتة لتشمل جميع الحدود البرية لألمانيا وفقا للأمر الذي أصدرته».

ومضت قائلة «الأمر الذي أصدرته يهدف أيضا إلى الحماية من التهديد الحاد الذي يشكله إرهاب المتشددين الإسلاميين والجرائم الخطيرة العابرة للحدود». وأثارت هذه الإجراءات انتقادات من جيران ألمانيا. فقد دعا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إلى إجراء مشاورات عاجلة مع البلدان المتضررة الأخرى التي تخشى أن تضطر إلى استيعاب المزيد من طالبي اللجوء وتتعرض تجارتها لأضرار.

كما حذر المستشار النمساوي كارل نيهامر من أنه إذا اتخذت ألمانيا تدابير لإعادة المزيد من المهاجرين عبر حدودهما المشتركة، فإن النمسا سترد بالمثل بإرسال المزيد من الأشخاص شرقا نحو البلقان.

ومن المقرر أن تستمر عمليات التفتيش على الحدود مع النمسا حتى 11 نوفمبر 2024. وعلى نحو مماثل، من المقرر أن تستمر عمليات التفتيش على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك وسويسرا حتى 15 ديسمبر 2024. وأشارت وزارة الداخلية الألمانية إلى أنه من المرجح أن يكون هناك تمديدات أخرى لفترة تنفيذ هذه الضوابط.