خط الوسط الكرواتي مفتاح النجاح
رغم أن الحارس الكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش سرق الأضواء، عن جدارة، بعد تألقه في قيادة منتخب بلاده إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022 في كرة القدم، بفوزه أمس على البرازيل، أحد أبرز المرشحين للفوز باللقب، فإن ثلاثي خط الوسط كان حاسماً أيضاً في هذا الإنجاز.
وساهم الثلاثي لوكا مودريتش، وماتيو كوفاتشيتش ومارسيلو بروزوفيتش، في فرض كرواتيا التعادل 1-1 على أبطال العالم خمس مرات في الوقتين الأصلي والإضافي قبل الفوز بركلات الترجيح 4-2.
وعلى الرغم من أن البرازيل حصلت على الفرص الأبرز والأخطر مع 11 تسديدة على المرمى مقابل واحدة لكرواتيا التي أتى منها هدف التعادل في الدقيقة 117 عندما كانت البرازيل متجهة للفوز بعد هدف رائع من نيمار (105+1)، فإن الاستحواذ كان متساوياً.
وساهم ثلاثي الوسط في احتفاظ كرواتيا بالكرة ومنع خط الهجوم المؤلف من نيمار وفينيسيويس جونيور ورافينيا وغيرهم من الحصول على المزيد من الفرص.
وقال المدرب زلاتكو داليتش بفخر خلال المؤتمر الصحافي بعد المباراة: «قلت مراراً إن كرواتيا تملك أفضل خط وسط في العالم».
ولا يختلف رأي ظهير أيمن سلتيك الاسكتلندي يوسيب يورانوفيتش الذي قدم أداءً مميزاً، وساهم في تعطيل فينيسيوس على الرواق الأيسر.
وشارك هذا الثلاثي أساسياً في المباريات الخمس جميعها حتى الآن في قطر، وساهم في حماية دفاع كرواتيا الذي استقبل حتى الآن هدفين فقط.
«لا نجوم»
بعدم تراجعهم كثيراً إلى الخلف، يمنح الثلاثي الأريحية لزملائهم، ويتمتعون بالجودة للمحافظة على الاستحواذ في مساحة متقدمة على أرض الملعب.
وهم أحد الأسباب لقدرة بلد من أربعة ملايين نسمة فقط على المنافسة بشكل منتظم مع أكبر منتخبات العالم.
وعندما حلّت كرواتيا وصيفة لفرنسا في 2018، كان إيفان راكيتيتش في التشكيلة، لكل كوفاتشيتش أثبت أنه خير بديل له.
ويلعب بروزوفيتش، لاعب إنتر الايطالي، أكثر على مقربة من الدفاع مقارنة بزميلَيه في الخط ولم يسمح للبرازيل بأن تكون مرتاحة مع الكرة، في حين يتقدم كوفاتشيتش الذي ينشط في تشلسي الإنكليزي أكثر إلى الأمام.
ولكن مودريتش، نجم ريال مدريد البالغ 37 عاماً، كان مَن نال أكبر كم من الإشادات، نظراً لجودته والثبات المذهل في مستواه رغم تقدمه في السن.
ونجح خلال ركلات الترجيح بتسجيل المحاولة الثالثة بكل هدوء مرسلاً الحارس أليسون بيكر في الاتجاه المعاكس.
سوسا يمتدح مودريتش
أما الظهير بورنا سوسا، فذهب إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن مودريتش هو أحد أفضل لاعبي الوسط على مر العصور.
وقال في هذا الصدد: «لا أحد، حتماً لا أحد على الإطلاق، قدّم أداءً بمستواه وهو في سن ال37، وهو يظهر سنة تلو أخرى مدى أهميته كلاعب بالنسبة لنا ولريال مدريد».
وبعد أن تخطوا ثمن النهائي ضد اليابان بركلات الترجيح أيضاً ثم البرازيل، على غرار الدورين ذاتهما في 2018، ينتظرهم الآن اختبار آخر ضد منتخب مرشح بقوة لحصد اللقب، أرجنتين ليونيل ميسي الفائزة على هولندا بركلات الترجيح.
والتقى المنتخبان في دور المجموعات في مونديال 2018 عندما حققت كرواتيا فوزاً مدويا 3 - صفر، ووقّع مودريتش على أحد الأهداف بتسديدة رائعة من خارج المنطقة.
مودريتش وكوفاتشيتش وبروزوفيتش شاركوا بالتشكيل الأساسي في كل المباريات
وبعدما باتت الأرجنتين أكثر منتخب تحقيقاً للانتصارات بركلات الترجيح في نهائيات كأس العالم (5 من أصل 6)، سيشكل ذلك مسألة مثيرة أمام كرواتيا المتخصصة في هذا المجال.
والصمود والعزيمة هما جزء أساسي من أسلوبهم، ولن يكون ذلك ممكناً دون لاعبين أمثال مودريتش.
وقال سوسا: «قوتنا الأكبر كفريق هي أن نقاتل معاً، وألا يكون هناك نجوم في الفريق لا يرغبون في الركض أو الدفاع». وتابع «ليس لدينا 25 لاعباً في برشلونة أو ريال مدريد، لذا علينا أن نكون جاهزين جميعاً. لوكا مودريتش يلعب كل مباراة لأنه يتحتم عليه ذلك. لا مجال له للراحة، لأننا نريده في كل ثانية على أرض الملعب».
وتأمل كرواتيا أن تضيف منتخباً أميركياً جنوبياً جديداً إلى قائمة ضحاياها، وتنهي حلم ميسي في التتويج باللقب عندما يلتقي المنتخبان على استاد لوسيل بعد غد.
بلينكوفيتش يتلقى التهاني
شارك رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش، أمس ، في قمة دول جنوب الاتحاد الأوروبي بإسبانيا، لكنه لم ينس متابعة مباراة منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم، وقال بعد فوزه على نظيره البرازيلي إنه شارك في «الاجتماع الأكثر إثارة بأوروبا».
وأضاف بلينكوفيتش، في تصريح صحافي، أن مدينة أليكانته الإسبانية التي عقدت فيها القمة، بمشاركة 9 دول من جنوب الاتحاد الأوروبي، «ستبقى إلى الأبد في قلبي».
وكشف لبعض الصحافيين أنه تمكن من متابعة المباراة أثناء فترات الاستراحة، وأن جميع القادة الآخرين «انضموا إليه لمشاهدة ركلات الترجيح» على هاتفه المحمول، متابعاً: «لقد كان الأمر لطيفاً جداً. إنه شعور رائع، إنه جيل رائع من اللاعبين الكرواتيين». وهنأ رؤساء الدول والحكومات الآخرون، بمن فيهم الإسباني بيدرو سانشيز مضيف الاجتماع، والفرنسي إيمانويل ماكرون، أندريه بلينكوفيتش أمام الصحافة.
ليفاكوفيتش... على خطى العظماء
يواصل حارس المرمى الكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش تقديم أداء استثنائي في مونديال قطر 2022، ومع تصديه لركلة الجزاء التي سددها البرازيلي رودريغو، عادل أرقام الألماني هارالد شوماخر والأرجنتيني سيرخيو جويوكوتشيا ومواطنه دانييل سوباسيتش، حراس المرمى الذين تصدوا لأربع ركلات ترجيح في تاريخ المونديال.
وتصدى ليفاكوفيتش، حارس دينامو زغرب، لتسديدات تاكومي مينامينو وكاورو ميتوما ومايا يوشيدا أمام اليابان في دور ال 16 ليحسم ركلات الترجيح لمصلحة منتخب بلاده بنتيجة (3-1).
وكان حاسماً أيضا في ربع النهائي بالتصدي لركلة رودريغو لاعب ريال مدريد، وأدى خطأ ماركينيوس، الذي ارتطمت كرته بالقائم، إلى انتهاء المباراة بفوز كرواتيا بنتيجة (4-2) وتأهلها لنصف النهائي.
وقبل 4 سنوات، في مونديال روسيا 2018، كان البطل هو سوباسيتش، حيث فعل الأمر نفسه أمام الدنماركيين كريستيان إريكسن ولاسي شون ويورجنسن في دور ال 16، وفي ربع النهائي أمام الروسي فيدور سمولوف.
وأول من فعل ذلك هو الألماني شوماخر، الذي تصدى لتسديدتين من الفرنسيين ديدييه سيكس وماكسيم بوسيس في نصف نهائي مونديال إسبانيا 1982، والمكسيكيين فرناندو كويرارتي وراؤول سيرفين في بطولة كأس العالم التي أقيمت في المكسيك عام 1986.
وفي النسخة التالية، إيطاليا 1990، قلده الأرجنتيني جويوكوتشيا، الذي تصدى لتسديدات اليوغوسلافيين دراغوليوب برنوفيتش وفاروق هادزيبيجيتش في ربع النهائي، والإيطاليين روبرتو دونادوني وألدو سيرينا في نصف النهائي.
داليتش: لن يكون لدينا ما نخشاه
أكد مدرب منتخب كرواتيا زلاتكو داليتش، بعد التأهل لنصف نهائي مونديال قطر، أن كلمة السر في مواجهة الأرجنتين بنص النهائي ستكون «الالتزام».
وأوضح داليتش، خلال مؤتمر صحافي، أمس، أن فريقه لا يعاني من الإرهاق، مضيفاً: «هذا مؤشر جيد جداً، لن يتسبب لنا الإرهاق في مشكلات جمة. سنحاول الاسترخاء كي نكون في أفضل حالة قبل مواجهة الأرجنتين».
واعتبر أن اضطرار الأرجنتين للعب وقت إضافي أمام هولندا يجعل فريقيهما «في وضع شديد التشابه» من الناحية البدنية.
وأكد أنه لن يخصص لاعباً بعينه لمراقبة ليونيل ميسي، بل كما فعل الفريق في المونديال الماضي، حين فازت كرواتيا على الأرجنتين 3-0 في دور المجموعات.
وأبرز داليتش: «نعرف أن بوسعه فعل الكثير، وكيف أنه يحب الاحتفاظ بالكرة بين قدميه. سيكون العامل الحاسم في الجانب الدفاعي لدينا هو الالتزام. إذا كررنا ما فعلناه أمام البرازيل، فلن يكون لدينا ما نخشاه».
الصحافة البرازيلية تنعى «نهاية الحلم»
«نهاية الحلم»، «البرازيل تبكي»، «خطأ قاتل»: هكذا عنونت مواقع وسائل الإعلام الرئيسية في البرازيل على صفحاتها الأولى الجمعة، تعليقاً على إقصاء منتخب بلادها «السيليساو» بركلات الترجيح ضد كرواتيا من ربع نهائي مونديال قطر 2022 لكرة القدم.
وتحسر موقع «غلوبو إي سبورتي» على «نهاية حلم السداسية»، في إشارة إلى اللقب السادس الذي تسعى له البرازيل منذ 20 عاماً، واستذكر أنه «منذ فوزه بكأسه الخامسة عام 2002، أقصي السيليساو في كل مرة واجه فيها منتخباً أوروبياً».
وقبل خيبة الأمل في قطر أمام كرواتيا، خسرت البرازيل سابقاً في ربع النهائي أمام فرنسا (0-1) عام 2006، وهولندا (1-2) عام 2010، وبلجيكا (1-2) عام 2018.
وفي عام 2014، تعرض منتخب «السامبا»، الذي كان يستضيف البطولة، لخسارة مذلة 1 -7 أمام ألمانيا في نصف النهائي، بعد فوزه على كولومبيا في دور الثمانية.
من جهته، كتب باولو فينيسيوس كويلو، أحد كتاب الأعمدة الشهيرين في الصحافة الرياضية البرازيلية عبر «غلوبو إي سبورتي»، «خطأ قاتل للبرازيل: كيف تلقينا هدفاً من هجمة مرتدة، فيما كنا منتصرين قبل 5 دقائق من نهاية التمديد؟».
في المقابل، وضع موقع «يو أو أل» للمعلومات صورة نيمار على صفحته الأولى وهو غارق بدموعه، وعنونت «البرازيل تبكي»، ووجه معظم المعلقين الرياضيين انتقادات للمدرب تيتي الموجود في منصبه منذ عام 2016، وسبق أن أعلن أنه سيترك منصبه قبل أشهر من المونديال.
وكتب موقع «آر 7» البرازيلي أن «هذه المرة، نيمار كان الأقل ذنباً حيال كل شيء. الأخطاء الحاسمة ارتكبها تيتي»، أما صحيفة «إستادو دي سان باولو» فوجهت أصابع الاتهام إلى «أخطاء تيتي السبعة»، متهمة إياه بأنه «لم يغير شيئاً فعلياً» منذ الإقصاء أمام بلجيكا في مونديال روسيا 2018، متسائلة: «نيمار هو أفضل مسدد لركلات الجزاء في سيليساو. لماذا لم يسدد الركلة الأولى؟».
الصحافة الكرواتية تحتفي بالانتصار
خصصت الصفحات الأولى من جميع صحف كرواتيا، أمس، للحديث عن الانتصار الملحمي الذي حققه منتخب البلاد أمام البرازيل في الدور ربع النهائي لمونديال قطر 2022، واصفة إياه ب «معجزة».
وذكرت صحيفة يوتارني ليست، الصادرة في زغرب، «لقد فعلنا نحن ذلك»، مشيرة إلى نتيجة مباراة المنتخبين الكرواتي والبرازيلي بفوز الأول 4-2 بركلات الترجيح عقب انتهاء الوقت الأصلي والإضافي للقاء بالتعادل 1-1، رفقة صورة للاعبي الفريق البلقاني وهم يعانقون بعضهم عقب النصر.
في حين أبرزت صحيفة نوفي ليست أن «البرازيل سقطت أيضاً»، مصحوبة بصورة البرازيليين ممددين في حالة من الحزن على العشب عقب الهزيمة بركلات الترجيح، وأضافت: «في الطريق إلى النهائي لا يوجد سوى ميسي والأرجنتين».
وعلى غلاف جريدة سلوبودنا دالماتيا نشر عنوان «التالي، من فضلكم»، مع التأكيد على أن المنتخب الكرواتي «يعبر إلى نصف النهائي باستحقاق وبطولة».