رغم مرور 10 سنوات على إنشاء هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عام 2014، فإنها لم تقم بدورها في إعداد اللوائح والنظم، كما لم تفعل الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها، متناسية أهمية قطاع التكنولوجيا، وأثره على الاقتصاد المحلي، وارتباط تطوره بتحسُّن مستويات المعيشة وخفض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية.

وبينت أوساط ذات صلة في حديثها مع «الجريدة»، أن هناك تخبطاً في المدد الممنوحة لرخص شركات الاتصالات المتنقلة، حيث تمنح رخصاً مؤقتة لمدة 6 أشهر، مقارنة بدول الخليج التي تمتد الرخص فيها من 10 إلى 15 عاماً، وهو عامل مهم لتشجيع الاستثمار ودخول مستثمرين جدد.

Ad

وأوضحت أنها لم تنظم سوق الترددات، الذي يُعد من موارد الدولة النادرة في الإيرادات، خصوصاً مع وجود تسعيرة لتلك الترددات بالدول المجاورة تساهم في تعزيز الإيرادات، مبينة أن الأطر التنظيمية للمنافسة وقوانين منع الاحتكار والهيمنة لاتزال مفقودة.

وذكرت أن الهيئة لم تنظم سوق العمل والاتصالات بشأن التراخيص رغم مُضي 10 سنوات على إصدار القانون منذ 2014، لاسيما أن الهدف من إنشائها هو وضع لائحة بضوابط وشروط منح رخص شبكات وخدمات الاتصالات، وتشجيع المنافسة والاستثمار في قطاعَي الاتصالات وتقنية المعلومات، ومنع المنافسة غير المشروعة، وإساءة استخدام أي طرف لوضعه المهيمن في السوق، إلى جانب وضع الضوابط الخاصة.

وأكدت مصادر أنه من الضروري تفعيل المادة 8، خصوصاً فيما يتعلق بوضع أسس تحديد أسعار وأجور خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات المُقدَّمة للمستخدمين، بما يتفق مع واقع المنافسة في تقديم الخدمة، ومستواها، ومراقبة تطبيقها، وتحديد أسعار وأجور خدمات الاتصالات المُقدَّمة للمستفيدين في حال انعدام المنافسة أو ضعفها، وهو ما أكده تقرير ديوان المحاسبة، من جانب آخر، يؤهل موقع الكويت الجغرافي لتكون Data hub، لكن تأخر القوانين والتشريعات من الهيئة يضيع فرصاً استثمارية كبيرة من شركات أجنبية عالمية، وبالتالي يضيع إيرادات الدولة، كما قد نقع في مأزق، نتيجة دخول شركات أجنبية عملاقة تتطلب توفير أراضٍ وبنية تحتية على وجه السرعة، حتى لا نصطدم بعائق الشرط الجزائي ودفع مبالغ مليونية نتيجة الإخلال بالاتفاقيات.

وعلى الجانب الإداري، عزز عدم اكتمال مجلس إدارة الهيئة بطء عملية تنفيذ تلك القرارات، بسبب الفراغ الذي يعانيه مجلس إدارة الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات، الذي تقدَّم 3 من أعضائه باستقالتهم في الأشهر الماضية، في حين يجب أن يتألف مجلس إدارة هيئة الاتصالات من 7 أعضاء، حيث يساهم هذا الفراغ في إعاقة عملية التطوير وحماية الشركات.

وأكدت المصادر أهمية اتخاذ خطوات تنفيذية لرفع دور جهاز حماية المنافسة، وإقحامه بالرقابة على سوق الاتصالات والإنترنت، لاسيما أن شركات مزودي خدمات الاتصالات والإنترنت لا تندرج تحت رقابته، ما يعيق القطاع من دخول الممارسات العالمية وحماية السوق والمستهلكين ومكافحة الاحتكار، بل تقع تحت رقابة الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات.

وكشف تقرير ديوان المحاسبة الأخير عن استمرار عدم التزام الهيئة بتنفيذ العديد من مشروعاتها المدرجة بميزانياتها للسنة المالية الحالية المعتمدة، وللسنوات المالية السابقة 2020/ 2021 و2021/ 2022، والتي تُعد مشاريع حيوية ومهمة متعلقة بمهامها وواجباتها، وفق ما نظمه قانون إنشائها وكفله بتعزيز أدائها وخدماتها وإيراداتها، وتنوَّعت تلك المشاريع بين استشارات، وتطوير برامج، وتراخيص، ودعم فني، وصيانة أجهزة، وإنشاءات.

كما سجَّل تقرير «المحاسبة» ملاحظات شابت عدم ممارسة الهيئة للاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها وتفعيل بعض مواد القانون رقم 37 لسنة 2014 وتحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها.

ومن الأمور التي تؤكد عدم قيام مجلس إدارة الهيئة بالعديد من المهام والصلاحيات الممنوحة لها وفقاً للمادة 8 من قانون إنشاء الهيئة، أنه يجب إقرار سياسات الهيئة، خصوصاً ما يتعلق منها بتشجيع المنافسة، ومنع الاحتكار، وتوزيع وتخصيص طيف الترددات الراديوية، وتوفير الخدمات، وإلزام المرخص له بتوفير وتركيب الأجهزة والمعدات والبرامج والحواسيب وكل التقنيات والتكنولوجيا الكفيلة لمنع وحجب المواد والروابط والمواقع المخالفة وجمع المعلومات والبيانات التي تمر من خلاله أو بواسطته أو عن طريق الأقمار الصناعية أو الممرات البحرية أو الموجات الراديوية أو عن طريق أو وسيلة أخرى مستجدة، سواء كان ذلك باستخدام شبكة الإنترنت أو أي شبكة اتصالات أخرى عامة أو خاصة، وأن يكون ذلك كله على نفقته.

ووفق المادة 8 يمارس مجلس الإدارة جميع الصلاحيات اللازمة لقيام الهيئة بمهامها، وعلى الأخص وضع الخطط والبرامج وتحديثها، المتعلقة بتنفيذ السياسة العامة للدولة في قطاعَي الاتصالات وتقنية المعلومات، إلى جانب الموافقة على منح التراخيص والتصاريح المتعلقة بإنشاء وتشغيل وإدارة شبكات الاتصالات العامة، وتقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات للمستخدمين، وإنشاء وتشغيل بنية اتصالات دولية وبنية نفاذ دولية بناءً على تحديد آلية إعلان التراخيص وشروط منحها.

وقالت إنه يجب وضع الشروط والضوابط المتعلقة بمنح التراخيص وتصاريح جديدة للمشغلين الحاصلين قبل إنشاء الهيئة على حقوق أو عقود أو تخصيص مورد لتقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات والمتعلقة باستخدام الترددات الراديوية والإنترنت، وتوفيق أوضاع المشتغلين الحاليين بما يتفق مع أحكام القانون، وتوفيق أوضاع الشبكات القائمة المملوكة للقطاع الخاص أو للدولة، باستثناء الشبكات المملوكة لمؤسسات الدولة الأمنية بما يتفق معلومات أحكام هذا القانون،

إلى جانب البت في الشكاوى المُقدَّمة إلى الهيئة من المستخدمين والمرخص لهم، ووضع معايير حل منازعات الإنترنت، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، باستثناء المنازعات المتعلقة بالاستحقاقات المالية الناجمة عن تطبيق اتفاقيات سارية المفعول.

وعلى صعيد متصل، أظهر تقرير ديوان المحاسبة كذلك عدم تفعيل المادة 3 من قانون إنشاء الهيئة رقم 37 لسنة 2014 وتعديلاته، والتي تنص على تولي الهيئة تنظيم قطاع الاتصالات والإشراف عليه، ورقابته، بهدف الارتقاء به في الكويت، وحماية مصالح المستخدمين.

وتنص الفقرة هـ من المادة 3 على تشجيع المنافسة والاستثمار في قطاعَي الاتصالات وتقنية المعلومات، ومنع المنافسة غير المشروعة، أو إساءة أي طرف لوضعه المهيمن في السوق.

ونظمت اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات في الفصل الخامس أحكام المنافسة.

وفي المادة رقم 30، والتي حظرت الاتفاق أو التنسيق بين أحد المرخص لهم وآخرين بهدف منع المنافسة في السوق أو الحد منها أو تشويهها في أي نشاط تجاري يتعلق بقطاع الاتصالات في الدولة، لتحقيق أي من الأمور التالية في سوق الاتصالات:

أ - التأثير في أسعار السلع والخدمات محل التعامل أو شروطها، بالرفع أو الخفض أو التثبيت، أو بالمعاملات الصورية أو الوهمية أو أي صور أخرى مما يتعارض مع آليات السوق بغرض الإضرار بالمنافسين الآخرين.

ب - الاختيار المسبق للشخص الذي سيفوز بعقد أو فرصة عمل في سوق الاتصالات.

ج - اقتسام أسواق الاتصالات أو توزيعها على أساس من المناطق الجغرافية أو مراكز التوزيع أو نوعيه العملاء أو الخدمة أو المواسم أو الفترات الزمنية بقصد الإضرار بالمنافسة.

د - إساءة استعمال المرخص له، سواء كان بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، لوضع مهيمن في السوق، أو لجزء رئيسي منه على نحو يحول بدرجة ملموسة دون المنافسة، أو يحد منها بشكل غير منصف.

هـ - إبرام أي اتفاق أو الدخول مع أي شخص آخر في أي ترتيبات أو تفاهمات أو ممارسات أو منح إمكانيات يكون من شأنها الحيلولة بدرجة ملموسة دون المنافسة في السوق أو الحد منها أو تشويهها.

و- إحداث تغييرات غير تنافسية في هيكل السوق، وبوجه خاص إقامة اندماجات أو دمج أو الجمع بين إدارة شخصين أو أكثر على نحو يؤدي إلى السيطرة أو زيادة السيطرة القائمة على سوق الاتصالات.

ز - حرمان أو منع مقدم خدمة آخر من استخدام ما يحتاجه من مرافق أو مواد نادرة اكتسبها المشغل.

ح - أي تصرف أو نشاط آخر تراه الهيئة مؤثراً أو يحتمل أن يؤثر بشكل جوهري في الحد من المنافسة أو الإضرار بها في أي من أسواق الاتصالات.

وفيما يتعلق بالشكاوى تلزم اللائحة التنفيذية بإصدار قرار بتنظيم آلية التحقيق في الشكاوى التي تقدم للهيئة، بوجود تقصير من المرخص له، أو خلاف بين المرخص له والمستفيدين بشأن مستوى الخدمة أو مخالفة شروط الرخصة وإجراءات حفظ الشكوى أو اخطار المرخص له بإزالة المخالفة خلال 90 يوماً.

ضخامة المبالغ المنصرفة للموظفين

كشف تقرير ديوان المحاسبة ضخامة المبالغ المنصرفة للموظفين، مقارنة بإجمالي مصروفات الهيئة للسنة المالية 2022/ 2023، حيث بلغ إجمالي المبالغ المنصرفة 20.3 مليون دينار، وبنسبة 85.5 في المئة من إجمالي مصروفات الهيئة، البالغة 23.7 مليون دينار.

ويتضح التزايد المستمر للمنصرف على الموظفين على مدى السنوات المالية السابقة، رغم عدم تعيين موظفين في الهيئة بأي من السنوات المالية، علاوة على انعدام الصرف على نوعي التدريب المحلي والخارجي من بند البعثات والتدريب في السنة المالية 2022/ 2023 بناءً على كتاب وزارة المالية بتاريخ 18/ 8/ 2021 بشأن وضع أسقف لإنفاق جميع الجهات الحكومية بما فيها المستقلة.

على صعيد متصل، وفي مقارنة مع مصروفات موظفي هيئة الاتصالات البحرينية، نجد أنها بلغت في البحرين 3.8 ملايين دينار بحريني عام 2022، في حين بلغت بالكويت 17.2 مليون دينار كويتي.

مقارنة الكويت بالخليج

إن النجاح الملحوظ في صناعة الاتصالات بدول مجلس التعاون الخليجي على مستوى العالم يساهم بشكل أساسي في عنصرين رئيسيين، هما: وجود رؤية حكومية وخطة تكنولوجية، وثانياً: تنفيذ التحرير وتطوير الإطار التنظيمي الفعَّال، في حين نجد أن البحرين لديها النهج الأكثر قوة في قطاع الاتصالات، والذي بدأت عملية تطويره عام 2002، ليتم بعد ذلك التحرير الكامل لأسواق الاتصالات السلكية واللاسلكية بالكامل عام 2004 خلال عامين فقط، وتم ضخ أموال الاستثمار المحلي والدولي في الاقتصاد، وتوفير فرص عمل، وتوطين شركات دولية. في حين نجد أن تصنيف الكويت بمراتب متأخرة في المعيار الذهبي للتنظيم الرقمي وتنظيم الاتصالات إذا ما قُورنت بدول الخليج، ما يدل على تأخر الحوكمة وتنظيم قطاع التكنولوجيا.