هاريس تكافح للحفاظ على خزان بايدن الانتخابي لدى النقابات
ترامب يواصل مهاجمة المهاجرين ويتراجع بالاستطلاعات في «حزام الصدأ»
تواجه المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس تحديات في الحفاظ على الدعم السياسي النقابي الذي كان يتمتع به الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث قررت نقابة سائقي الشاحنات، وهي مجموعة مؤثرة تضمّ 1.3 مليون عضو، عدم دعم المرشحة الديموقراطية في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، في «انتكاسة كبيرة»، وفق ما وصفت صحيفة «لوموند» الفرنسية، خصوصا أن هذه النقابة دأبت على التصويت للحزب الديموقراطي.
وأكد رئيس نقابة سائقي الشاحنات، شون أوبراين، أن كلّا من هاريس وترامب لم يقنعا النقابة بالتزامات ملموسة لصالح العمال، فيما يتعزز هذا الانفصال عن هاريس بسبب حقيقة أن ترامب يحظى بدعم العديد من أعضاء النقابة.
وأظهر استطلاع داخلي أجرته النقابة أن 59 في المئة من الأعضاء سيؤيدون المرشح الجمهوري، مقارنة بـ34 بالمئة لمنافسته، التي سعت إلى طمأنة معسكرها عندما نشرت قائمة مؤيديها من سائقي الشاحنات السود، لكن هذا لم ينجح في إخفاء انقسام النقابة.
وتعود التوترات بين النقابات وإدارة بايدن على وجه الخصوص إلى أزمة السكك الحديدية عام 2022، حيث فرضت الحكومة اتفاقاً لتجنب الإضراب، ما أزعج العديد من النقابات التي اعتقدت أنه تمت التضحية بمصالحها لصالح الشركات الكبرى.
وتشكل إعادة انتخاب هاريس أهمية بالغة في ولايات حزام الصدأ (ميشيغان، وبنسلفانيا، ويسكونسن)، حيث تلعب النقابات دوراً رئيسياً في النتائج الانتخابية. وبينما تمكن بايدن، الذي غالبا ما يُنظر إليه على أنه «الرئيس الأكثر تأييداً للنقابات في التاريخ»، من الحفاظ على تقدم قوي بين ناخبي النقابات في 2020، تعتمد هاريس أسلوب تواصل مختلفا، وفشلت لحدّ الآن في إعادة خلق تواصل وانسجام مع العمال.
وسعت هاريس أثناء قيامها بجولة في مدن صناعية مثل ديترويت وبيتسبرغ، إلى تأكيد التزامها تجاه النقابات، لكن خطابها يختلف عن بايدن، الذي تحدث في كثير من الأحيان عن أصوله المتواضعة وارتباطه بنضالات الطبقة العاملة، في حين تركز نائبته أكثر على الفرص الاقتصادية.
وأكدت المرشحة الديموقراطية دور النقابات في تعزيز حقوق العمال، معلنة تأييد مقترحات أسبوع عمل بخمسة أيام والإجازات المرضية، لكن نهجها لم يلق صدى لدى العمال بنفس الطريقة التي اتبعها بايدن.
كما تواجه هاريس ارتفاعا حادّا في عدد الإضرابات خلال السنوات الأخيرة، من 433 في 2022 إلى 470 في 2023، مع تزايد عدد العمال المشاركين. ومن بين الإضرابات المستمرة إضراب موظفي شركة بوينغ، الذين رفضوا زيادة الأجور ويكافحون من أجل تحسين ظروف عملهم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إضراب عمال الأرصفة المقرر في الأول من أكتوبر المقبل قد يؤدي إلى شل الموانئ الأميركية، مما يتسبب في اضطراب اقتصادي كبير. وقد يؤدي هذا الإضراب إلى الإضرار بحملة هاريس من خلال تذكير الناخبين بالصعوبات الاقتصادية التي تواجه ولاية بايدن، ولاسيما أزمة ارتفاع التضخم.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تتمتع هاريس بدعم شون فاين، وهو زعيم مؤثر في نقابة عمال السيارات، فضلا عن نائبها تيم فالز، وهو مدرس نقابي سابق في مينيسوتا، لكن مع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا سيكون ذلك كافيا لتعبئة الناخبين النقابيين في الولايات الرئيسية.
ومع اقتراب الانتخابات، تظهر استطلاعات الرأي أن هاريس تحافظ على تقدم بين ناخبي النقابات، لكن هذا أقل من تقدم بايدن في عام 2020. ويسلط هذا الوضع الضوء على أهمية النقابات في السياسة الأميركية والجهود التي لايزال يتعين على هاريس بذلها لاستمالة هذا الفئة الانتخابية الأساسية.
وبينما تسعى هاريس للاستحواذ على أصوات الأقليات، لاسيما المتحدرين من أميركا اللاتينية، واصل المرشّح الجمهوري ترامب هجماته على المهاجرين، فيما أظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك تقدم هاريس بخمس نقاط على ترامب في ولايتي بنسلفانيا وميشيغن الحاسمتين.
وأعلن ترامب أنه سيتوجه إلى سبرينغفيلد في أوهايو، بعد أيام من قوله إن مهاجرين غير شرعيين من هايتي يأكلون فيها القطط والكلاب، ما تسبب في 33 إنذارا بوجود قنابل وإغلاق مؤقت لعدد من المدارس، وهو ما استنكره الحاكم الجمهوري مايك ديواين الذي نأى بنفسه عن ترامب ونائبه جاي دي فانس.
وهاجم ترامب المهاجرين الذين «يأتون من إفريقيا والشرق الأوسط ومن كل أنحاء العالم وآسيا ليدمروا نسيجنا الاجتماعي»، متعهّدا بـ»التخلص من هؤلاء الأشخاص» في حال إعادة انتخابه، متّهما هاريس بفتح الحدود أمام الهجرة غير النظامية، وقال إنها ستكون «رئيسة الغزو» إذا هزمته في الانتخابات.
في المقابل، لبّت المرشّحة الديموقراطية دعوة من منظمة مؤيدة للشعوب المتحدرين من أصول أميركية لاتينية لزيارة واشنطن، وحذّرت من «عمليات طرد جماعي» للمهاجرين و«معسكرات اعتقال» كان وعد بها منافسها في حال عودته إلى البيت الأبيض.
في هذا السياق، أظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك تقدّم هاريس بفارق طفيف يبلغ خمس نقاط على ترامب في ولايتي بنسلفانيا وميشيغن بعد أسبوع من المناظرة التلفزيونية التي تواجه فيها المرشحان، حيث حصلت على 51 بالمئة من نوايا التصويت في بنسلفانيا، مقابل 45 بالمئة لمنافسها الجمهوري، كما حصلت على 50 بالمئة من الأصوات في ميشيغن مقابل 45 بالمئة لترامب، وتقدمت بفارق ضئيل في ويسكنسن (48 بالمئة مقابل 47 بالمئة).
والمرشح الذي يُهزم في هذه الولايات الثلاث يفقد عمليا أي فرصة لانتخابه على المستوى الوطني، فقد فاز ترامب بهذه الولايات في 2016، وبايدن في 2020.