• بداية حدثنا عن نشاطك الفني والممتد لأكثر من ربع قرن.

- مارست الفن منذ الطفولة، أي منذ كنت بالمرحلة الابتدائية، ونتيجة شغفي الكبير بالرسم والفنون التشكيلية، التحقت بكلية التربية وعززت موهبتي بالدراسة، وبعد التخرج زاد تعلّقي وتعمقي بالفنون التشكيلية، وصارت جزءاً أساسيا في حياتي ومسيرتي، فقدمت أعمالا متنوعة كالخط العربي والنحت والخزف، وكان أهم ما يجذبني هو تسخير هذه الأعمال لتسجيل وتوثيق البيئة الكويتية القديمة والحديثة، وشاركت من خلال أعمالي في معارض محلية، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أو وزارة الإعلام، أو غيرها من الوزارات والجهات الخاصة، كما شاركت في معارض خارجية، أهمها بينالي القاهرة وبنغلادش وفينيسيا، وغيرها من المناسبات التي تعد فرصة كبيرة لتجمّع الفنانين حول العالم وتبادل تجاربهم الفنية.

Ad

• ما أكثر التقديرات التي تعتز بها خلال تلك المسيرة؟

- حصلت على العديد من الجوائز من جهات ودول مختلفة نتيجة أعمالي ومشاركاتي المتعددة، لكن أهمها من وجهة نظري هو جائزة الدولة التشجيعية، وكتاب شكر لمساهماتي الفنية بدولة الكويت من سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيّب الله ثراه.

مشوار فني

• هل لديك عمل معيّن تعتز به وتعتبره خلاصة لتجربتك الفنية؟

- أعتز بجميع أعمالي، لأن كل عمل أعطيته من إحساسي وشغفي وجهدي، ولكن تكون لدى الفنان أعمال فارقة، لأنها تعتبر تميزا في اتجاه ما، وبالنسبة لي، فإن لوحة العرس الكويتي تعد محطة فارقة في مشواري الفني، وذلك لتسجيل مراحل الزفاف في الكويت قديما وتوثيق التراث بواقعية شديدة ممزوجة بحسّ فني يجعل اللوحة كشريط سينمائي محمل بصوت الفرحة وموسيقى العرس، وكأن المشاهد للوحة، سواء عاصر تلك المرحلة أو لم يعاصرها، يشعر كأنه يسير في زمن قديم، ويشارك في العرس، ويشعر بالبهجة والفرحة بنكهة كويتية خالصة.

• كيف جاءت فكرة اللوحة من حيث الحجم والمحتوى الفني؟

- طلبت منّي السيدة نوار النقيب، وهي واحدة من أهم الداعمين للفنون بالكويت، أن أصنع لوحة تعبّر عن الفرحة، وبالنسبة لي، فإن الفرحة الكويتية هي العرس الكويتي، ونتيجة شغفي بالتراث، فقد قررت أن أعكس جمال مراحل الزفاف في لوحة تعجّ بالفرحة، ونظرا لتعدد مشاهد العرس، التي بلغت 8 مشاهد، فقد تم تنفيذها في 4 أجزاء، وبعد ترتيبها في لوحة واحدة، بلغ طولها 14 مترا في ارتفاع 140 سم، وهو ما استغرق تنفيذه أكثر من 3 أشهر، حيث شرعت في تنفيذها بالرسم المبدئي على «سكيتش»، ثم تحويله إلى لوحة باستخدام الألوان الزيتية على «كانفس» في الفترة من 14 أبريل إلى 2 أغسطس الماضيين.

ردود الفعل

• إلى أي مدى بلغت صعوبة تنفيذ عمل بهذا الحجم غير المسبوق؟

- طبيعة العمل هي التي فرضت عليّ أن ألجأ إلى هذا الحجم من اللوحة، لأن مشاهد العرس الكويتي ومراحله متعددة، ولتوثيق كل مرحلة بتفاصيل دقيقة، فإن العمل سيحتاج إلى مساحة أكبر، ولذلك فقد صنع هذا التحدي إنجازا غير مسبوق، وهو أن يقدم فنان كويتي عملا بهذه الشمولية وهذا الحجم غير الاعتيادي، بتفاصيل وتسلسل وترابط وترتيب لطقوس العرس الكويتي، ابتداء من الخطوبة وحتى الزفاف، ولذلك فبداخلي شعور كبير بالفخر والسعادة لخروج اللوحة بهذا الشكل المشرّف لتُسعد كل من يشاهدها، وبالفعل، فقد حققت اللوحة منذ انتهائها ردود فعل جميلة تثلج الصدر، وكل من يراها يعبّر عن شعوره بالفرحة، وكأن اللوحة طاقة فرح وسعادة لكل من يشاهدها.

المعمار القديم • اللوحة تقدم مشاهد ليلية وأخرى نهارية، مع تنوّع واضح بعناصر الإضاءة والظلال.. حدثنا عن رؤيتك للعمل.

- حرصت على أن تعكس اللوحة الزمن من خلال الألوان والمعمار القديم للبيوت وشكل الطرق والفرجان والأثاث وتصميم الأزياء، وأن تكون نموذجا حيّا للبناء الكويتي القديم، وتطلّب ذلك تقديم مشاهد نهارية وأخرى ليلية، لتقديم صورة شاملة عن البيئة الكويتية وأحد مشاهد الحياة فيها خلال احتفالات الزفاف، كما كان للضوء دور مهم في عكس تلك الصورة، لأنه خلال تلك الحقبة كان الكويتيون يعتمدون على المصابيح البسيطة قبل الكهرباء، وكان لهذه الإضاءة انعكاس على الجدران والحوائط، وساهم تنوّع الظلال ومصادر الإضاءة ليلا ونهارا في تنوّع مشاهد العمل وإضافة المشاعر لجوانبه، سواء بالمنزل أو الحوش أو الديوانية أو الليوان، وصولا إلى غرفة العروسين، كما كان حضور المرأة طاغيا على مشهد العرس الكويتي، باعتبارها المسؤولة عن تحضير العروس، والأكثر اهتماما بالتفاصيل ومظاهر الاحتفال.

التراث الكويتي

• كيف استقيت مشاهد العمل الفني ومراحل العرس الكويتي قديما؟

- أنا لم أعاصر هذه الأجواء الاحتفالية، ولكنها لم تكن أول أعمالي التراثية، فقد قدمت أعمالا عدة تحاكي البيئة الكويتية القديمة، ولذلك فقد استقيت معلوماتي من عدة مصادر، نتيجة دراسة هذه الحقبة الزمنية وأسلوب العمارة والأزياء ومراسم العرس خلالها، فاطلعت على العديد من المصادر، وتواصلت مع فنانين يوثّقون البيئة الكويتية، وقرأت عدة مراجع حول تلك المرحلة من تاريخ الكويت، وشاهدت برامج تلفزيونية وثّقت العرس الكويتي قديما، وإلى جانب كل هذه المعلومات، فقد ظل جانب كبير متروكا لخيال الفنان، ليبدع ويجسّد إحساسه، وهو ما يظهر في ملامح الشخصيات المرسومة باللوحات، وطريقة كلامها ونظراتها وتعبيرات الوجه.