قضية هورنكاسل (4)

هذه الحلقة (4) من سلسلة المقالات المتخصصة بالأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة العليا البريطانية.

• تعد المحاكمات الجنائية من الإجراءات الأولية، للوصول إلى صدور الحكم وتنفيذه، مسألة تؤرق الحياة العامة في المملكة المتحدة، فهي ذات قداسة لا يمكن صرف النظر عنها! فتتكون الهيئة القضائية عند إحالة الدعاوى الجنائية للمحكمة العليا من سبعة قضاة لإيجاد صورة نمطية يقصد من خلالها تحقيق بلاغة في ضمان محاكمة عادلة للأطراف المعنية.

ولعل قضية هورنكاسل إحدى أبرز القضايا التي أثارت الرأي العام الأوروبي، بسبب تجاوز أصداء تلك القضية حدود المملكة المتحدة، ونوجزها بقيام أشخاص بارتكاب جرائم متعددة توصف بالخطرة، عجزت تحريات الشرطة عن إيجاد أدلة (قطعية) واقتصرت الأدلة على تقديم دليل سمعي وهي (شهادة) امرأة هربت قبل انطلاق جلسات المحكمة «خوفا» على حياتها!

اللافت أن المحكمة الأولية والاستئنافية أدانت المتهمين وفقا لهذا الدليل المفرد، والذي اعتبره دفاع المتهمين اعتداء على حقوقهم الإنسانية وأنه (مخالف) لميثاق معاهدة حقوق الإنسان ووصفوه بالدليل (الـهــش) ولا يعدو عن كونه مجموعة من الإشاعات، فهو ليس دليلا (قطعيا) للحكم، الأمر الذي حذا بدفاع المتهمين للتوجه في جولة قضائية أمام المحكمة العليا، وقدم الدفاع طلبات من بينها إحالة ملف الدعوى بالكامل للمحكمة الأوروبية في ستراسبورغ، إلا أن المحكمة العليا رفضت استئناف دفاع المتهمين، واعتبرت حكمها (مكملا) لحكم محكمة الاستئناف لا (بديلا) عنه، والذي بموجبه يدينهم، مع إحالة الدعوى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بفرنسا لاستيفاء طلبات الدفاع.

وصرحت المحكمة العليا في المملكة المتحدة للرأي العام بأن «آراء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليست ملزمة ولا تغير في قرار محاكم المملكة المتحدة وهي (للاستئناس) فقط!»، ومع ذلك دعت المحكمة الأوروبية المحكمة العليا في المملكة المتحدة للدخول في حوار، ولم ترفض الأخيرة تلك الدعوة، وأردفت ببيان «تمسكها بقرار إدانة المتهمين منعا للتعدي على السيادة الإقليمية للمملكة المتحدة!»، وأصبحت قضية هورنكاسل سابقة قضائية يستند إليها الادعاء العام البريطاني عند ضعف الأدلة في ترافعه أمام القضاء!

آخر سطر: إن المطالبة بأدلة (قطعية) قد ينتج عنها صعوبات عملية في تطبيق القانون! (اقتباس عن الحكم)