خبر وتعليق: الولاءات العابرة

نشر في 20-09-2024
آخر تحديث 19-09-2024 | 18:54
 مساعد الحمدان

برزت على الساحة المحلية أنشطة أيديولوجية مختلفة وولاءات سياسية عابرة، استقت مفاهيمها من منظمات خارجية أدت إلى توتّرات وتضارب في الأهداف والمصالح الوطنية من شأنها أن تشكل تهديداً مباشراً للأمن الوطني الشامل.

إن الديموقراطية والأمن يجسدان الوحدة الوطنية وهما مطلب مهم في مواجهة التحديات المختلفة، ولكن «الأمن والاستقرار» مقدم على «الديموقراطية»، لأنه يوفر لها الاستقرار ويشد قواعدها التي تنمو وتزدهر في ظله، والفشل في تحقيق ذلك يؤدي الى الاضطراب السياسي والاجتماعي ويشكل تهديداً مباشراً للأمن المجتمعي. فالأيديولوجيات الفكرية «البروباغاندية» تعمل على دغدغة العواطف للتأثير على الرأي العام ليصبح المتلقي لها جاهزاً للاستغلال من خلال التضليل والتحريض الخارجي، مما جعل الحزبية بوقاً لصانعيها وورقة ضغط لمواكبة الأحداث والمتغيرات الإقليمية، فضلا عن عدم تبني خطاب سياسي جديد، والسير في مسلك السياسة المخادعة التي فرّقت شَمْلَه، فأصبحت معبراً لمصالح الطبقة العاملة التي تمثل المجتمع، وإن بوصلة الانتماءات العابرة للحدود سرعان ما تكشف عن حقيقة اتجاهها تأييداً وائتلافاً مع منظماتها الخارجية واستقواءً على الوطن وإخلالا بأمنه الوطني يقودها جُهّال لا يفهمون، فهم الخطر الحقيقي والطوابير المخبأة التي تجلب الكوارث وتدفع للهلاك، واللبيب من يتعظ بالتاريخ.

وإن تعزيز الولاء والانتماء لا يتحقق إلا بوجود «الأمن الفكري» الذي يعد «بوابة الأمن» التي تحميه من الخطابات الخارجية الرنّانة الزائفة، ويسكت الإشاعات المستهدفة الأفّاكة، ويحصّن النشء من أصحاب الفكر المناهض، ويحافظ على القيم، ويرسخ الثوابت، ويبني الوعي الوطني، ويرسم ملامح الهوية الوطنية، ويعزّز مصادر القوة القومية في كل الميادين، وهذا يتطلب جهوداً محكمة متكاملة لجميع مؤسساتنا لضمان مستقبل آمن نحقق من خلاله الرفاهية الاجتماعية والازدهار الاقتصادي والمنعة للدولة، والناظر في أحوال الذين حولنا يرى العجب والدمار، وذلك كله لغياب الوعي الفكري وتعلقهم بشبهات غرسها في عقولهم أصحاب الأغراض والمطامع الخبيثة.

فلنحافظ على الفرد من الأفكار الحزبية الهدامة، ولتكن الكويت حزبنا الأوحد ولاءً وانتماءً، فصلاح الفرد من صلاح المجتمع، وهو الأساس المتين والدرع الحصينة له، فلنحافظ عليه ولنسلحه بسلاح العلم والمعرفة والقيم العليا والمبادئ المثلى، ليضيق الخناق على الفاسدين، فلا للولاءات العابرة ونعم للكويت الباقية، ودمتم ودام الوطن.

* باحث في إدارة الأزمات والأمن الوطني.

back to top