بالرغم من قلة كتابتي حول الأوضاع الرياضية فإنها دائمًا ما تلقى تفاعلا في الوسط الرياضي، وعلى ما يبدو أن مقال «الرياضة صناعة» الأخير أثار حفيظة مجموعة من الأكاديميين والمهتمين بالشأن الرياضي بعد أن ألقيت عليهم اللوم إلى ما آلت إليه حال الرياضة الكويتية، ومطالبتي إياهم بتبني رؤية واستراتيجية وأهداف محددة مقرونة بجدول زمني لتطويرها وجعلها ضمن محور التنمية المجتمعية، إلا أنهم أجمعوا على قول واحد بأن الإصلاح صعب المنال ما دامت المجاميع ذاتها مسيطرة على مخرجات مجالس إدارات الأندية.
في عام 2016 كتبت مقالاً تحت عنوان «من الرياضة تمر السياسة» لقناعتي بأن السيطرة على مجالس إدارات الأندية ما هي إلا وسيلة للوصول إلى البرلمان، ثم بعد أكثر من عام أردفته بمقال آخر تحت عنوان «عودة الأزرق وأحلام النجوم»، فعلى ما يبدو أن وضع الرياضة الكويتية لم يتغير منذ ذلك الوقت، بل إنه يسير للخلف رغم محاولات الدولة تلبية مطالبات الأندية الرياضية من خلال رفع الدعم المادي والسماح لها الاستثمار بمحيط النادي، إلا أن هذا الدعم جاء بنتائج عكسية وزاد من حدة التناحر بين القوائم الانتخابية.
ألعاب كثيرة جماعية وفردية كان من المفترض أن تصل إلى العالمية، ومع هذا تراجع تصنيف الرياضة الكويتية بشكل كبير خلال العقدين الماضيين بسبب سيطرة الأقطاب ذاتها على الرياضة من خلال إصرارهم على سياسة كسر العظم بمباركة بعض أعضاء مجلس الأمة وبتأييد ومساندة مجالس الأندية الرياضية ممن قدّموا مصالحهم الشخصية على حساب الرياضة والرياضيين.
يقول لي أحد المخضرمين في المجال الرياضي إن ما تراه من تصرفات لبعض القيادات الرياضية ما هو إلا بهرجة إعلامية، فالمكافآت التي تقدم للاعبين ينطبق عليها المثل «من كيسه عايده» وإن مصدر تلك الأموال تحوم حوله الشبهات خاصة بعد سماح الهيئة العامة للرياضة للأندية بالاستثمار، وإن كنت غير مصدق فانظر إلى قيمة خلوات المحلات ثم احكم بعد ذلك.
إجابتي له بأني لست جهة إشرافية أو رقابية ولا أدخل في النوايا، لكن قناعتي بأن ضعف الرقابة المالية والإدارية من قبل الهيئة العامة للرياضة وأجهزة الدولة المعنية قد يكونان من أهم أسباب تراجع مستوى الرياضة الكويتية، ناهيك عن سكوت أعضاء الجمعيات العمومية، وعدم محاسبتهم لمجالس إدارات الأندية على النتائج الهزيلة للألعاب الفردية والجماعية ومصادقتهم على التقرير المالي والإداري، لذلك المطالبة المستحقة تتطلب إجراء تغيير شامل للنظام الأساسي للأندية والاتحادات مع التأكيد على ضرورة ربط زيادة الدعم المالي الحكومي والمكافآت مع النتائج المحلية عند تحقيق نتائج إيجابية في المنافسات القارية.
نصيحة ونقطة على آخر السطر، الرياضة من العلوم التي دخلت عليها الكثير من التطورات خلال السنوات الأخيرة، وأكاد أجزم بأن القيادات السابقة ليست قادرة على مواكبة تلك التطورات والتلميح بعودتها وقيادتها للمرحلة المقبلة، مهما كانت المبررات هو بمنزلة حكم مسبق على إعدام الرياضة في الكويت.
ودمتم سالمين.