أدى اليساري، أنورا ديساناياكا، «55 عاماً»، اليمين الدستورية ليصبح الرئيس التاسع لسريلانكا، بعد فوزه في انتخابات رئاسية نظمت السبت الماضي، هي الأولى بعد انهيار اقتصادي عام 2022 قاد البلاد إلى الإفلاس وإلى تغيير سياسي أطاح عائلة راجاباكسا الرئاسية.
وبعد جولة ثانية من الفرز تعتمد على التصويت التفضيلي يسمح بها القانون الانتخابي في سريلانكا، حصل زعيم حزب جاناتا فيموكثي بيرامونا الماركسي، ديساناياكا، على نسبة 55.89 في المئة من الأصوات، في حين حصل ساجيث بريماداسا (نجل رئيس وزراء سابق اغتيل في التسعينيات على يد متمردي «نمور التاميل» وزعيم المعارضة على حكم الرئيس السابق غوتابايا راجاباكسا)، على نسبة 11. 44 في المئة.
أما رانيل ويكريمسينغه الذي انتخبه البرلمان في 2022، بعد فرار راجاباكسا، الذي تولى رئاسة الحكومة 6 مرات، فقد خرج من السباق، بعد أن حصل في الجولة على نسبة 27.17 بالمئة من الأصوات.
التغيير والتوازن
وفي خطاب تنصيبه، تعهد ديساناياكا بإحداث تغيير في الدولة الجزيرة التي خضعت لسيطرة عائلات سياسية قوية لفترة طويلة، وتتعافى من أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من 70 عاما.
وأقر بأن إدارته ستواجه العديد من التحديات، ووعد بالعمل مع الخبراء واتخاذ القرارات المثلى للبلاد، معتبراً أن مهمته الرئيسية تكمن في خلق ثقافة سياسية جديدة، وتعهّد بـ «التفاني في حماية وتعزيز الديموقراطية».
وفي تصريحات تعكس رغبة في عدم الانجرار الى منافسة من أي نوع بين الهند والصين المجاورتين، شدد الرئيس الجديد على أن البلاد بحاجة إلى علاقات جيدة مع جميع الدول، معرباً عن التزامه ببناء علاقات قوية مع الجميع.
من التمرد إلى الحكم
وقاد حزب جاناتا فيموكثي بيرامونا (حزب التحرير الشعبي) الذي يقوده ديساناياكا، تمردين فاشلين سابقين ضد الحكومة، الأول عام 1971 والثاني استمر بين العامين 1988 إلى 1990، لكنّه شارك هذه المرة في الانتخابات تحت اسم ائتلاف «السلطة الشعبية الوطنية».
وخلال حملته، خفض ديساناياكا من سقف خطابه اليساري، وانتقد الزعماء «الفاسدين» المسؤولين في نظره عن الفوضى التي حدثت عام 2022، ووعد بتخفيض الضرائب والرسوم على المنتجات الغذائية والأدوية، لتأثيرها على السكان. ويبدو أن جذوره الاشتراكية تناغمت مع الغضب الشعبي من الانهيار الاقتصادي الذي أرخى بظله على كل مناحي الحياة.
خطة البنك الدولي
وقبل إعلان فوزه، أعلن ديساناياكا أنه لن «يمزق» خطة الإنقاذ الموقعة مع صندوق النقد الدولي عام 2023 بعد مفاوضات طويلة، وقيمتها 2.9 مليار دولار.
وتعهّد حزبه بالسعي لإدخال تعديلات على الخطة، رغم أن الصندوق بدا غير مستعد لإجراء أي تعديل.
وكان الرئيس المنتهية ولايته قاد سياسة تقشف قاسية وزاد الضرائب وخفض بشكل جذري الإنفاق العام، بناء على خطة البنك الجولي الموقّعة عام 2023. وتمكّنت هذه الخطة خلال عامين من إعادة الهدوء إلى الشارع، مع عودة النمو ببطء.
لكنّ خطة الإنقاذ تركت ملايين السريلانكيين يكافحون من أجل العيش. وأكد البنك الدولي أن بداية التعافي في سريلانكا أدت إلى زيادة نسبة الفقر، الذي بات يطول حاليا أكثر من ربع السكان البالغ عددهم 22 مليون نسمة.
وقالت جولي كوزاك (من صندوق النقد الدولي) لصحافيين في واشنطن الأسبوع الماضي «تم تحقيق الكثير من التقدم، لكن البلاد لم تخرج من الأزمة بعد».
وقبل أداء اليمين، استقال رئيس الوزراء دينيش جوناواردينا، لإفساح المجال لاختيار رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة.
«الحزام والطريق»
وهنأ جيران سريلانكا، الهند وباكستان وجزر المالديف، ديساناياكا على فوزه بالرئاسة، وكذلك الصين أكبر مقرض للجزيرة. وبعث الرئيس الصيني، شي جينبينغ برسالة تهنئة، وصف فيها الصين وسريلانكا بأنهما «جارتان صديقتان تقليديتان» تشكّلان «مثالاً جيداً للتعايش الودي والتعاون متبادل المنفعة بين الدول المختلفة في الحجم». وتعهّد شي بالعمل مع الرئيس السريلانكي لـ «تسهيل التعاون عالي الجودة والأكثر إثماراً في إطار مبادرة الحزام والطريق».