هاجمت إسرائيل اليوم أهدافاً ومواقع عسكرية ومنازل سكنية تدعي أنها تحتوي أسلحة وذخائر لحزب الله في جنوب لبنان ومنطقة البقاع في اليوم الثاني من عملية عسكرية أطلقت عليها اسم «أسهم الشمال»، وردّت الجماعة المدعومة من إيران، بمهاجمة منشآت عسكرية في شمال إسرائيل في توسيع نوعي لأهدافها، مما يؤجج مخاوف اندلاع صراع شامل بعدما شهد لبنان، أمس ، سقوط أكثر من 550 قتيلاً في أكبر عدد من القتلى في يوم واحد منذ عقود.

وقال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي اليوم ، إن حزب الله يجب ألا يحظى بفاصل من الهدوء، وإن الهجمات على الجماعة المدعومة من إيران سيجري تعجيلها رغم أن الغارات اليوم ، تراجعت نسبياً عن اليوم الذي سبقه والذي أدت كثافة النيران والغارات خلاله إلى نزوح عشرات آلاف الجنوبيين والبقاعيين من منازلهم، في حركة نزوح استمرت اليوم ، وامتدت إلى سورية.

وذكر هاليفي بعد إجراء تقييم أمني «يتطلب الوضع استمرار التحركات وتكثيفها على جميع الجبهات». ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول كبير قوله، إنه إذا «لم يفض المسار السياسي لإعادة سكان الشمال فسندرس عملية برية في لبنان». وقالت مصادر، إن العمل البري غير مطروح أقله قبل أسبوعين إلى ثلاثة من القصف الجوي المكثف.
Ad


وأغارت المقاتلات الحربية الإسرائيلية على قرى وبلدات في مناطق عدة في جنوب لبنان ومنطقة البقاع الشرقية، التي تعد أكبر محافظة لبنانية من حيث المساحة، والحدودية مع سورية والتي تمتد على الخاصرة الشرقية للبنان من الشمال إلى الجنوب.

نزوح وشلل

وأعلنت وزارة الصّحة اللبنانية أنّ الحصيلة المحدّثة للاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان بلغت «558 شهيداً بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، و1835 جريحاً»، مضيفة أن غالبية الضحايا من المدنيين العزّل. وأشارت وسائل إعلام سورية إلى سقوط 45 سورياً مقيماً في لبنان في الغارات الإسرائيلية.

وقال مسؤول من منظمة الصحة العالمية في لبنان، إن العبء على بعض المستشفيات اللبنانية يتزايد بسبب أعداد المصابين، وفي المقابل فإن مستشفى حيفا الرئيسي في إسرائيل نقل عملياته إلى منشأة تحت الأرض بعد هجوم صاروخي على المدينة.

وألغيت نحو 40 رحلة جوية من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وأوقفت جميع شركات الطيران رحلاتها باستثناء طيران الشرق الأوسط الناقل الوطني اللبناني والطيران الإيراني. وأعلنت وزارة التربية تمديد إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات حتى نهاية الأسبوع.

وقال ماثيو سولتمارش المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «لدينا عشرات الآلاف (من النازحين في لبنان)، لكننا نتوقع أن هذه الأرقام ستبدأ في التزايد». وأضاف «الوضع مقلق جداً».

وعلق نازحون متجهون من الجنوب إلى بيروت لأكثر من 14 ساعة، أمس ، بسبب الزحمة على الخط اوتستراد الجنوب ـ بيروت. وقضت عشرات العائلات ليلة الأحد ـ الاثنين في السيارات وسط نقص في المياه والغذاء في ظروف صعبة بسبب وجود أعداد كبيرة من المسنين والأطفال.

ونقلت «فرانس برس» عن مصدر أمني سوري قوله، إنه «تم تقدير عدد الأشخاص الذين اجتازوا الحدود عبر معبري القصير (شرق لبنان) والدبوسية (شمال) بنحو 500 شخص بين الساعة الرابعة عصراً حتى منتصف ليل» الاثنين ـ الثلاثاء.

وعند نقطة المصنع الحدودية في شرق لبنان الذي تعرض لقصف اسرائيلي، شاهد السائق أسامة بلال الذي يقل الركاب على طريق دمشق بيروت «اكتظاظاً بعشرات السيارات التي تحمل لوحات لبنانية قادمة باتجاه دمشق». وأفاد بأن أغلبية السيارات تحمل حاجيات وأمتعة والركاب مكدسون بداخلها.

وقالت صحيفة الوطن السورية الموالية للحكومة السورية، إن مئات اللبنانيين عبروا اليوم من معبر جديدة يابوس الى سورية، مضيفة أن السلطات منحتهم تسهيلات. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وهو مؤسسة معارضة عبور مئات النازحين. وكان بعض النازحين السوريين تعرضوا لمضايقات في كافة مناطق لبنان أخيراً وبشكل خاص في مناطق وجود حزب الله بسبب اتهامهم بالوقوف وراء خروقات أمنية.

لا تعودوا

وسلط تصريح أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الضوء على نية اسرائيل تهجير أكبر عدد من اللبنانيين ربما لمحاولة إجراء مقايضة بين هؤلاء مع سكان الشمال لديها الذين ترغب في إعادتهم إلى منازلهم التي فروا منها بعد فتح حزب الله جبهة مساندة لغزة في أكتوبر الماضي، وبين النازحين.

وقال أدرعي المتحدث العربي للجيش على موقع «إكس»: «أؤكد وأحذر السكان اللبنانيين الذين غادروا وابتعدوا عن المنشآت والمنازل التي احتوت أو لا تزال تحتوي على أسلحة. لا ترجعوا إليها. إنها أماكن خطيرة قد تنفجر فيها المتفجرات، قد تقصف لاحقاً من جديد».

وبعد نفي حزب الله أمس مقتل الرقم 3 في قيادته العسكرية علي كركي الذي قالت إسرائيل، إنها استهدفته بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، شنت إسرائيل اليوم غارة على منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، قتل فيها إبراهيم قبيسي رئيس المنظومة الصاروخية للحزب بالإضافة إلى 5 أشخاص.

حزب الله يوسع الاستهداف

في المقابل، أعلن حزب الله شن هجمات صاروخية على قواعد عسكرية إسرائيلية شملت مصنع متفجرات منطقة زخرون على بعد 60 كيلومتراً داخل إسرائيل بوابل من صواريخ «فادي 2» متوسط المدى، ومطار مجيدو العسكري قرب بلدة العفولة في شمال إسرائيل وقاعدة ومطار رامات دافيد العسكري، قرب حيفا، وقاعدة عاموس التي قال، إنها القاعدة الرئيسية للنقل والدعم اللوجستي للمنطقة الشمالية وقاعدة نيمرا، وقاعدة شمشمون التي قال انه استخدم فيها صواريخ «فادي 3» الذي لم يستخدمه من قبل. وتقول مصادر، إن حزب الله لم يستخدم بعد صواريخه طويلة المدى.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض عدداً كبيراً من المقذوفات قادمة من لبنان.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن رئيس بلدية صفد قوله إن «نصف سكان المدينة لا ملاجئ مناسبة لديهم تحميهم من الصواريخ». وأعلن مركز الجليل الطبي الإسرائيلي في نهاريا، وصول «تسعة مصابين في سقوط صواريخ على منطقة الجليل الغربي».

حافة الهاوية

وفيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته أمام الجمعية العامة للامم المتحدة من أن «لبنان عل حافة الهاوية»، أجرى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لقاءات في بيروت شملت جوزيف عون قائد الجيش اللبناني ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

وجدد لودريان التأكيد على أن «فرنسا تدعم لبنان وتقف إلى جانبه في كل الظروف» وسط معلومات بأن المبعوث الفرنسي لا يحمل أيّ مبادرة وإنّ زيارته لن تحقّق أيّ خرق لا أمنياً ولا سياسياً. وقال مستشار الامن القومي الاميركي جيك سوليفان اليوم أن الولايات المتحدة عازمة على تحقيق وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن في غزة وتجنب الحرب بين إسرائيل وحزب الله، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن «اعتقد أنها لا تزال قادرة على إيجاد طريق من أجل خفض التصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان».

وكانت القناة 12 الإسرائيلية قالت إنّ «إدارة بايدن أبلغت إسرائيل عدم دعمها دخول الحرب استباقياً أو تعمّد الانجرار لحرب شاملة»، مع حزب الله في لبنان في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة.

أعربت وزارة الخارجية الكويتية، اليوم ، عن «إدانة واستنكار دولة الكويت الشديدين للغارات الجوية والعمليات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الجمهورية اللبنانية الشقيقة والتي أدت إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى»، مؤكدة «تضامن دولة الكويت ووقوفها إلى جانب الجمهورية اللبنانية الشقيقة رافضة كل ما من شأنه المساس بسيادتها واستقرارها».

وإذ أشارت الى أن الهجوم الإسرائيلي «يعد انتهاكاً صارخاً لكل الأعراف والقوانين الدولية بما فيها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتهديدا خطيرا لأمن واستقرار المنطقة»، حذر الخارجية في بيان من «مغبة التصعيد المتزايد وتعريض دول المنطقة لخطر اتساع رقعة الحرب الناتجة عن استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة وتجاهل قوات الاحتلال الإسرائيلي للمناشدات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة مما يحتم وجود وقفة جادة وصارمة تجاه ما يرتكب من جرائم ضد المدنيين الأبرياء».