شهدت أوزبكستان في السنوات الأخيرة سلسلة من الإصلاحات المهمة التي رسمت مسارًا جديدًا لتطوير البلاد. وتركز هذه التغييرات على الانفتاح والعدالة، بهدف تعزيز الشفافية في الإدارة العامة والمجتمع. ويُعد ضمان الوصول الحر إلى المعلومات والأخذ بآراء المواطنين عنصرًا أساسيًا في هذا التحول. وقد أحدثت هذه الإصلاحات تحولاً ملموسًا في المشهد السياسي والقانوني والاجتماعي - الاقتصادي في أوزبكستان، حيث يشعر المواطنون بتشكّل علاقات جديدة وفرص وقيم جديدة.

ويتمثل أحد المبادئ الأساسية التي تدعم هذه الإصلاحات في حماية «حقوق الإنسان والحريات» والالتزام بـ «سيادة القانون». كما أصبحت المبادئ الديموقراطية الأخرى مثل «حرية التعبير»، و»حرية الدين والمعتقد»، و«الرقابة العامة»، و»المساواة بين الجنسين»، و"حرمة الملكية الخاصة» حقائق ملموسة في المجتمع الأوزبكي. وتُعد هذه المبادئ أساسية لتعزيز الشفافية والانفتاح في أوزبكستان، مما يتيح للمواطنين المشاركة بشكل أوسع والوصول إلى العدالة.

Ad

كما تعتبر العدالة الاجتماعية جزءًا مهمًا من هذه الإصلاحات، حيث تهدف إلى تعزيز المساواة والعدالة بين جميع المواطنين، خاصة فيما يتعلق بتقديم الدعم للفئات ذات الدخل المنخفض.

وتُعدّ كلمات الأمير تيمور «العدالة هي أساس الدولة وشعار القادة»، المنقوشة على واجهة قصر أوكسر في شخرسبز، مبدأً توجيهيًا لهذه الإصلاحات، حيث تلتزم القيادة في البلاد بإنشاء نظام قضائي عادل ومستقل وشفاف. ويتم تشجيع القضاة على تجسيد العدالة في أعمالهم، مع التركيز على الصدق والنزاهة.

وفيما تسعى هذه الإصلاحات إلى إعادة تشكيل النظام القضائي ليعكس إرادة الشعب بشكل أفضل، مما يضمن أن تخدم الدولة مواطنيها، تحدّد استراتيجية «أوزبكستان 2030» أهدافًا محددة لإصلاح النظام القانوني والقضائي. وتتمثل إحدى المبادرات الرئيسية في إنشاء سجل إلكتروني موحد لمراقبة العملية القضائية، بدءًا من فتح القضايا الجنائية، وصولاً إلى إصدار الأحكام، باستخدام أرقام تعريفية ورموز استجابة سريعة (QR).

ويهدف هذا النظام إلى تعزيز الشفافية من خلال الرقمنة الكاملة لجمع الأدلة ومعالجة القضايا. كما تشمل الخطة إشراك القطاع الخاص لضمان تنفيذ قرارات المحاكم والحدّ من الحوادث المرورية ذات العواقب الخطيرة. إضافة إلى ذلك، تؤكد الاستراتيجية على أهمية حفظ مواد القضايا في شكل إلكتروني وتسهيل تبادل الوثائق الإلكترونية.

كما تركّز الإصلاحات بشكل كبير على تعزيز معهد المحاماة، بهدف جعله أكثر استقلالية عن الهيئات الحكومية، ما سيمكنه من تقديم مساعدة قانونية أكثر فعالية، فضلا عن وجود خطط لتطوير نظام تدريب المحامين بما يتماشى مع المعايير الدولية الحديثة وزيادة عدد المحترفين القانونيين المؤهلين في أوزبكستان. وتهدف هذه التدابير إلى تحسين كفاءة النظام القضائي، وضمان قدرة المحامين على العمل بشكل مستقل وفعال.

وتشمل الإصلاحات أيضًا مجال مكافحة الفساد في ظلّ جهود متواصلة لتعزيز موقف غير متسامح تجاه الفساد داخل المجتمع وتحسين تصنيف أوزبكستان في المؤشرات الدولية مثل مؤشر الشفافية الدولية لمكافحة الفساد. كما يُعتبر تعزيز نظام العدالة الجنائية أحد المحاور الرئيسية، حيث تم إدخال تعديلات على قانون العقوبات في العام 2021 لضمان العدالة في الأحكام ومكافحة الجريمة بشكل أكثر فعالية.

ويؤدي التعاون الدولي دورًا حيويًا في هذه الإصلاحات، حيث أقامت أوزبكستان شراكات مع دول مثل كوريا الجنوبية وإيطاليا وألمانيا، إضافة إلى منظمات دولية مثل الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، والأمم المتحدة. وقد أدت هذه الشراكات إلى تبادل أفضل الممارسات وتقديم المساعدة التقنية وتنظيم برامج تدريب للسلطات القضائية.

وعلى سبيل المثال، اعتمدت أوزبكستان النظام القضائي الإلكتروني لكوريا الجنوبية، وشارك أكثر من 300 محامٍ وقاضٍ من أوزبكستان في ندوات عبر الإنترنت نظمها معهد القانون الإيطالي في جهود تعدّ أساسية في تحديث العمليات القضائية في أوزبكستان ومواءمتها مع المعايير الدولية.

وفي الختام، تهدف إصلاحات أوزبكستان إلى إنشاء نظام قضائي أكثر شفافية وعدلاً وكفاءة يحمي حقوق وحريات مواطنيه. وكان التعاون الدولي مع الشركاء الأجانب محوريًا في دفع هذه التغييرات إلى الأمام. وتعكس هذه الإصلاحات التزامًا أوسع بتحسين الوعي القانوني وضمان العدالة وبناء نظام قانوني يعمل بشكل مستقل وعادل للجميع.

شاديار شيزاكوف

(رئيس مركز أكاديمية إنفاذ القانون في جمهورية أوزبكستان،

وأستاذ مشارك في القانون)

جولباخور رسولوفا

(طالبة دكتوراه في أكاديمية إنفاذ القانون في جمهورية أوزبكستان)