على وقع تباعد المواقف بين ثاني وثالث أكبر دول إفريقيا سكاناً، دافعت مصر عن إرسالها سفينة حربية محملة بمختلف أنواع الأسلحة إلى الصومال، في وقت حذرت إثيوبيا من وصول السلاح إلى الإرهاب ومفاقمة الوضع الأمني الهش في جارتها، التي تنشر فيها آلاف الجنود.
وبعد ساعات من تسليم الجيش المصري شحنة ثانية من المساعدات العسكرية تتضمن مدافع أرضية ومضادات للطائرات، أصدرت وزارة الخارجية بياناً أمس الأول، أوضحت فيه أن الشحنة الجديدة تأتي في إطار دعم مصر لمساعي الصومال لتحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب وصون سيادته ووحدة وسلامة أراضيه.
وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أنه وصلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو شحنة من المساعدات العسكرية المصرية للجيش الصومالي بهدف دعم وبناء قدراته.
وأضاف أن تلك المساعدات تأتي في إطار تنفيذ التزامات بموجب بروتوكول التعاون العسكري الموقع مؤخراً مع الصومال، وتأكيداً على مواصلة دور مصر المحوري في دعم الجهود الصومالية نحو امتلاك القدرات والإمكانات الوطنية لتحقيق تطلعات الشعب الصومالي الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية.
في المقابل، عبر وزير الخارجية الإثيوبي تايي أستكي سيلاسي عن قلقه من أن تصل الذخيرة التي يتم تزويد الصومال بها إلى أيدي الإرهابيين.
وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية أن وزير الخارجية عبر عن قلقه من أن وقوع إمدادات الذخائر بيد «قوى خارجية من شأنه أن يفاقم هشاشة الوضع الأمني، وقد ينتهي بها الأمر في أيدي الإرهابيين في الصومال» في اشارة الى جماعة «الشباب» المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي والتي تقاتل الحكومة في تمرد مستمر منذ سنوات.
وفي تطور لافت، أفادت صحيفة «العربي الجديد» بأن مصر تلقت رسالة عبر جيبوتي، حذّرت فيها إثيوبيا من أن «أي قوات عسكرية مصرية تمس بمصالحها في الصومال، لن تكون في منأى عن التعامل معها».
وردت القاهرة، بحسب مصادر مصرية وجيبوتية، بأنها «مستعدة للتصعيد والرد بقوة على أي محاولة للمساس بالوجود المصري في الصومال أو بالمصالح الصومالية، تنفيذاً للبروتوكول العسكري الموقع مع مقديشو».
وبحسب المعلومات بأن القاهرة «لم تدفع بعناصر عسكرية على الأرض في الصومال حتى الآن، سواء لعمليات التدريب أو للمشاركة في عمليات حفظ السلام، وأن العناصر الموجودة هناك هي عناصر أمنية استخبارية، مهمتها الرئيسية وضع الخطط التأمينية وإدارة عمليات التنسيق بين الجانب الصومالي والقوات التركية الموجودة في الصومال».
وفي خطوة قد تجهض مخططات أديس أبابا الرامية لتفكيك الصومال، أعلن رئيس إقليم بونتلاند سعيد دني عن رغبته في الحوار مع الحكومة الصومالية لتجنب الانفصال.
وأبلغت مصادر صومالية شبكة «العربية.نت» بأن دني أعلن استعداده لإجراء مناقشات مفتوحة حول الوضع في الصومال، بطريقة شفافة وحل الخلافات مع الحكومة الفيدرالية.
وأضافت أن رئيس بونتلاند يرغب في الوصول لمفاوضات جادة تصل لحلول لكافة مشكلات الأقاليم وليس بونتلاند فقط، وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالعملية السياسية والانتخابات والعشائر، محذراً من أن الصومال على وشك التفكك إذا لم تحل تلك الإشكاليات.
وتأتي خطوة رئيس بونتلاند في الدعوة للتفاوض مع الحكومة الصومالية بعد أيام قليلة من تلقي حكومة الإقليم شحنتي أسلحة من إثيوبيا لدعم موقفه الانفصالي عن الصومال.
ورفضت الخارجية الصومالية تلك الصفقة، وأكدت أنها تهدد الأمن الإقليمي، مطالبة بوقف فوري لتدفق مثل هذه الشحنات وداعية الشركاء الدوليين إلى دعم جهود السلام في القرن الإفريقي.
لقاء ثلاثي
إلى ذلك، التقى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي مع نظيريه الصومالي أحمد معلم فقي والإريتري عثمان صالح، في لقاء ثلاثي مشترك على هامش مشاركتهم في أعمال الشق الرفيع المستوى للدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وصرّح المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف بأن «الاجتماع الثلاثي المصري - الصومالي - الإريتري عكس التنسيق المشترك على أعلى مستوى، والإرادة السياسية لدى الدول الثلاث على تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة والحفاظ على الاستقرار بالمنطقة واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي الصومالية».
وأضاف السفير خلاف أن وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا أكدوا مواصلة التنسيق والتعاون بشكل وثيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة المقبلة بما يصب في مصلحة الشعوب الثلاثة على ضوء ما يربط الشعوب والحكومات الثلاث من صلات أخوة وصداقة، فضلاً عن تناغم في الرؤى والمواقف.
نهر النيل
وفي تصريحات لقناه «القاهرة»، جدد عبدالعاطي، ليل الاثنين- الثلاثاء، تأكيده أن «قضية مياه نهر النيل قضية وجودية ترتبط ارتباطا مباشرا بالأمن القومي المصري»، مشددا أنه «لا مجال للتهاون أو التنازل أو التساهل بشأنها».
وقال عبدالعاطي إن حصة مصر من مياه النيل، والمحددة منذ عام 1959، لا تغطي سوى 60% من احتياجاتها، معقبا: «لا يمكن التفريط في قطرة مياه واحدة، فما نحصل عليه لا يكفي بالكاد 60% من احتياجاتنا السنوية».
وأكد أن الموقف المصري واضح لجميع الأطراف الإقليمية والدولية، موضحاً أن الهدف إعادة التأكيد أن مياه النيل هي القضية الوجودية الأولى لمصر.
وأشار إلى تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال لقائهما، على أن مياه النيل قضية وجودية لمصر لا يمكن التهاون بشأنها، مثمنا موقف الولايات المتحدة «الجيد».
ولفت إلى أن مصر تتعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية لتأكيد أنه «لابد من أخذ الشواغر المصرية بعين الاعتبار».
واختتم بالقول: لا يمكن أن نترك هذه القضية لأهواء أي دولة، لا يمكن التهاون في حقوق دول المصب وفقا للقانون الدولي، وسنواصل تأكيد موقفنا وحشد الدعم الدولي لموقفنا المبدئي والقانوني المشروع للتوصل لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد وعدم إحداث أي ضرر لدولتي المصب.