من يبحث عن خفايا «الممالك» و«الإمبراطوريات» فسيجد نفسه أمام حالات لا يحكمها العقل ولا الواقع الذي نعيشه، فهناك 70 كياناً حول العالم تتخذ مسميات أسطورية وأخرى مركّبة، مؤسسوها أشخاص خارقون غير عاديين، منهم قد تعرفهم أو تلتقي بهم وآخرون تصلك أخبارهم بالتواتر.
أصحاب تلك الممالك استغلوا ثغرات قانونية للإعلان عن مملكتهم، ولا شيء في القانون الدولي يمنعهم من ذلك، لكن ما يجمع كل تلك الممالك أنها لا تحظى باعتراف أي دولة ذات سيادة أو حتى منظمة دولية، بل وصل الأمر بأحدهم للقول إن العالم يحكم من قبل 1200 عبقري هم النخبة في اختصاصاتهم وهؤلاء سيتولون قيادة البشرية.
القصة ليست بتلك البساطة كما يتراءى للبعض، يكفي أن تختار «عدة الشغل» وتعلن الاسم الذي يحلو لك والعَلَم الذي سترفعه، وتحديد الأرض التي ستحكمها وتقيم مملكتك عليها، فهذا يمكن أن تراه في «مملكة الجبل الأصفر» مثلاً عندما خرجت السيدة اللبنانية د. نادرة ناصيف من أوديسا بأوكرانيا ونصّبت نفسها رئيسة لمجلس لوزراء، على أراض مباحة لا تخضع لأي دولة، مساحتها 2060 كلم مربع تقع بين مصر والسودان، وكان ذلك عام 2019، والإعلان تم عبر «نشر فيديو» بالرغم من أنه سبق لرجل أعمال هندي وآخر أميركي تأسيس دولة في تلك المنطقة، والتي قيل إنها ستخصص للاجئين والنازحين الذين لا يملكون جنسية في العالم العربي بالدرجة الأولى، وحتى الآن ما زالت على الورق! أخذت اسمها من جبل أصفر يقع فيها!
حالة مشابهة خرجت على يد فنان لبناني قبل سنوات أطلق عليها اسم مملكة «نويرستان» وتعني «أرض اللامكان» دُعي فيها الناس للالتحاق بإمبراطورية وليدة، يعمل على تجميع مناصرين لها، مبشراً بأن المنتسبين لها بلغ عددهم 63 ألف شخص، يعتقد صاحبها أن العالم اليوم ظالم والنظام الدولي بائد وأثبت فشله، فلا دول ولا حكومات ولا أمم متحدة، البشرية أمة واحدة يحكمها مجلس شيوخ يضم كل منها 600 شيخ من الحكماء والعقلاء.
كل هذا يهون عندما تسمع حكايات أسطورية عن مملكة «salakanagara» وتربط بينها تاريخياً، وقصتها ومن يقف وراءها ومن يديرها، لتصل إلى شبكة من العلاقات وما تملكه من ثروات مخيفة تجعلك أقرب إلى أن تتقبل القول إن العالم ربما يُحكم من أسماء وجماعات خفية، هدفهم التحكم في موارده ومستقبله وإحكام السيطرة على ما يجري فيه، فهم الدائرة المخيفة التي توجه الدول والسياسات وترسم التوجهات دون أن تعلن عن نفسها!
مملكة سالاكناغارا أسطورية لها علاقة بجذور هندية نشأت غرب جاوة، يكتنف تاريخها الغموض العميق، تأسست عام 130 بعد الميلاد، أي قبل 20 عاماً من نشر بطليموس لكتابه «الجغرافيا»، وكانت أقدم مملكة في أرخبيل إندونيسيا، وحتى قيل إن موقعها بالأصل لا يزال غير مؤكد، وغالبية سكانها معروفون باسم «الشعب السونداني»، وما تقرأ أو تتحصل عليه عن تاريخ هذه المملكة تكتنفه الأساطير والخرافات والخوارق.
شيء مهم أن اسمها في اللغة السنسكريتية يعني «مملكة الفضة»، ولذلك يتم الربط بين هذا الاسم وبين ما تكتنزه ملكتها من أطنان من الذهب وقوة المال والعلاقات المتشابكة في عالم الكبار والقادة الذين يحكمون العالم بالخفاء!