لم يكن مؤتمر الأمم المتحدة كغيره من المؤتمرات هذا العام، فقد جمع قادة الدول للوصول إلى أساليب لتحسين وضمان حماية المستقبل، فبرزت نقاط مهمة أمام المجتمعين ارتكزت على دعوة الأمين العام قبل ثلاثة أعوام لتلك القمة لوضع أسس أكثر فعالية لمواجهة التحديات التي تشكو منها الدول النامية والفقيرة أو الأقل نمواً، تلك العقبات التي تعطل التعاون الدولي، وتشمل نقاطاً عديدة منها الابتعاد عن التمييز والتمثيل الجغرافي والتغييرات المناخية والمجالات التنموية.
وقد ارتكزت القمة على جهود عديدة لإعداد ما يسمى ميثاق المستقبل الذي يقع ضمن سلسلة من محاولات المنظومة المستمرة لاحتواء التغييرات العالمية ومتطلبات الأجيال القادمة، وحماية الفئات الضعيفة، وضمان العدالة في الفرص العالمية، ووضع الحلول أمام تصاعد الجوع والفقر والنزوح البشري هرباً من الحروب وانعدام الاستقرار، بالإضافة الى تهديدات الأوبئة والنزاعات، وعدم استقرار الأمن الغذائي.
الكويت وجدت طريقها هذا العام عبر ممثل سمو الأمير ولي العهد الشيخ صباح الخالد الذي احترف التعامل مع المنظمات الدولية وألف الحديث الدبلوماسي الموجه إلى رؤساء الوفود من المنبر الدولي، واحتوى القضايا والخطوات التي بذلتها الكويت في خطاب ألقاه، مشيراً فيه إلى نقاط عديدة، منها أهمية مراعاة مستقبل الفئة الشبابية، وتعزيز الأمن والاقتصاد، وعلاج مشاكل الديون السيادية.
وقد توج كلمة الكويت بإدانة الإبادة الجماعية في فلسطين، واللافت للنظر أن الخطاب انتقد عجز مجلس الأمن عن إيقاف العدوان، وبناء على ذلك العجز اقترحت الكويت من خلال الخطاب إصلاح مجلس الأمن ليصبح أكثر انسجاماً مع الوضع الحالي، وذلك بإيجاد طرق لإخضاعه للمساءلة، وبذلك تسجل دولة الكويت استمرارها في نهجها الذي حرصت على تعزيزه من خلال الاقتراحات المستمرة لإصلاح مجلس الأمن، كالتي انطلقت عام 2011 عندما دعت لوضع ضوابط لحق النقض (فيتو) ومراعاة الدول الصغيرة التي تمثل أكثر من نصف المجتمع الدولي، واليوم ومع استمرار الخلافات بين الأطراف الدولية واتساع الفجوة بين الأطراف دون تنازل يذكر تقدمه الدول الصناعية الكبرى أكدت الحديث على الإصلاح.
خلاصة الأمر أن الكويت تبرز بين الدول الأكثر تأهيلا ومصداقية للحديث عن مجلس الأمن وإصلاحه، وذلك لعضويتها فيه مراراً، وفاعلية دورها كعضو غير دائم في حل العديد من الأزمات، وقيادة جهود تفاوضية شتى، ودورها في التنسيق بين المجاميع الإقليمية التي تتشابك معها المجموعة العربية سلباً وإيجاباً غير متناسين مجموعات أخرى كعدم الانحياز والمجموعة الإسلامية، فهنيئاً لنا بتلك الخيوط الدبلوماسية التي ازدادت متانة عبر السنين، وللحديث بقية.