بن ناجي: أما آن أوان إنشاء محكمة دستورية مستقلة أسوة بنظيراتها حول العالم؟
أكد في دراسة قضائية أن القانون 14/ 1973 جعلها محكمة تابعة لا تتمتع بالاستقلالية الفعلية
أكد رئيس المحكمة الدستورية السابق المستشار محمد بن ناجي أن المحكمة الدستورية تعتبر من أعلى وأرفع المحاكم التي تتكون منها السلطة القضائية في دولة الكويت - إن لم تكن أعلاها - غير أن قانون إنشائها جعلها تابعة ولا تتمتع بالاستقلالية الفعلية التي يجب أن تتمتع بها أسوة بجميع المحاكم الدستورية في العالم.
حكومات ومجالس أمة سابقة قدمت أكثر من مشروع لقانون محكمة دستورية مستقلة دون أن يكتمل ليتم عرضه وإقراره
وقال بن ناجي، في دراسة قضائية خص بها «الجريدة»، إن الدستور الكويتي صدر بتاريخ 11 نوفمبر 1962، أي منذ نحو 62 عاماً، على افتراض أن معظم تلك الأعوام كانت مثالية في تطبيقه واتباع منهاجه، موضحاً أن مادته رقم 173 نصت على أن «القانون يعين الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح ويبيّن صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها... ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين اللوائح. وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن».
أعضاء هيئة «الدستورية» منتدبون إليها وغير متفرغين للعمل بها رغم أهميتها وتأثير أحكامها سياسياً وقانونياً
وأضاف: وبالفعل، في عام 1973 صدر القانون رقم 14/ 1973 بإنشاء محكمة دستورية حدد كيفية تكوينها وتشكيلها واختصاصاتها وطريقة عملها... وبحكم هذا التشكيل أصبحت هذه المحكمة التي تعتبر من أعلى وأرفع المحاكم التي تتكون منها السلطة القضائية في دولة الكويت - إن لم تكن أعلاها - تابعة ولا تتمتع بالاستقلالية الفعلية التي يجب أن تتمتع بها أسوة بجميع المحاكم الدستورية في العالم، مبيناً أن أعضاء هيئة المحكمة القضاة يجلسون ويحكمون بها منتدبين، إضافة الى عملهم الأصلي في محاكمهم التي ينتمون إليها كعمل أصلي غير متفرغين للعمل فيها، مع أهميتها وتأثير أحكامها سياسياً وقانونياً وقيمة المبادئ التي تقررها، ومن ثم لا يمكن إزاء الكمّ الهائل من العمل الذي تنوء به المحاكم العادية، والذي يقع على كاهلهم كقضاة فيها أن ينصرف جلّ اهتمامهم للأحكام الدستورية أو التفرغ لأعمال المحكمة الدستورية العديدة وأهميتها ورسالتها التي ستكون بلا شك، بوضعهم هذا، ثانوية، وتبقى فقط الاستفادة من امتيازاتها المادية والمعنوية التي توفرها لهم.
ما تنوء به المحاكم العادية من عمل هائل يصرف اهتمام القضاة عن الأحكام الدستورية
وتابع: «أبداً لا أبخس قضاة المحكمة الدستورية السابقين والحاليين حقهم، وأنا أحدهم، فقد سطروا بحروف من ذهب أحكام ومبادئ كانت علامة بارزة في تاريخ القضاء الكويتي شهد لها القاصي والداني، وأصبحت مرجعاً للعديد من الباحثين والمختصين والمحاكم الدستورية في الدول الأخرى وخريطة طريق دستورية للسلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت».
لدينا يقين بأن العهد الجديد لإنقاذ الكويت وتجديد مسيرتها سيعمل على منح المحكمة كادراً قضائياً مستقلاً
وزاد: «أنا على يقين بأن هذا العطاء والتميّز لهذه المحكمة سيستمر ولن يتوقف.... كما أشير إلى أنه سبق للحكومة ومجالس أمة سابقين تقديم أكثر من مشروع لقانون محكمة دستورية مستقلة دون أن يكتمل أي منها، ويبلغ مرحلة عرضه وإقراره، كما أن المجلس الأعلى للقضاء في العديد من مذكرات الرد على ما عرض منها عليه لأخذ رأيه فيها، كان يعترض فقط على النص الخاص بتشكيل المحكمة، لكونه تضمّن أعضاء من خارج الجهاز القضائي، ولم يعترض على أن تكون المحكمة كياناً مستقلاً».
وأعرب عن إيمانه وتيقنه «بأن العهد الجديد، عهد إنقاذ الكويت وتجديد مسيرتها وتسريع انطلاقتها، سيعمل على تغيير وتعديل هذا الوضع الهجين للمحكمة الدستورية، ومنحها استقلالية بكادرها القضائي».