في خضم التوترات ببحرها الجنوبي، أطلقت الصين، لأول مرة منذ 4 عقود، صاروخاً عابراً للقارات، قادراً على حمل رأس حربي إلى مناطق عامة في أعالي البحار بالمحيط الهادئ، في وقت تعتزم الولايات المتحدة إعلان مبادرة مع 12 على الأقل من حلفائها في أوروبا ومنطقة المحيطين، بما في ذلك تايوان، لمعالجة قيود سلاسل توريد الأسلحة.
وقالت وزارة الدفاع الصينية، في بيان، إن «القوة الصاروخية في جيش التحرير الشعبي أطلقت، عند الساعة 08:44 أمس باتجاه أعالي البحار في المحيط الهادئ، صاروخاً بالستياً عابراً للقارات يحمل رأساً حربياً وهمياً، وقد سقط الصاروخ بدقة في المنطقة البحرية المحددة سلفاً بأعالي البحار في المحيط الهادئ».
وأوضحت أن «إطلاق الصاروخ DF-41 يندرج في إطار برنامج التدريب الروتيني السنوي للقوة الصاروخية»، وأنه «يتماشى مع القانون والممارسات الدولية، ولا يستهدف أي بلد أو هدف محدّدين».
وأفادت وكالة شينخوا، في تقرير منفصل، بأن «الإطلاق اختبر بشكل فعال أداء الأسلحة والمعدات وكذلك مستوى تدريب القوات، وحقق الأهداف المتوقعة»، مؤكدة أن «بكين أخطرت الدول المعنية مسبقاً».
وتُعد الصواريخ البالستية العابرة للقارات من أقوى الأسلحة في العالم، ويمكنها حمل رؤوس حربية نووية. وهذه هي المرة الأولى التي تجري فيها الصين علناً اختبار هذا النوع العابر للقارات في المحيط الهادئ منذ أكثر من 4 عقود.
وفي عام 1980، احتفلت الصين بالاختبار الناجح لأول صاروخ باليستي عابر للقارات، وهو صاروخ دي إف- 5 (DF-5)، من مركز جيوكوان لإطلاق الأقمار الصناعية، وحلّق لمسافة تزيد على 8000 كيلومتر (5000 ميل) في جنوب المحيط الهادئ.
مناورات وتوترات
ويأتي الاختبار البارز في المحيط الهادئ، في الوقت الذي تجري فيه الصين وروسيا مناورات بحرية مشتركة في البحار القريبة من اليابان، وذلك وسط تصاعد التوترات في المياه المحيطة، من بحر اليابان الشرقي ومضيق تايوان إلى وبحر الصين الجنوبي.
وعلى الرغم من أنه لم يتمّ ربط هذه التجربة بالأحداث الراهنة، فإنها تأتي في سياق التنافس الصيني - الأميركي في المحيط الهادئ والتوترات مع الفلبين وتايوان.
وأعلنت نيوزيلندا أن تجربة إطلاق الصاروخ البالستي الصيني في جنوب المحيط الهادئ «غير مرحب بها ومثيرة للقلق»، متعهدة بالتشاور مع الحلفاء عندما تتضح التفاصيل.
وفي اليابان، قال المتحدث باسم الحكومة، يوشيماسا هاياشي، إنه «لم يكن هناك إشعار مسبق من الجانب الصيني» بشأن هذه التجربة، مؤكداً أن تعزيز بكين السريع لقوتها العسكرية وافتقارها إلى الشفافية يثيران «قلقاً جدياً».
وأفاد محللون بأن تجربة الصين نادرة، لأنها غالباً ما تجري التجارب المماثلة ضمن نطاق مجالها الجوي. وقال الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في الولايات المتحدة، أنكيت باندا، إنه «من غير المعتاد على الإطلاق وعلى الأرجح هذه المرة الأولى منذ عقود نشهد فيها تجربة مماثلة».
وأشار الى أن هذه التجربة «ربما تؤشر الى تحديث جارٍ في المجال النووي من قبل الصين، ويظهر ذلك من خلال حاجات جديدة في مجال التجارب».
ووفق تقرير لوزارة الدفاع الأميركية نشر في أكتوبر 2023، تقوم الصين بتطوير ترسانتها من الأسلحة النووية بشكل سريع جداً، وأنها قد تمتلك أكثر من ألف رأس نووية فاعلة بحلول 2030، أي نحو ضعف ما تمتلكه راهنا.
أميركا وحلفاؤها
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء التايوانية، أمس، عن نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمنية منطقة المحيطين الهندي والهادئ، جيديدياه رويال، قوله، خلال خطاب مغلق في مؤتمر صناعة الدفاع في فيلادلفيا، أن الولايات المتحدة ستطلق مبادرة مع 12 على الأقل من حلفائها في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك تايوان، لمعالجة قيود سلاسل توريد الأسلحة.
وذكرت الوكالة التايوانية أن رويال أوضح أن الولايات المتحدة سترأس اجتماعاً افتتاحياً للشراكة في هاواي، خلال أسبوعين، ومن المتوقع أن تعمل المبادرة على تعزيز التعاون مع الحلفاء، بما في ذلك تايوان لمعالجة نقاط الضعف في القدرة على إنتاج الأسلحة.
وكان المعهد الأميركي، وهو السفارة الفعلية في تايبيه، ذكر أن بعثة تجارية لتطوير المسيرات الأميركية بصدد استكشاف الفرص المتاحة لتعزيز وتوسيع الشراكة التجارية مع تايوان.
ونقلت وكالة بلومبرغ أن البعثة، التي نظمها المعهد بالتعاون مع وزارة التجارة الأميركية، تقوم حالياً بزيارة لتايوان في الفترة من 22 إلى 25 الجاري.
نظام تايفون
وفي تطور موازٍ، أيّد قائد الجيش الفلبيني، روميو براونر، أمس، الإبقاء على نظام تايفون الصاروخي الذي نشره الجيش الأميركي في أبريل، ولم يسحبه بعد التدريبات العسكرية السنوية، رغم تحذير الصين من أنه يزعزع استقرار المنطقة.
وقال براونر، على هامش معرض دفاعي في مانيلا، «إذا أتيحت لي الفرصة للاختيار، فإنّني أود الاحتفاظ بتايفون هنا في الفلبين إلى الأبد، لأننا نحتاج إليه في دفاعنا»، مضيفاً: «إنهم يستخدمون علم النفس بهدف ردعنا عن بناء قدراتنا الدفاعية»، في إشارة الى الصين التي حثّها على التوقف عن التدخل في شؤون الفلبين.
وكان وزير الدفاع الصيني، دونغ جون، قد حذّر في يونيو من أن نشر هذا النظام «يلحق ضررا خطيرا بالأمن والاستقرار الإقليميين».
وفي وقت سابق، أعلنت البحرية الفلبينية أن عدد السفن الصينية التي دخلت أخيراً بحر الفلبين الغربي بلغ مستوى قياسيا لهذا العام عند 251 سفينة.
وقال المتحدث باسم البحرية، الأدميرال روي ترينيداد، أمس الأول، إن هذه هي أعلى نسبة هذا العام لوجود السفن الصينية في بحر الفلبين الغربي، وهو منطقة في بحر الصين الجنوبي تؤكد مانيلا أنها ضمن مياهها الإقليمية.
وأضاف ترينيداد، إنه تم رصد نحو 28 سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني، و16 سفينة حربية تابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني، و204 سفن تابعة للميليشيات البحرية الصينية، وثلاث سفن بحث ومسح صينية في عملية الرصد التي استمرت من 17 إلى 23 الجاري. وكان هذا العدد أكبر من نشر الصين لنحو 157 سفينة في الأسبوع السابق من 10 إلى 16 الجاري.
وقال ترينيداد إن أكبر عدد من السفن الصينية شوهد في سابينا شول، بعد مغادرة سفينة خفر السواحل الفلبينية بي آر بي تريزا ماجبانوا، وفي منطقة سكند توماس شول، حيث أوقفت الفلبين سفينة بحرية قديمة كانت تعمل كموقع للبحرية.