أصدر بنك الكويت المركزي تقرير الاستقرار المالي لعام 2023، وذلك ضمن جهوده في مجال تعزيز الشفافية والإفصاح وتوفير المعلومات والإحصاءات الموثوقة المتعلقة بالقطاع المصرفي والمالي الكويتي.

وقال محافظ البنك باسل الهارون، في تصريح أمس، إن التقرير الذي دأب «المركزي» على إصداره على مدى السنوات الـ12 الماضية يغطي أهم التطورات المتصلة بالنظام المالي والمصرفي في الكويت خلال عام 2023.

Ad

وأضاف الهارون أن العام الماضي شهد استمراراً لسياسات التشديد النقدي التي تبناها العديد من البنوك المركزية العالمية بهدف مجابهة الارتفاع غير المسبوق في معدلات التضخم وما رافق ذلك من إخفاقات شهدها القطاع المصرفي أدت إلى انهيار عدد من البنوك في الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا عن تنامي التوترات الجيوسياسية عالميا وإقليميا.

وأوضح أن التقرير تضمن تحليلا للتطورات الاقتصادية عالميا ومحليا ونظرة على النظام المالي المحلي وما شهده القطاع المصرفي الكويتي من تطورات على مدى العام، سواء من حيث المخاطر بما فيها مخاطر السوق والائتمان والسيولة، والمخاطر التشغيلية، وكذلك من حيث ربحية القطاع المصرفي وملاءته المالية، فضلا عن التطورات ذات الصلة بالبنية التحتية لنظم الدفع والتسوية.

وذكر أن التقرير اشتمل على عدة مرفقات تناولت بعضا من التحديات والموضوعات ذات الأهمية، حيث عرضت لجهود «المركزي» في سبيل الحد من مخاطر السيولة لدى القطاع المصرفي ومواجهة ظاهرة الاحتيال المالي الرقمي، وقدمت على نحو موجز إطار التحوط الكلي لدى البنك وبراعته في توظيف أدواته في هذا المجال لترسيخ الاستقرار المالي والاستقرار النقدي.

وأشار المحافظ إلى أن المرفقات تناولت أيضا تعليمات «المركزي» لتنظيم أعمال الدفع الإلكتروني للأموال التي صدرت في نسختها المحدثة في مايو 2023، موضحا أنه بإمكان المعنيين والمهتمين الاطلاع على تقرير الاستقرار المالي كاملا عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالبنك.

استمرار التشديد النقدي

وتناول تقرير الاستقرار المالي لعام 2023 الحالة العالمية والوضع المحلي للبنوك، حيث اشار إلى أن العام الماضي شهد استمرار سياسات التشديد النقدي من العديد من البنوك المركزية العالمية لمجابهة الارتفاعات في معدلات التضخم، الذي رافقه موجة من الإخفاقات شهدها القطاع المصرفي في الربع الأول من السنة وأدت إلى انهيار عدد من البنوك في عدد من الدول، بداية من الولايات المتحدة، ثم ما لبثت أن انتقلت إلى أجزاء أخرى من العالم وصولا إلى انهيار بنك، «كريدي سويس» وهو أحد البنوك ذات الأهمية النظامية العالمية وبالتوازي مع الاضطرابات المصرفية العالمية، تفاقمت التوترات الجيو سياسية بسبب التطورات في قطاع غزة، لترتفع بذلك حدتها المتواصلة والتي بدأت في أوروبا منذ فبراير 2022 على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

وعلى الرغم من هذه التطورات فإن أسواق الأسهم قد تخطت حالة التشاؤم التي سادت سابقا، وذلك بفضل بداية انحسار التضخم من الذروة التي بلغها في عام 2022 مما رفع حماس المستثمرين مع تنامي الآمال بعودة مبكرة عن سياسة التشديد النقدي.

أما على المستوى المحلي فقد تمتع الاقتصاد بدرجة من الحصانة إزاء الاضطرابات المصرفية العالمية بفضل سياسات بنك الكويت المركزي لا سيما في مجال السياسة النقدية، حيث تبنى البنك نهجا متدرجا ومتوازنا في تحريك سعر الخصم، كما قادت رقابته اللصيقة على القطاع المصرفي إلى مواصلة القطاع لأداء مهامه ودوره على النحو المعهود دون التأثر بالاضطرابات المصرفية العالمية، وذلك بفضل ومتانة قوة وحدات الجهاز المصرفي على النحو الذي تعكسه مؤشرات السلامة المالية، من حيث كفاية رأس المال وجودة الأصول ووفرة السيولة والربحية. مع ذلك واجه الاقتصاد الكويتي صدمة مزدوجة بسبب انخفاض أسعار النفط من جانب وانخفاض الإنتاج.

نمو متوازن

وقال التقرير انه على الرغم من بيئة أسعار الفائدة المرتفعة خلال عام 2023 فإن محفظة القروض شهدت نمواً متوازناً بنسبة 2.6 في المئة لتبلغ 69.2 مليار دينار، والذي يعود إلى النمو في التمويل الممنوح للشركات الكبرى. وفيما يخص التوزيع القطاعي، شهد معظم القطاعات نموا خلال العام، وبشكل أساسي ارتفع كل من قطاع الخدمات والإنشاءات والتجارة بإجمالي 870 مليون دينار. ولا يزال التوزيع القطاعي لمحفظة القروض متماشيا مع السنوات الماضية، حيث لا تزال المحفظة ركيزة تعتمد على قطاعات مهمة وصلبة وبالنظر إلى توزيع المحفظة وفقا للعملة، حيث لا تزال القروض الممنوحة بالعملة المحلية تستحوذ على أكبر نسبة من محفظة القروض بنسبة 64.2 في المئة من الإجمالي، مقابل تراجع في القروض الممنوحة محليا بالعملة الأجنبية.

ومثّلت الأصول المرجحة بمخاطر السوق ما يعادل 1 في المئة فقط من إجمالي الأصول المرجحة بالمخاطر وبقيمة 0.8 مليار دينار كما في نهاية عام 2023 ومن جهتها، شهدت المحفظة الاستثمارية لدى معظم البنوك ارتفاعا سنويا بنحو 13.6 في المئة مدفوعا بارتفاع استثمارات الدخل الثابت، والتي نمت بنحو 15.1 في المئة متبوعة بالارتفاع في الاستثمارات العقارية واستثمارات الأسهم بنحو 3.8 في المئة و8.8 في المئة على التوالي. وعليه، ارتفعت حصة الاستثمارات من إجمالي أصول القطاع المصرفي لتبلغ 19.3 في المئة كما في نهاية العام.

وأكد التقرير أنه لا تزال الخسائر التشغيلية محدودة نسبيا حيث شكلت نحو 0.2 في المئة من صافي أرباح البنوك خلال عام 2023 أي ما يعادل 3.0 ملايين دينار، وفيما يخص مؤشر الدوران الوظيفي، فقد يبلغ تراجع 13.2 في المئة في نهاية العام مقابل نحو 15.9 في المئة في 2022 مما يدل على استقرار المؤشر محليا.

واستمرت أرباح القطاع المصرفي بالارتفاع خلال 2023 متأثرة ببيئة أسعار الفائدة المرتفعة وجودة الأصول، حيث ارتفعت الأرباح العائدة للمساهمين بنحو 26 في المئة لتبلغ 1.5 مليار دينار كما في نهاية العام. ونتيجة لاستمرار جودة الأصول خلال العام، تراجعت المخصصات بشكل محدود بما يعادل 15 في المئة مقارنة بالعام السابق الذي تراجعت فيه المخصصات بنحو 54 في المئة، كما تأثرت ربحية القطاع المصرفي بارتفاع ملحوظ في صافي هامش الفوائد ليبلغ 2.7 في المئة.