حجم الاستغراب الكبير من عمق الاختراق الإسرائيلي لبنية حزب الله اللبناني أمر يدعو للدهشة بحد ذاته، فالحزب بالأصل تأسس ليكون ذراع إيران في لبنان والمنطقة، وقياداته لا تخفي فخرها بالعمالة للراعي الإقليمي الرسمي، ومن ثم فالعدو الصهيوني لم يفعل سوى أن استغل ذات الآلية والمبدأ الأساسي الذي أنشئ بموجبه الحزب وعمل طوال حياته من أجله، وبالتالي من انضم للحزب «مستهوناً» العمالة لإيران في البداية لن يستكبرها لاحقاً مع مرور المواقف وتناقضاتها مع عدم استبعاد تأثيرات انخفاض سعر الليرة، والأمر بالنسبة له مجرد تغير «معلمين» واختلاف بالرؤى حول مصلحة لبنان المباحة للتقدير والتصرف المنفرد.
أما بقية العرب والمسلمين فغالبيتهم للأسف عاطفيون ولا يتعلمون من دروسهم المكررة، ومازالوا رغم تغير الأزمنة والأحوال وظهور الذكاء الاصطناعي يعشقون الشعارات الكاذبة والصوت العالي والبذاءات المسجوعة رغم حجم الخسائر على الأرض، فبعد ركضهم خلف عبدالناصر ونكسته وصدام وأم معاركه ما زال هناك منهم من يصدق «السيد» ومرشده وإيران ونواياهم الطاهرة لتحرير فلسطين وإعادة السيادة لكامل الأراضي اللبناني.
فليكن، عليكم بالعافية وكل راضٍ بعقله، لكن يحق لنا اليوم بعد أن اتضحت الرؤية ومعها حجم الاختراق والعمالة على أصولها، أن نتمنى بعد السلامة لأهلنا في غزة ولبنان، خجل واختفاء قواميس الشتائم والتخوين والعمالة الموجهة لدول الخليج «العربي» ومعهم مصر العروبة تحديداً التي تحملت أعظم الخسائر والتضحيات ولم تسلم من ألسنتهم ومزايداتهم، وخصوصاً الآن مع انكشاف أن كثرة التحريض والتهديد لا تعني جدية الفعل والممارسة، وأن تزكية النفس قد تدل على الضعف و«الثقوب» أكثر منها للثقة والقوة، وأن مسألة الاحتفاظ بحق الرد وتحديد زمان ومكان المعركة قد طالت كثيراً جداً أكثر من اللازم.