التحكم في الإنتاج لم يعد أداة تأثير على أسعار النفط
رغم الدعم الجيوسياسي الناتج عن الحروب واحتمالات توسعها
أفاد تقرير «الشال» بأنه في اجتماع لها في نوفمبر 2023، اتخذت منظومة «أوبك+» قرارها الثاني لنفس السنة بخفض إنتاجها بنحو 2.2 مليون برميل يومياً على أن يبدأ نفاذه في يناير 2024، وكان قرار الخفض الأول وبنحو 1.04 مليون برميل يومياً في مايو من نفس العام.
ذلك يعني خفض إنتاج «أوبك+» مرتين بنسبة 12.7 في المئة أو 3.25 ملايين برميل يومياً بغرض دعم مستوى الأسعار، وبينما كان من المقرر استعادة حصة إنتاج الخفض الثاني في أكتوبر القادم، تم تأجيلها إلى يناير 2025.
ولم يفلح قرارا الخفض بدعم أسعار النفط، فقد انخفض سعر برميل خام برنت من معدل 75.5 دولارا أميركيا في مايو 2023، إلى 74.2 دولارا لمعدل الأيام الـ 25 التي مضت من سبتمبر الجاري، رغم الدعم الجيوسياسي الناتج عن حرب إسرائيل على غزة ولبنان، واستمرار الحرب الروسية- الأوكرانية، واحتمالات توسع تلك الحروب.
وقال «الشال»: يبدو أن عامل التحكم في الإنتاج، أي خفضه، بات أداة ضعيفة للتأثير على حركة أسعار النفط، وذلك واضح من مستواه مع بدء نفاذ قرار الخفض الثاني لأوبك+ مع بداية العام الحالي.
وذكر أن مبررات ضعف تأثير الخفض يمكن تفسيرها بضبابية عالية حول مستقبل نمو الاقتصاد العالمي، فخفض أسعار الفائدة على الدولار بدأ بما يرجح انتقال قلق الفدرالي الأميركي من التضخم إلى النمو في أكبر اقتصادات العالم. سبقته الصين في قلقها على النمو، أو ثاني أكبر اقتصادات العالم، فهي منذ زمن تتبنى سياسات توسع نقدي ومالي، استباقاً لمخاطر انخفاض معدلات نموها ومخاطر قطاعها العقاري، ووضع منطقة اليورو نمواً ومخاطر أسوأ من الاثنين.
يضاف لها التطورات التقنية في خفض تكاليف الطاقة البديلة، والقلق البيئي ما أدى إلى تسارع كبير في انتشار المحركات الكهربائية وتحديداً تفوق الصين في هذا المجال، ما خلق مشكلات إضافية للاقتصادين الأميركي والأوروبي.
وذكر «قطعاً هناك دائماً العلاقة غير المتكافئة بين المستهلكين والمنتجين، ما يجعل الموقف التفاوضي للمستهلكين دائماً الأقوى، وهو موقف، حتى لو كان باطلاً، يشكل ضغطاً إلى الأدنى على أسعار الوقود الأحفوري».
ومنذ فبراير 2022 حتى سبتمبر الجاري، باتت حركة أسعار النفط أكثر تأثراً بسخونة أو هدوء الأحداث الجيوسياسية.
وشدد «الشال» على أن الأحداث الجيوسياسية، مهما طال أمدها، تعتبر عامل تأثير مؤقت، بينما حركة الاقتصاد والتقدم التقني والموقف التفاوضي، إضافة إلى دعم عامل البيئة، عوامل تأثير دائمة ومستمرة. والغرض من تلك المقدمة هو التحذير من ارتفاع متصل للمخاطر المالية والاقتصادية كلما ارتفعت نسبة اعتماد المالية العامة والاقتصاد في أي بلد على النفط الذي يبدو أن استمرار هبوط أسعاره قضية وقت وليس تساؤلا حول ما إذا كانت ستهبط أو لا تهبط.