مبارك للغالي محمد
في هذا المقال وددت مشاركتكم فرحتي بتخرج ولدي محمد في بريطانيا بتخصص هندسة معمارية ومدنية، وقبل هذا وذاك أرفع الأيادي بالشكر والثناء إلى المولى القدير على عظيم نعمه عليّ، وإلى وطني الكويت ووزارة التعليم العالي والمكتب الثقافي في المملكة المتحدة على ما قدموه من دعم لولدي محمد خلال فترة دراسته.
بما أن محمد هو «الجعدة» أي آخر العنقود، وهو الصديق الذي يعرف كيف يتعامل معي ويستغلني أحياناً كثيرة، ومن أين تؤكل الكتف، لكن الحديث اليوم عن بعض المواقف التي مرت بي خلال فترة دراسته، والبداية كانت مع اختيار التخصص، حيث لم يكن من عادتي التدخل في اختيار التخصصات التي يرغب بها أبنائي الآخرون إلا محمد كان الاستثناء من تلك القاعدة، لذلك كنت أترقب نجاحة في الدراسة أكثر منه، والبداية كانت مع سنة التأسيس التي اجتازها بكل يسر، لكن بسبب قرارات وزارة التعليم العالي المفاجئة لم يستطع تصديق القبول من الجامعة ذاتها بعد استثنائها من قائمة الجامعات المعتمدة في التعليم العالي مع أنهم سمحوا لغيره بذلك.
المهم بدأ رحلة أخرى من البحث عن جامعة يستطيع من خلالها إكمال دراسته والتي صادفت مع فترة كورونا، حيث كانت مكاتب التسجيل في معظم الجامعات البريطانية بطيئة في الرد، وهنا قررت أن يعود للكويت، لكن وبسبب توقف معظم شركات الطيران عن نقل المسافرين وإجراءات الحجر الصحي كانت وجهة سفره إلى دولة الإمارات، ومن ثم تولت دولة الكويت مصاريف الإقامة التي امتدت أربعة أسابيع في العاصمة أبوظبي، ومثلها قضاها في الحجر المنزلي عند عودته للكويت.
من مفارقات تلك الفترة أن تدابير الحجر الصحي كانت صارمة، لذلك كان التواصل مع محمد عبر الهاتف المحمول، حيث كنت حريصاً على مهاتفته يومياً لتقديم النصائح ودعمه معنوياً والتي تنتهي عادةً بكلمة «بس» من جانبه، هذه الكلمة أغاظتني حينها كثيراً لأني فهمتها على خلاف سياقها ومعناها الشبابي، فالكلمة تعني عندهم تم وتأمر، وأنا حسبتها نوعاً من التصريف لإنهاء المحادثة.
المهم ضاعت سنة دراسية كاملة عليه قبل أن يحصل على قبول غير مشروط من جامعة معتمدة من التعليم العالي، حيث بدأت هنا معاناتي اليومية مع رحلة محمد الدراسية بين اتصال لسؤال عن أحواله وتلبية طلباته التي لا تنتهي، ورغم أن الدولة تقوم بتحويل رواتب الطلبة دون تأخير، فإن الرواتب في الواقع لا تكفيهم بسبب غلاء المعيشة وارتفاع إيجار السكن التي تأتي على معظم الراتب.
كل هذا صار من الماضي واليوم رحلة جديدة للبحث عن فرصة وظيفية مناسبة يستطيع محمد وزملاؤه من خلالها توفير حياة كريمة لهم تنضوي تحت مجال تخصصهم، وكم كنت أتمنى أن تكون بداية حياته المهنية في القطاع الخاص بعيدا عن القطاع الحكومي الذي يعاني التكدس والبيروقراطية المزمنة، وفي هذه المناسبة أتمنى على أصحاب المشاريع القائمة والناجحة احتضان أبنائنا أو تقوم الحكومة بمساعدتهم وتوجيهم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تحتاجها الدولة في مشاريعها التنموية.
أخيرًا عظيم الشكر والامتنان لكل من شاركني فرحتي بتخرج ولدي محمد.
ودمتم سالمين.