إنها الضربة الأقسى التي يتعرض لها «حزب الله» وإيران، فهي الضربة التي أصابت قلب المحور الإيراني ومشروعه. اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصرالله هو تحول كبير في مجريات الصراع، وتأكيد على نية إسرائيل في توسيع الحرب وأفقها، إنها المرة الأولى في لبنان التي تتعرض فيها الطائفة الشيعية إلى مثل هذه الضربة بعد عملية اختطاف السيد موسى الصدر.
اغتيال نصرالله له تداعيات داخل لبنان وخارجه، فعلى الصعيد الداخلي، ستنتج عنه تحولات كما حصل بعد اغتيال كمال جنبلاط عام 1977، وبعد اغتيال بشير الجميل عام 1982، وبعد اغتيال رفيق الحريري في عام 2005، كل محطة اغتيال أدخلت لبنان في مسار جديد وتحولات كبيرة.
لا بد أن اغتيال نصرالله سيؤسس لمتغيرات على صعيد «حزب الله» والداخل اللبناني، لكنه أيضاً سيؤسس إلى تغيير على مستوى المنطقة، خصوصاً في ضوء إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يخوض حرب تغيير وجه المنطقة في مواجهة إيران التي أرادت إسقاط المشروع الإسرائيلي، فالعمليات الإسرائيلية لا تستهدف «حزب الله» فقط بل تصيب إيران، خصوصاً أن العملية تأتي بعد سلسلة اغتيالات نُفذت بحق قادة عسكريين كبار في الحزب، وبعد اغتيالات بحق ضباط الحرس الثوري ومسؤولين عن تطوير الملف النووي داخل إيران وخارجها.
إنها حرب جديدة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، كل المؤشرات تفيد بأنها حرب ستطول وستنتج عنها متغيرات كثيرة. أصر الإسرائيليون بعد العملية على تنفيذ ضربات واسعة في لبنان وخصوصاً في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. ضربات من المرجح أن تتواصل وتستمر، وسط تحشيدات عسكرية لتنفيذ اجتياح بري، وبعد تأكيدات من الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل ستواجه تطورات صعبة لفترة طويلة وأن الحرب لا تزال في بدايتها.
لبنان في أفق مفتوح على الحرب. حالات تهجير كثيفة تشهدها المناطق والضاحية الجنوبية لبيروت، إسرائيل تواصل عمليات الاغتيال فيما تبدو الاتصالات السياسية والدبلوماسية غير قادرة على تحقيق اختراقات، على الرغم من تكثيفها، وسط معلومات تشير إلى تسريع وتيرة الاتصالات الإيرانية ــ الأميركية ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري لتقديم مقترحات حول تجنيب لبنان المزيد من الحرب والدمار، في الموازاة تتحدث مصادر دبلوماسية عن مسعى مصري ــ قطري مشترك للتفاوض حول خفض التصعيد ووقف الحرب بإعلان فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، ولكن بحسب المعطيات الواردة من الحزب فإن هناك رفضاً أساسياً لذلك، وإصراراً على مواصلة جبهة الإسناد وتنفيذ الرد القوي والمدوي على اغتيال نصر الله.
بعد العملية لم يتم تخفيف الضربات، بل أصر الإسرائيليون على مواصلة الضغط بالغارات الواسعة التي جرى تنفيذها في الضاحية والبقاع والجنوب ومختلف المناطق، ما يؤكد أن نتنياهو يريد القضاء على أي فرصة تفاوضية بين إيران وأميركا، ويريد تعميم الحرب وتوسيعها، وما يشير إلى أن الرجل لديه مشروع واضح المعالم يريد تحقيقه. خصوصاً في ظل الحديث الجدي عن الاستعداد لعملية برية أو تنفيذ إنزالات والدخول إلى أنفاق للحزب وتفجيرها. لا سيما أنه بالتزامن مع التفاوض الدولي حول تطبيق القرار 1701، كان الأميركيون يسمعون من نتنياهو أنه يريد تطبيق القرار 1559، أي تجريد «حزب الله» من سلاحه وقدراته العسكرية. مع ما قد يستتبعه ذلك من مخاطر على الوضع الداخلي اللبناني سياسياً وعسكرياً وأمنياً.