ما المعايير التي يتم على أساسها تعيين وتحديد رواتب ومكافآت المستشارين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية؟ السبب في طرح هذا السؤال هو عدم وضوح الأسس والمعايير التي يتم على أساسها تعيين وتحديد راتب «مستشاري الجهات الحكومية» فهذا الراتب متغير من جهة لأخرى، حيث نجد أنه يتراوح من ألف دينار الى ستة آلاف دينار أو أكثر من ذلك حسب المستشار والجهة التي يعمل فيها والمدة الزمنية!
حيث يتضح من خلال المعلومات والقرارات والعقود الإدارية والاستشارية أن راتب المستشار في القطاع الحكومي لا يخضع لدرجة علمية أو خبرة عملية، وفي أغلب الأحوال لا يشمل هذا الراتب بعض المزايا العينية والمالية الأخرى مثل السيارة والسائق وتذاكر السفر والتأمين الصحي وتعليم الأبناء.
المصيبة أن بعض من يتم تسميتهم «مستشار» لا يستحق هذا المسمى الوظيفي حسب المعايير والمؤهلات العلمية والعملية والخبرات والتدريب المتعارف عليها إدارياً وفنياً، وإن تم تقييمه حسب الأسس والمعايير العلمية والمهنية الصحيحة فإنه لا يستحق أكثر من مستوى مدير إدارة على أحسن تقييم، ولكن بسبب العلاقات الشخصية والعائلية والحزبية والطائفية والقبلية يصبح بقدرة قادر بمستوى «كبير المستشارين»!
وتغطي بعض الجهات الحكومية القصور في مؤهلات المستشار العلمية والعملية من خلال التعاقد مع بيوت استشارية ذات علامة تجارية أو سياسية أو دولية متميزة، وبذلك يكون التعيين وتحديد رواتب ومكافآت المستشار مغطاة من خلال العقد مع بيت الخبرة أو المكتب الاستشاري المحلي أو العالمي!
وفي كثير من الأحيان يمارس المستشار دور الآمر والناهي في الجهة التي يعمل فيها، مع أن دوره استشاري لا تنفيذي أو قيادي في الجهة التي يعمل فيها، مصائب بدأت تنهال علينا من كل حدب وصوب بسبب هذه الممارسات الخطيرة لاختيار المستشارين، لذا فإنني أدعو الحكماء والعقلاء في هذا البلد لوقف هذا السرطان الذي أخذ يسري في مفاصل الأجهزة الحكومية بسرعة وبشكل رهيب، ويزيد الفساد في القطاع الحكومي، وذلك من خلال وضع نظام واضح لشروط الاستعانة وتعيين المستشارين وتحديد المؤهلات العلمية اللازمة والمطلوبة في وظيفة المستشار، وكذلك تحديد أتعاب المستشارين بناءً على مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم المهنية.
والسكوت على هذه الأمور ليس من الحكمة والحنكة، بل إنه تشجيع لقوى الفساد والمفسدين، وكما قيل: الساكت عن الحق شيطان أخرس! وإذا استمررنا على هذه الحال من السكوت والخنوع فإن النتيجة معروفة النهاية، فساد لأجهزتنا الإدارية وضياع لمواردنا البشرية وتبديد وتبذير للأموال العامة وتمكين لقوى الفساد ودمار للبلاد والعباد!
فماذا أنتم فاعلون؟! ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
ودمتم سالمين.