يعيش العالم اليوم زمناً متطوراً وأسلوب حياة جديداً، إنه زمن الرقميات، زمن التكنولوجيا الرقمية، والمعلومات الرقمية، والكُتب الرقمية، فلا بُد من اللحاق به، ومواكبته، والتعاطي معه على أنه نظام عيش رقمي، وإلا فلن نستطيع أن نتعامل مع العالم من حولنا، وهذه حقيقة لا يمكن الاستهانة بها.

التطبيقات الرقمية في العالم متجددة وسريعة، ولا بُد على مَنْ يتقلَّد أي منصب حكومي أو خاص، صغر أم كبُر، أن يكون مُلماً به، وإلا فسيكون كمَنْ يسير في طريق لن يجد له مخرجاً، وسيأتي يوم مؤكد، وليس ببعيد، وسنرى قياديين، وما أكثرهم، فاغرين لأفواههم وهم يرون ويسمعون من صغار موظفيهم ومن زوارهم من مندوبي شركات ومصانع رموزاً وألغازاً لا يفقهون معناها، ولكن مطلوب منهم مناقشتها، واتخاذ قرارات بشأنها.

Ad

الجيل الجديد من المسؤولين والقياديين عليهم أن يستوعبوا أن أجهزة الحاسوب التي أمامهم ليست للزينة أو التباهي أو لقراءة الصحف اليومية، عليهم أن يضربوا على لوحة مفاتيحها بحرفنة ومهنية لاستخراج البيانات أو مراجعتها، أو حتى لإدخالها، فهذه النوعية هي ما يحتاجه البلد.

العالم من حولنا يسير حثيثاً نحو المستقبل، وعلى الجميع أن يُهيئوا أنفسهم، وعلى الكويت، بقيادييها ومسؤوليها، أن يكونوا مبادرين ومهيَّئين لاستيعاب فكرة أن العالم المتحضِّر لن ينتظر أحداً لا يعرف مصلحته ومصلحة أجياله القادمة. على الجميع أن يعي أنه لا وقت لأي منّا لكي يضيعه بين صراعات المصالح وتوازنات السياسة، أو بسبب الجهل، وأنه لكي نلحق بثورة المعلومات والاتصالات، علينا أن نكون مستعدين لتغيير طريقة تفكيرنا ونظرتنا إلى الأمور.

***

نُشر، أخيراً، أن لدى وزارة الشؤون الاجتماعية توجيهات عُليا لإدارة الجمعيات الأهلية بالتشدد في قبول طلبات الإشهار الجديدة، لتكون الأولوية لصاحبة الأهداف الحديثة المواكبة للتحوُّل الرقمي والتكنولوجي والصحوة العلمية المتسارعة التي يشهدها العالم حالياً، وهذا توجُّه محمود ومطلوب.

فعدد جمعيات النفع العام المشهرة يبلغ 203، ليس بينها إلا أقل القليل من الجمعيات ذات التخصصات العلمية المستحدثة التي تواكب العصر، كالذكاء الاصطناعي، والعلوم الحديثة، وهذا وضع غير صحي، ولا يصب في مصلحة الكويت.

***

الجمعية الكويتية لمساعدة الطلبة (جمعية الخليج والجنوب العربي سابقاً)، كانت سبَّاقة في الدخول إلى عالم الرقميات، وقد بدأت منذ عام 2013 بابتكار طريقة جديدة لنشر العلم والتكنولوجيا بين أكبر عدد من طالبي العلم العرب، فأنشأت العشرات من المحطات العلمية في عشرات الجامعات تحت مسمى «محطة الكويت للمعرفة والتكنولوجيا»، كما أنشأت مكتبات رقمية حوت عشرات الآلاف من الكتب الرقمية وزعتها أيضاً على عشرات الجامعات العربية تحت مسمى «مكتبة الكويت الإلكترونية».

إلا أن الغريب والمحزن والمخزي أن هناك مَنْ حاربها وعرقلها، بل تسبَّب حتى في إلغائها من وزارة الشؤون نفسها، بحجة عدم جدواها، وهذا في الحقيقة يدلّ على أن هناك فجوة فكرية وعلمية تفصل بين بعض المسؤولين وبين جمعيات كان هدفها علمياً، وتعمل على نشر العلم بين طالبيه.