مع هيمنة أحزاب شيعية موالية لإيران على البرلمان العراقي ووجود حكومة اختارتها هذه الأغلبية، تعزز طهران قبضتها على العراق الذي أصبح بمنزلة «رئة اقتصادية»، حسب خبراء، ما من شأنه إثارة استياء الولايات المتحدة.
ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والمسؤولون الإيرانيون، خلال زيارة الأول لطهران أواخر نوفمبر الماضي، إلى زيادة التعاون بين البلدين في جميع المجالات.
ورحّب السوداني بتزويد إيران للعراق بثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء، قائلاً إن هذا الإمداد سيستمر إلى أن تتمكن بلاده من إنتاج الغاز الذي تحتاج إليه لتشغيل محطات الكهرباء.
ويتوقع إحسان الشمري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أن «الدور الإيراني سيكون أكبر بكثير مما كان عليه خلال الحكومات السابقة على اعتبار أن هناك ضرورة إيرانية ملحّة باستمرار العراق كدولة تابعة» لطهران.
ويضيف الشمري أن بغداد، التي شكّلت المستورد الأول للبضائع الإيرانية بين مارس 2021 و مارس 2022، هي بمنزلة «رئة اقتصادية» لإيران.
ويوضح أن هذه الحاجة للعراق تزداد «وسط اشتداد العقوبات الغربية على طهران، خصوصاً أن المباحثات مع الغرب لا تؤشر بأن يكون هناك اتفاق لمصلحة إيران» في الملف النووي.
بعد الغزو الأميركي الذي أطاح نظام صدام حسين الديكتاتوري في 2003، نما النفوذ الإيراني تدريجياً، لا سيما بفضل الروابط مع القيادات الشيعية التي تدير الآن الحياة السياسية.
وتجد هذه الطبقة السياسية نفسها في موقف صعب عندما تقصف طهران إقليم كردستان، مستهدفةً المعارضة الكردية الإيرانية التي تتهمها بأنها المحرك للاحتجاجت التي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني.
ويرى الشمري، أن إيران «تبحث عن مساحة هشة لتصدير أزمتها الداخلية لأنها لا تجرؤ» على فعل ذلك ضدّ دولة أخرى، كالدول المنافسة لها إقليمياً على سبيل المثال.
ويوضح الباحث فابريس بالانش من جامعة لوميير ليون 2 الفرنسية
أنه «مع وجود شخصية موالية لإيران على رأس الدولة، ستكون إيران قادرة على الاستفادة بشكل أفضل من الاقتصاد العراقي»، مذكراً بأن السوداني أمضى «الجزء الأكبر من مهنته السياسية في ظل نوري المالكي»، رئيس الوزراء الأسبق المقرب من طهران.
ويتجلى النفوذ الإيراني خصوصاً في الروابط الوثيقة التي تجمع طهران مع الحشد الشعبي، تحالف فصائل شيعية مسلحة ضمّت إلى القوات الرسمية بعد الحرب ضدّ تنظيم «داعش».
ويملك تحالف «الإطار التنسيقي» الذي يمثل تلك القوى، 138 نائباً في البرلمان العراقي من أصل 329، ليكون بذلك أكبر قوة فيه. ويضم التحالف العديد من الفصائل الموالية لإيران، وكذلك كتلة المالكي.
شركة «المهندس»
وأواخر نوفمبر الماضي، وافقت الحكومة العراقية على إنشاء شركة عامة برأسمال يقارب 68 مليون دولار، ترتبط بهيئة الحشد الشعبي. أطلق على الشركة اسم «المهندس» تكريماً لأبي مهدي المهندس، نائب رئيس «الحشد» الذي قتل في يناير 2020 مع اللواء الإيراني قاسم سليماني على طريق مطار بغداد بضربة طائرة مسيرة أميركية.
وفي بلد غني بالنفط مزقته عقود من الصراع، ستكون مهمة الشركة «إعادة تأهيل المحافظات، من بنى تحتية وسكن ومستشفيات ومصانع ومزارع والكثير من الأمور التي يحتاج إليها البلد بإشراف مباشر من هيئة الحشد الشعبي»، كما أكّد مسؤول إعلامي في «الحشد « لفرانس برس.
«توازن»
واعتبر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مشاركته في حوار المنامة في نوفمبر أنه من «الخطأ» و«الظلم» اعتبار «حكومته مرتبطة بالحكومة الإيرانية».
وأشار إلى أن «هناك عدة أحزاب ممثلة في الحكومة وعدة أحزاب في البرلمان تدعم هذه الحكومة». وأضاف أن الحكومة تعكس «توازناً واضحاً» على المستويين «الداخلي والخارجي».
مع ذلك، يبدو أن الأحزاب الموالية لإيران باتت تتمتع بحيّز سياسي أوسع من أي وقت مضى بعد صيف مضطرب تخللته تظاهرات واعتصامات لخصمهم الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. ولا يزال الأخير بعيداً عن الأضواء منذ الاشتباكات الدامية التي وقعت في 29 أغسطس بين أنصاره والجيش والحشد الشعبي، بعد نزاع انطلقت شرارته مع رفض الصدر تعيين السوداني رئيساً للوزراء.
يرى فابريس بالانش أن ما حصل «كان درساً» للصدر، مضيفاً أن «المعارضة شبه غائبة». مع ذلك، على الصعيد الدبلوماسي يبقى هناك «شكل من أشكال التوازن».
وما زالت قوات أميركية متمركزة في العراق كجزء من التحالف الدولي ضد الجهاديين. على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتوانَ المعلقون في الحديث عن اللقاءات العديدة التي جمعت رئيس الوزراء مع السفيرة الأميركية ألينا رومانوفسكي.
ويرى بالانش، أن «النفوذ الأميركي في العراق لا يزال قائماً من خلال تهديد احتمال فرض عقوبات مالية»، في إشارة إلى الرقابة على التحويلات المالية والنظام المصرفي العراقي بهدف التأكد من عدم استخدامه من إيران للالتفاف على العقوبات.
ويضيف أن «الولايات المتحدة تبقى في العراق لأنها لا تريد أن تترك البلد تماماً لإيران، ولأنها تريد حصر المواجهة داخل العراق ومنع امتدادها إلى دول الخليج النفطية».
ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والمسؤولون الإيرانيون، خلال زيارة الأول لطهران أواخر نوفمبر الماضي، إلى زيادة التعاون بين البلدين في جميع المجالات.
ورحّب السوداني بتزويد إيران للعراق بثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء، قائلاً إن هذا الإمداد سيستمر إلى أن تتمكن بلاده من إنتاج الغاز الذي تحتاج إليه لتشغيل محطات الكهرباء.
ويتوقع إحسان الشمري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أن «الدور الإيراني سيكون أكبر بكثير مما كان عليه خلال الحكومات السابقة على اعتبار أن هناك ضرورة إيرانية ملحّة باستمرار العراق كدولة تابعة» لطهران.
ويضيف الشمري أن بغداد، التي شكّلت المستورد الأول للبضائع الإيرانية بين مارس 2021 و مارس 2022، هي بمنزلة «رئة اقتصادية» لإيران.
ويوضح أن هذه الحاجة للعراق تزداد «وسط اشتداد العقوبات الغربية على طهران، خصوصاً أن المباحثات مع الغرب لا تؤشر بأن يكون هناك اتفاق لمصلحة إيران» في الملف النووي.
بعد الغزو الأميركي الذي أطاح نظام صدام حسين الديكتاتوري في 2003، نما النفوذ الإيراني تدريجياً، لا سيما بفضل الروابط مع القيادات الشيعية التي تدير الآن الحياة السياسية.
وتجد هذه الطبقة السياسية نفسها في موقف صعب عندما تقصف طهران إقليم كردستان، مستهدفةً المعارضة الكردية الإيرانية التي تتهمها بأنها المحرك للاحتجاجت التي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني.
ويرى الشمري، أن إيران «تبحث عن مساحة هشة لتصدير أزمتها الداخلية لأنها لا تجرؤ» على فعل ذلك ضدّ دولة أخرى، كالدول المنافسة لها إقليمياً على سبيل المثال.
ويوضح الباحث فابريس بالانش من جامعة لوميير ليون 2 الفرنسية
أنه «مع وجود شخصية موالية لإيران على رأس الدولة، ستكون إيران قادرة على الاستفادة بشكل أفضل من الاقتصاد العراقي»، مذكراً بأن السوداني أمضى «الجزء الأكبر من مهنته السياسية في ظل نوري المالكي»، رئيس الوزراء الأسبق المقرب من طهران.
ويتجلى النفوذ الإيراني خصوصاً في الروابط الوثيقة التي تجمع طهران مع الحشد الشعبي، تحالف فصائل شيعية مسلحة ضمّت إلى القوات الرسمية بعد الحرب ضدّ تنظيم «داعش».
ويملك تحالف «الإطار التنسيقي» الذي يمثل تلك القوى، 138 نائباً في البرلمان العراقي من أصل 329، ليكون بذلك أكبر قوة فيه. ويضم التحالف العديد من الفصائل الموالية لإيران، وكذلك كتلة المالكي.
شركة «المهندس»
وأواخر نوفمبر الماضي، وافقت الحكومة العراقية على إنشاء شركة عامة برأسمال يقارب 68 مليون دولار، ترتبط بهيئة الحشد الشعبي. أطلق على الشركة اسم «المهندس» تكريماً لأبي مهدي المهندس، نائب رئيس «الحشد» الذي قتل في يناير 2020 مع اللواء الإيراني قاسم سليماني على طريق مطار بغداد بضربة طائرة مسيرة أميركية.
وفي بلد غني بالنفط مزقته عقود من الصراع، ستكون مهمة الشركة «إعادة تأهيل المحافظات، من بنى تحتية وسكن ومستشفيات ومصانع ومزارع والكثير من الأمور التي يحتاج إليها البلد بإشراف مباشر من هيئة الحشد الشعبي»، كما أكّد مسؤول إعلامي في «الحشد « لفرانس برس.
«توازن»
واعتبر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مشاركته في حوار المنامة في نوفمبر أنه من «الخطأ» و«الظلم» اعتبار «حكومته مرتبطة بالحكومة الإيرانية».
وأشار إلى أن «هناك عدة أحزاب ممثلة في الحكومة وعدة أحزاب في البرلمان تدعم هذه الحكومة». وأضاف أن الحكومة تعكس «توازناً واضحاً» على المستويين «الداخلي والخارجي».
مع ذلك، يبدو أن الأحزاب الموالية لإيران باتت تتمتع بحيّز سياسي أوسع من أي وقت مضى بعد صيف مضطرب تخللته تظاهرات واعتصامات لخصمهم الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. ولا يزال الأخير بعيداً عن الأضواء منذ الاشتباكات الدامية التي وقعت في 29 أغسطس بين أنصاره والجيش والحشد الشعبي، بعد نزاع انطلقت شرارته مع رفض الصدر تعيين السوداني رئيساً للوزراء.
يرى فابريس بالانش أن ما حصل «كان درساً» للصدر، مضيفاً أن «المعارضة شبه غائبة». مع ذلك، على الصعيد الدبلوماسي يبقى هناك «شكل من أشكال التوازن».
وما زالت قوات أميركية متمركزة في العراق كجزء من التحالف الدولي ضد الجهاديين. على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتوانَ المعلقون في الحديث عن اللقاءات العديدة التي جمعت رئيس الوزراء مع السفيرة الأميركية ألينا رومانوفسكي.
ويرى بالانش، أن «النفوذ الأميركي في العراق لا يزال قائماً من خلال تهديد احتمال فرض عقوبات مالية»، في إشارة إلى الرقابة على التحويلات المالية والنظام المصرفي العراقي بهدف التأكد من عدم استخدامه من إيران للالتفاف على العقوبات.
ويضيف أن «الولايات المتحدة تبقى في العراق لأنها لا تريد أن تترك البلد تماماً لإيران، ولأنها تريد حصر المواجهة داخل العراق ومنع امتدادها إلى دول الخليج النفطية».