النوخذة علي الرومي: ضرورة توثيق التراث وتعريف الأجيال به
خلال حفل تكريم نظمته «تُرى» في «بيت السدو»
يستحق رواد الكويت في مختلف المجالات، التكريم والتقدير شعبياً ورسمياً، نظراً لما قدموه من جهود مثمرة أسهمت في تحقيق التطور والنهضة والتقدم الذي نجني ثمراته الآن، ونفتخر به، على مرّ العصور والأزمنة، وهذا ما قامت به مبادرة «تُرى» بأمسيتها خلال موسمها «أبناء السندباد»، حيث كرّمت النوخذة علي صالح الرومي في حفل بعنوان «وفاء لوفاء»، رعته وحضرته وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة، د. أمثال الحويلة في «بيت السدو».
حضر الفعالية أقرباء المحتفى به وجمع من الشخصيات، ومنهم مساعدة وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان، السفيرة الشيخة جواهر الدعيج، والشيخة مريم محمد الصباح، ورئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، عبدالله الغنيم، ورئيس تحرير الزميلة «القبس»، وليد النصف، ود. نورية الرومي، ود. رشيد الحمد، وغيرهم.
وتضمنت الفعالية حوارا مع الرومي تناول محطات مختلفة مع حياته، ومنها أول رحلة له، وتجاربه في التوثيق وغيرها، وقام بمحاورته رئيس الجمعية الكويتية للتراث فهد العبدالجليل. يُذكر أن الراعي الرسمي للقاء هو مجموعة تمدين.
الهامات الوطنية
وقدمت عضوة مبادرة «تُرى»، نورة اللهو، كلمة في افتتاحية الاحتفالية، ومن مقتطفات كلمتها «أخذنا على عاتقنا في مبادرة تُرى تكريم الهامات الوطنية، والتعريف بتجاربهم وجمعهم برفاق دربهم وجماهيرهم. كانت مبادرة فردية منّا، واليوم تحولت لمشاركة مجتمعية، فشكرا للوزيرة د. الحويلة، على رعاية الحفل والمبادرة بالتكريم والإيمان بالفكرة، وشكر خاص جدا لمن استثمر معنا بالأصالة والوفاء، شكرا مجموعة تمدين، الراعي الرسمي لهذا للقاء، وشكرا للجمعية الكويتية للتراث، وشكرا لمن شارك وحضر».
وأعطت اللهو نبذة عن المحتفى به، فقالت: «النوخذة علي البشر الرومي، من مواليد فريج الرومي بشرق درس بالشرقية، ودخل البحر لأول بعمر 9 سنوات، وبعد ظهور النفط ركب السفينة لتوثيق الرحلات البحرية، الرومي ساهم في مأسَسَة العمل الفني بالكويت، وهو من مؤسسي جمعية الفنانين الكويتية وفرقة العميري، وأشرف على مركز رعاية الفنون الشعبية، ثم أصبح رئيسا للمركز، وله إسهامات عديدة بالتوثيق ورعاية السفن والفنون والتراث البحري».
التراث البحري
وعلى هامش التكريم، أشاد المحتفى به علي الرومي بالتكريم ورعاية وحضور د. الحويلة وأيضا حضور الشخصيات، إضافة إلى ما قامت به مبادرة «تُرى» من تنظيم التكريم، وقال «ما قصروا وجزاهم الله كل خير»، مؤكداً أهمية توثيق التراث وتسجيله وحفظه وتعريف الأجيال الحالية والمستقبلية به للاستفادة منه، وتعلّم ما قام به الآباء والأجداد من جهود.
وحول أهمية التراث البحري يقول الرومي إن التراث البحري الكويتي هو الذي اعتمدت عليه الكويت في السابق، فلا يوجد مصدر آخر، فلا توجد زراعة، وكل اعتمادنا الأساسي كان على البحر والغوص والسفر، وأيضا تجارتنا كانت بالسفر، وكانت الكويت تمتلك مكاتب في الهند، والسفن في السابق كانت تقوم بتحميل التمر والأخشاب.
حوار ثري
ووصف العبدالجليل الحوار بأنه كان ثريا، وتضمّن العديد من المعلومات الجميلة، فقد تحدثنا عن ذكريات العم صالح الرومي وبدايته في التوثيق، وبداية السفر في البحر منذ كان عمره 9 سنوات مع والده، لافتا إلى أنه من رحلاته للغوص كان إلى بحر العدان. وذكر العبدالجليل أن الرومي ترأس مركز الفنون الشعبية في بيت البدر عام 1960، إضافة إلى دوره الكبير في توثيق تاريخ الكويت البحري، كذلك تصويره العديد من الأفلام الوثائقية عن البحر، ومنها سفره إلى كاليكوت في الهند، وزنجبار وغيرها، مؤكدا أن الرومي من الأوائل في علوم البحار بالكويت، ومضيفا أن العم الرومي يحفظ العديد من القصائد لشعراء الكويت، مثل فهد بورسلي، وزيد الحرب، رومي الفهد، وأيضا ما يميزه معرفته الواسعة بالفنون البحرية.
وذكر العبدالجليل أن للعم الرومي دورا بارزا في المحافظة على «بيت السدو» من تعرّضه للهدم. وذكر أن الرومي، ود. يعقوب الحجي، وعبدالله الغنيم، وسيف مرزوق الشملان، والشيخ عبدالعزيز الرشيد كان لهم دور كبير في توثيق الرواية الشفهية.
مبادرة حلوة
بدورها، أشادت ابنة المحتفى به، مريم علي الرومي، بالتكريم، معلّقة «مبادرة حلوة، ولم أتوقعها بهذا الجمال والتنسيق الرائع، شكرا لـ «تُرى».
من جانبه، قال مدير إدارة التسويق بمجموعة تمدين، معاذ الرومي، إن «تمدين» حريصة على تعزيز دورها في تنمية المسؤولية الاجتماعية بدولة الكويت فيما يخص الإرث الثقافي، والتعليم، والرياضة، وتأهيل الشباب، لافتا إلى أن مبادرتهم في «تُرى» هي جزء من مسؤوليتهم في الحفاظ على الهوية والتاريخ الكويتي.
أما رئيسة مبادرة «تُرى»، دلال الدايل، فقالت إن المبادرة أسست منذ 5 سنوات لحفظ التاريخ الشفهي وتوثيقه، لافتة إلى أن المبادرة قامت بحفظ أكثر من رواية شفهية، ومنذ فترة لأخرى نقوم بتنظيم اللقاءات لتكريم الشخصيات لنقل خبراتهم للأجيال، وحتى يتعرفوا عليهم بشكل مباشر.
الاهتمام بالتراث
«الجريدة» التقت بعض الشخصيات التي حضرت التكريم، وكانت البداية مع د. نورية الرومي، فقالت: «أشكر الراعين على هذا التنظيم، شهادتي في ابن عمي علي الرومي مجروحة، فهو قيمة تاريخية وثقافية وبحرية، يحفظ الكثير من الأحداث البحرية، ويفهم في صناعات السفن، حافظ للشعر التراثي، ومثل هذه الشخصية تحتاج إلى أن توثّق من الدولة؛ سواء في التسجيلات التلفزيونية، وأيضا في كتاب كامل يؤلّف عنه ويدون كل ما يحفظه في هذا الكتاب، لأن كثيرا من الشعر الذي قاله لم يطبعه أي ديوان ولم يُنشر من قبل، وأنا أدعو الدولة إلى الاهتمام بهذا الجانب مع كل شخصية تهتم بالتراث الكويتي».
وشكر د. الحمد كل من ساهم في هذا الحفل، مبينا أن الرومي يستحق التكريم، لكونه بذل جهودا متميزة في الحفاظ على التراث، وعرف وعلّم الكثيرين به.
بدوره، تحدث الباحث في التراث البحري، نواف العصفور، فوصف الرومي بأنه «مدرسة وأحد أعمدة التراث البحري الكويتي، وبذل مجهودا كبيرا وسنوات كثيرة في خدمة التراث البحري في دولة الكويت»، مبينا أنهم «تعلموا منه الكثير»، ومضيفا أن «الرومي قامة كبيرة، وقام بتعليم غيره أمورا تخص التراث، وهو يستحق هذا التكريم».
المرجع الوحيد
وقال الباحث في التراث الكويتي، عضو مجلس إدارة الجمعية الكويتية للتراث، هاني العسعوسي إن الجمعية تحرص على أن تحضر مثل هذه الاحتفاليات، مبيناً أن تلك الاحتفالية تسرد للأجيال تاريخ الآباء والأجداد وما قاموا به.
وأضاف العسعوسي أنه حرص على أن يعرض فيلما بحريا يظهر فيه الرومي في شبابه، معلّقا
«لقد أحضرت البكرة الأصلية مع الشاشة»، حتى يشاهد الحضور الفيلم، مضيفا أن الرومي تميز بصنعة الصندوق (المشبنج)، والكويت تنفرد بهذه الحرفة من بين دول الخليج.
أما عضو الجمعية الكويتية للتراث، محمد القلاف، فقال إن الرومي أسهم في حفظ التراث، واستفدنا من معلوماته وبرامجه التلفزيونية.
ووصف مدير لجنة التراث البحري في النادي البحري الرياضي الكويتي، حامد السيار، في حديثه، الرومي بـ «الهامة التاريخية والمدرسة التراثية البحرية النوخذة علي الرومي، وهو حاليا المرجع الوحيد في الكويت الذي يمدنا بالمعلومات».
أما بدور المشعان، إحدى عضوات فريق «تُرى»، فتحدثت عن المبادرة، قائلة إنها تحرص على حفظ التاريخ الشفهي للكويت؛ سواء من رجال الكويت أو نسائها، لافتة إلى أنهم قاموا كفريق بتوثيق العديد من المقابلات مع شخصيات».