«حزب الله» يكبد إسرائيل خسائر كبيرة في أول مواجهة برية

«الوزاري الخليجي» يبحث التصعيد الإقليمي
• بزشكيان من قطر: نريد الهدوء
• إسرائيل تدرس استهداف محطات طاقة ومنشآت نووية في ردها على إيران

نشر في 03-10-2024
آخر تحديث 02-10-2024 | 21:37

في أول مواجهة بينهما منذ حرب 2006، كبد مقاتلو «حزب الله» الجيش الإسرائيلي، أمس، خسائر فادحة، بمقتل 8 ضباط وجنود، بعدما توغلت القوات الإسرائيلية للمرة الأولى داخل لبنان عبر نقطتين حدوديتين هما العديسة في القطاع الشرقي، ومارون الراس في القطاع الأوسط.

وأظهر هذا الاشتباك أن قدرة حزب الله القتالية لم تتأثر كثيراً، على ما يبدو، بالضربات القاسية التي تلقاها في الأسابيع الماضية، وبينها تضرُّر شبكة اتصالاته بعد انفجارات أجهزة البيجر واللاسلكي وخسارة عدد كبير من كوادره وقيادته العسكرية العليا، بما في ذلك أمينه العام حسن نصرالله.

وأعلن حزب الله الذي ارتفعت معنوياته إثر الهجوم الصاروخي الكبير الذي شنته إيران أمس الأول على إسرائيل، أنه دمّر ثلاث دبابات ميركافا إسرائيلية بصواريخ موجهة خلال توغلها، كما فجّر عبوات ناسفة في إحدى الدوريات، في وقت تحدث الجيش الإٍسرائيلي عن اشتباكات على مسافة قريبة، مضيفاً أن الحزب استهدف بالقصف العنيف عملية إنقاذ الجرحى الأمر الذي أدى إلى حصيلة القتلى «الكارثية».

وبينما واصلت إسرائيل، التي تحيي عيد رأس السنة العبرية، شن غاراتها على عدة مناطق في لبنان في الجنوب والبقاع و»الضاحية» وصولاً إلى مناطق في جبل لبنان، قال الجيش اللبناني إن أحد جنوده أصيب بمسيّرة إسرائيلية خلال عمله على فتح طريق.

ووسعت إسرائيل أمس إنذارات الإخلاء في قرى لبنانية، بإنذارها 24 قرية وبلدة لتنضم إلى أكثر من 30 أخرى تم إعلان أسمائها أمس الأول، في حين وصل عدد النازحين إلى أكثر من مليون و200 ألف شخص.

وفي وقت تشير مصادر إلى أن الاجتياح البري الإسرائيلي للبنان قد يتم من ناحية سورية، قُتِل شخصان على الأقل في غارة إسرائيلية شملت أمس مبنى بمنطقة المزة في دمشق، في استهداف هو الثاني بالمنطقة منذ أيام، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن «الغارة استهدفت مبنى سكنياً في حي المزة، تتردد إليه قيادات من حزب الله والحرس الثوري الإيراني».

إلى ذلك، عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي أمس اجتماعاً استثنائياً في الدوحة لبحث التطورات بما في ذلك احتمالات التصعيد الإقليمي، على ضوء تهديد إسرائيل بردٍّ حاسم على إيران، وتوقُّع مراقبين ومحللين أن يستهدف الرد منشآت اقتصادية خصوصاً محطات الطاقة، أو منشآت نووية غير مهمة أو ثانوية، بعيداً عن مفاعل بوشهر أو مفاعلي نطنز وآراك الأصغر.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن أمس إن الولايات المتحدة لا تؤيد ضربة إسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية.

وتزامن الاجتماع الخليجي مع زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى قطر، وهي الأولى له إلى دولة خليجية.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، قال بزشكيان: «نريد السلام والهدوء، وإسرائيل تجبرنا على الرد»، مذكراً باغتيال إسرائيل لزعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران في اليوم الأول له في السلطة، كما جدد التهديد بتوجيه رد أقوى في حال قامت إسرائيل بتنفيذ هجوم انتقامي.

من جانبه، توعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ومسؤولون إسرائيليون بتوجيه ضربة حاسمة إلى طهران، في وقت قالت تقارير أميركية إن تل أبيب ستنفذ ردها منفردة، لكنها ستنسقه بشكل مسبق مع واشنطن.

وأقر الجيش الإسرائيلي أمس بأن قواعد عسكرية أصيبت بالهجوم الإيراني، في حين قالت إيران إن «90 في المئة من الصواريخ» التي أطلقت في الهجوم الكثيف على إسرائيل، وهو الثاني في ستة أشهر تقريباً، بلغت الهدف.

وفي تفاصيل الخبر:

نفذ الجيش الإسرائيلي أمس، توغلات برية محدودة على عدة محاور في جنوب لبنان، وتعرض لخسائر بشرية كبيرة بعد أن تصدى له مقاتلو حزب الله الذين كانوا يتطلعون إلى هذا النوع من المواجهات بعد ارتفاع معنوياتهم إثر الهجوم الإيراني الصاروخي على إسرائيل، في خطوة تظهر أن قدرة الحزب القتالية لم تتأثر كثيراً، على ما يبدو، بالضربات القاسية التي تلقاها في الأسابيع الماضية وبينها تضرر شبكة اتصالاته بعد انفجارات أجهزة البيجر واللاسلكي وخسارة عدد كبير من كوادره وقيادته العسكرية العليا، بما في ذلك أمينه العام حسن نصرالله.


صورة وزعها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقتلاه في لبنان صورة وزعها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقتلاه في لبنان

وقال الجيش اللبناني، إن «قوات تابعة للعدو الإسرائيلية خرقت الخط الأزرق لمسافة 400م تقريباً داخل الأراضي اللبنانية في منطقتَي خربة يارون وبوابة العديسة ثم انسحبت بعد مدة قصيرة».

وأضاف في بيان آخر إن جندياً لبنانياً أصيب في غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة على جنوب البلاد،

أثناء العمل على فتح طريق مرجعيون- حاصبيا عند مدخل بلدة كوكبا لتأمين عبور المواطنين.

وفي وقت مبكر من يوم أمس، قال حزب الله أنه «تصدَّى» لقوة إسرائيلية حاولت التسلل إلى بلدة العديسة الحدودية في القطاع الشرقي من الحدود وإن مُقاتليه «كبّدوا العدو خسائر».

وبحسب المعلومات، فإن القوات الإسرائيلية المتسللة تعرضت لصاروخين مضادين للدروع تبعهما إطلاق نار.

كما أعلن الحزب أنّه خاض اشتباكات مع «جنود العدو الإسرائيلي المتسللين إلى بلدة مارون الراس (القطاع الأوسط) من الجهة الشرقية، وأوقعوا في صفوفهم إصابات عدة».

وأضاف لاحقاً أنه فجر عبوة ناسفة بقوة إسرائيلية مما أدى لوقوع قتلى وجرحى بأفرادها.

وبحسب المعلومات وقع أكثر من 35 جندياً إسرائيلياً بين قتيل وجريح في مارون الراس التي شهدت معارك دموية خلال حرب 2006.

وفي بيان منفصل، قال الحزب، إن عناصره استهدفوا أيضاً قوات إسرائيلية بالمدفعية والصواريخ في نقاط مختلفة، عبر الحدود، بالصواريخ والمدفعية بينها جنوب كريات شمونة، وثكنة الشوميرا، ومستعمرتي شتولا ومسكفعام.

وأطلق «حزب الله» ما يقرب من 100 صاروخ من لبنان باتجاه حيفا والجليل شمال إسرائيل، فيما يقرب من 20 دفعة منفصلة، ودمر 3 دبابات ميركافا.

وقتل وأصيب عدد غير معروف من عناصر حزب الله وكذلك 6 مسعفين في بلدة عيترون كانوا يساعدون في إخلاء جرحى الاشتباكات.

في المقابل، أفادت مصادر إسرائيلية بمقتل أكثر من 10 جنود بينهم رائد.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 8 بينهم 3 ضباط و5 جنود، من وحدة «إيغوز» التابعة لفرقة الكوماندوز.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، انضمام الفرقة 36 وقوات إضافية إلى العملية البرية في لبنان وعُقدت اجتماعات أمنية على أعلى مستوى لإعادة تقييم العملية البرية بعد الضربة.

«الاجتياح الرابع» سيمتد إلى سورية... وإيطاليا تدعو لتعزيز تفويض «اليونيفيل»

وقال الجيش إن قوات لواء الكوماندوز والمظليين ولواء 7 مدرعات تحت قيادة الفرقة 98 عملياتها البرية الموجهة والمحددة في عدة مناطق في جنوب لبنان حيث عثرت القوات ودمرت مجمعاً قتالياً لحزب الله احتوى على منصة صاروخية ومخزون من العبوات الناسفة والعتاد العسكري الآخر، مضيفاً أنه «تمت تصفية مخربين من مسافة قريبة وتدمير مجمعات قتالية».

وأضاف أن «القوات بتعاون مع القطع الجوية قضت على مخربين ودمرت بنى إرهابية من خلال أنواع الذخيرة الدقيقة وفي اشتباكات من مسافة قصيرة.

حتى الآن تم تدمير أكثر من 150 بنية لحزب الله من خلال الغارات الجوية ومن بينها مقرات ومستودعات أسلحة ونقاط لإطلاق قذائف صاروخية».

إلى ذلك، جدد المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي آفيخاي أدرعي تحذير سكانَ جنوب لبنان من «الانتقال بالمركبات من شمال نهر الليطاني إلى جنوبه»، مشدداً على أن التحذير سيبقى «سارياً حتى إشعار آخر».

كما دعا سكان 24 قرية إضافية لإخلائها وهي البياضة، بيوت السياد، الراشيدية، معشوق، البص، شبريحا، طير دبا، البرغلية، مخيم القاسمية، نبي قاسم، برج رحال، العباسية، معركة، عين بعال، محرونة، بافلية، ديركيفا، صريفا، ارزون، دردغيا، ضهر برية جابر، جبل العدس، شحور، برج الشمالي.

وتنضم هذه البلدات إلى 30 بلدة جنوب نهر الليطاني أخليت أمس الأول.

حملة جوية

إلى ذلك، تواصلت الضربات الجوية الإسرائيلية من شمال شرق لبنان إلى الجنوب وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.

وتعرضت أحياء الضاحية إلى أكثر من 15 غارة عنيفة طوال ليل الثلاثاء ـ الاربعاء أدت إلى تدمير عدد كبير من المباني.

وتجددت الغارات فجراً وشملت مناطق خارج الضاحية مثل الجناح والشويفات والحدث.

وفي البقاع الشمالي شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على بوادي.

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه شن «غارات دقيقة في أنحاء لبنان استهدفت عدداً من مواقع إنتاج أسلحة وبنى إرهابية أخرى لحزب الله في المنطقة».

وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية أمس أن حصيلة الغارات في الساعات الـ 24 الماضية بلغت 55 قتيلاً و156 جريحاً في بلدات وقرى جنوب لبنان والنبطية والبقاع وبعلبك - الهرمل وجبل لبنان.

وفيما أشارت مصادر غربية إلى أن الاجتياح الإسرائيلي الفعلي الذي لم ييدأ بعد، والذي سيكون الاجتياح الرابع للبنان بعد اجتياحات الأعوام 1978، و1982، و2006، سيبدأ من محور المطلة شرقاً ومحور الناقورة غرباً، لم تخفِ مصادر أخرى احتمال توسيع الإسرائيليين لعملياتهم في سورية، خصوصاً بهدف قطع طرق الإمداد العسكرية، ما يعني أنهم سيحولون سورية إلى ساحة اشتباك مباشرة في المرحلة المقبلة، وذلك لا ينفصل عن مسار إسرائيلي جديد في استهداف «الموارد المالية» لحزب الله، خصوصاً أنه في اليومين الماضيين شنً الإسرائيليون غارة على أحد مراكز مؤسسة القرض الحسن أي (مصرف حزب الله)، كما نفذوا غارة استهدفت محمد جعفر قصير والمعروف بأحد أبرز ممولي أو خزانات المال للحزب. هذه العمليات هي جزء من سياق مديد لعمليات مشابهة استهدفت شحنات مالية على الحدود اللبنانية - السورية سابقاً، بالإضافة إلى عملية الكوماندوز التي استهدفت قبل أشهر الصراف محمد سرور في منطقة المونتيفيردي.

غزة لبنانية

وفي وقت لم تظهر معلومات ومعطيات جديدة حول الترتيبات لتشييع الأمين العام لحزب حسن نصرالله، أو الورشة التنظيمية التي يخوضها الحزب لاستبدال القيادات التي خسرها، خصوصاً منصب الأمين العام، الذي من المرجح أن يتولاه رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين، أعلن مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف خلال جولة للإعلاميين في الضاحية الجنوبية أن «المقاومة بخير ومنظومة القيادة والسيطرة بخير»، معتبراً «اننا نعيش غزة لبنانية مجدداً».

ورأى أن «رسالة العدو وأهدافه واضحة وهي ​سياسة​ تدميرية لتحريض بيئة المقاومة على المقاومة، ونقول إن منزلة المقاومة من شعبها كعلاقة الدم بالشرايين»، مؤكداً أن «تدمير إسرائيل المنظم للمباني لن يزيد شعبنا إلا إصراراً على دعم المقاومة».

على وقع هذا التصعيد العسكري الكبير، بدأت التحركات السياسية والدبلوماسية خجولة، لا سيما في ظل معطيات تشير إلى غياب الوسطاء باستثناء دعوات فرنسية وبريطانية لوقف إطلاق النار، بينما مصادر أخرى تشير إلى أن واشنطن تدعم العملية العسكرية الإسرائيلية وتضع في خانة الدفاع عن النفس.

في هذا السياق، جاءت الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط.

وشدد أعضاء المجلس على ضرورة خفض التصعيد وضرورة تطبيق القرار الأممي 1701.

ودعت الرئاسة الإيطالية لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أمس مجلس الأمن الدولي إلى تعزيز تفويض قوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) من أجل «تأمين الحدود» بين إسرائيل ولبنان.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في بيان إنّ روما «تدعو مجلس الأمن الدولي إلى النظر في تعزيز تفويض بعثة اليونيفيل من أجل ضمان أمن الحدود بين إسرائيل ولبنان».

وإيطاليا هي الدولة الغربية التي تساهم بأكبر عدد من العناصر في «اليونيفيل»، وتضم كتيبتها حوالي 900 جندي.

داخلياً، تشهد الساحة السياسية تحركات مكثفة في سبيل العمل على إظهار وحدة وطنية متضامنة سياسياً وشعبياً لمواجهة الحرب، ولذلك تقاطرات وفود سياسية ونيابية إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لا يزال يجري اتصالات بحثاً عن وقف لإطلاق النار، ويخوض مفاوضات داخلية حول تحضير الأرضية السياسية اللازمة للوصول إلى تسوية سياسية تنجز الإنتخابات الرئاسية وتكون عنصراً داعماً لتطبيق القرار 1701 ولكن لدى سؤال مصادر قريبة من بري عن إمكانية تحقيق ذلك حالياً، تجيب أن ذلك يرتبط بوقف إطلاق النار.

back to top