في الوقت الذي يتعيَّن أن تحافظ الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة على الخبرات الفنية والإدارية لديها، تشجع بعض الوزارات، ومنها «العدل»، القياديين والإداريين ذوي الخبرات على التقاعد وترك العمل، رغم تألقهم وحاجة العمل لهم، مع ما يمثلونه من أهمية كبيرة، نظراً للخبرات الكبيرة التي يتمتعون بها.

وفي الوقت الذي يعاني قطاع المحاكم نقصاً حاداً في عدد القياديين والخبرات التي تتولى زمام الأمور، تترك الوزارة الباب مفتوحاً أمام عدد من القياديين والإداريين المسؤولين عن شؤون العمل في المحاكم، ولا تتمسَّك بهم، وهو ما سيسبِّب ربكة كبيرة في إدارة القطاعات التي كانوا يتولونها، مع التقدير لمن تولوا المهام لاحقاً.

Ad

فشاب مثل إسماعيل أشكناني مراقب في محكمة الاستئناف، والمراقب عادل المرجاح في محكمة الرقعي، ود. فهد الضاعن الذي يتولى إدارة التوثيقات الشرعية، ومن ثم وكيلاً مساعداً في الوزارة، يتركون العمل في المحاكم والوزارة وهم مازالوا شباباً ولديهم الكثير من العطاء الذي يقدمونه، فما الداعي من وراء تركهم للعمل في المحاكم؟ وقبلهم المراقب جاسم العبدلي، وجاسم الفودري، وجميعهم من الطاقات التي بذلت جهوداً كبيرة في أداء عملهم بكل تفانٍ وإخلاص.

ترك هذه المجموعة وغيرها من الشباب المخلصين في أداء أعمالهم، بخلاف حالة الإحباط التي أصابت البعض، يثير جملة من التساؤلات المهمة، في مقدمتها: هل يشعر الموظف والقيادي في وزارة العدل بالأمان الوظيفي؟ وهل بيئة العمل صالحة ويمكن للمسؤول والموظف العطاء من خلالها؟ وما الذي يدفع شباباً في مقتبل العُمر ويمثلون عصب المحاكم وقطاعات الوزارة للانسحاب من المشهد؟ وهل العمل لم يعد قادراً على استيعاب حاجات الموظفين ومتطلباتهم؟

والمسألة الأهم التي يتعيَّن أن يسارع الأخ وزميل الدراسة د. محمد الوسمي إلى حسمها، هي تسكين المناصب في وزارة العدل، والتي تَعد بالتكليف بمعظم قطاعاتها وإداراتها، إن لم تكن جميعها، منذ مدة أربع سنوات، وهل يقبل أن يكون كيان، كوزارة العدل، يضم العديد من القطاعات والإدارات المهمة، ويفترض به أن يلبي احتياجاته، ومنها قطاع القضاء، من دون وكيل أصيل في الوزارة، ولا حتى وكيل مساعد واحد، ويسند للمديرين تولي مهام الوكيل والوكلاء المساعدين منذ سنوات، ونطلب منهم التطوير والتألق والإبداع؟!

وزارة العدل، بقطاعاتها وإداراتها، لا يمكن أن يحدث بها تطور إلا بفهم عملها، وإشغال مناصبها، وتسكين إداراتها، والوقوف على نحو واقعي على جميع المحاكم لمعالجة كل أوجه النقص والخلل من خدمات وأعمال ينتظرها طالبو الخدمة من الموظفين، وهو أمر يستلزم من الوزير وفريقه سرعة قراءة المشهد الواقعي لوزارة العدل، والعمل سريعاً على نقلها إلى حال أفضل وأجمل، وجعلها بيئة عمل جاذبة وقادرة على احتواء الموظفين وتقديم أفضل الخدمات.