كشفت المناظرة التي طال انتظارها بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس الجمهوري جاي دي فانس والديموقراطي تيم والز عن تبادل محترم وموضوعي، يختلف تماماً عن المناخ المتوتر، الذي لوحظ غالباً خلال المواجهات السياسية في الولايات المتحدة.

ودافع الرجلان عن مواقف مرشحيهما للرئاسة، دونالد ترامب وكامالا هاريس قبل شهر واحد من الانتخابات، فيما لم تعكس التبادلات المهذبة خلافاتهما الجوهرية حول ملفات شائكة كالهجرة والاقتصاد والإجهاض والحرب في الشرق الأوسط.

Ad

«أداء رائع»

وتميّز الجمهوري دي فانس بأداء مقنع، مقابل تذبذب سيطر على الديموقراطي والز، الذي نجح في استعادة توازنه وترك انطباعاً طيباً آخر المناظرة التي استمرت ساعة ونصف الساعة.

وبعيداً عن الصراخ أو تبادل الشتائم، قدم دي فانس نفسه كرجل من الطبقة العاملة، مؤكداً على أصوله المتواضعة لجذب انتباه الناخبين.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، دافع عن ترامب، قائلاً، إن تفويضه قد أنشأ «السلام من خلال القوة» وتجنب صراعات جديدة كبرى، رافضاً الانتقادات الموجهة للمرشح الجمهوري باعتباره عاملاً من عوامل الفوضى الجيوسياسية.

كما دافع دي فانس باقتدار عن القضايا الحساسة بالنسبة للجمهوريين، مثل المناخ والإجهاض، وقدم نهجاً عملياً في التعامل مع تغير المناخ، داعياً إلى إنتاج طاقة محلية أنظف من الواردات الصينية.

وفيما يتعلق بالإجهاض، سعى دي فانس لاستعادة ثقة الأميركيين بالجمهوريين حول هذا الموضوع، مع تقديم مقاربة معتدلة. ونجح في تحويل انتقاداته السابقة لترامب إلى ميزة، من خلال الاعتراف بأخطائه في الحكم والإشادة بالنتائج التي حققها الرئيس السابق، لا سيما فيما يتعلق بالاقتصاد وأمن الحدود.

وأشاد ترامب بمرشّحه لمنصب نائب الرئيس بعد المناظرة، قائلاً على شبكته «تروث سوشال» «أداء رائع جاي دي- سنعيد لأميركا عظمتها»، فيما تثبت التجربة أن المناظرات بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس نادراً ما تحدث تغييراً، لكن في حملة انتخابات دخلت فيها هاريس على الخط للحلول مكان الرئيس بايدن في وقت متأخر، كان لمناظرة الثلاثاء أهمية أكبر.

والز يواجه صعوبات

في المقابل، كانت بداية المناظرة صعبة لتيم والز، الذي اتسمت تدخلاته بالتسرع والتردد وزلات اللسان، وبدا خطابه أقل مرونة من خصمه، لا سيما عندما أُجبر على الإقرار بأنه «أخطأ في التعبير» لدى سؤاله عما إذا كان في هونغ كونغ خلال احتجاجات ساحة تيان أنمين في الصين العام 1989.

ومع ذلك، كان والز أقوى في قضايا مهمة، مثل الرعاية الصحية، حيث تمكن من استخدام خبرته لمهاجمة مواقف فانس والدفاع عن سجل الإصلاحات في ظل إدارة الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما.

كما سلط الضوء على تناقض ترامب فيما يتعلق بالهجرة، مشيراً إلى التناقضات في إدارة الحدود. وتطرق في هذا الصدد إلى «الروايات الزائفة» التي يروّج لها فانس وترامب عن المهاجرين في بلدة سبرينغفيلد في أوهايو، واعتبر أن ادعاءهما بأن مهاجرين هايتيين يأكلون الكلاب والقطط في المدينة «تجرّد بشراً آخرين من إنسانياتهم وتشيطنهم».

وفيما يتعلق بموضوع حماية الديموقراطية، وجد والز أخيراً لحظته للتألق، مستذكراً أهمية كلمات القادة في لحظات الأزمات، في إشارة إلى الهجوم على مبنى الكابيتول في العام 2021.

وقد سمح هذا الموضوع لوالز بوضع نفسه كمدافع عن القيم الديموقراطية، مع التأكيد على ضرورة احترام نتائج الانتخابات وضمان الانتقال السلمي للسلطة.

وبينما هاجم والز ترامب باعتباره مصدر تهديد للديموقراطية وغير مؤهل لقيادة الولايات المتحدة في الساحة الدولية، ندد دي فانس بسجل هاريس فيما يتعلق بالاقتصاد والهجرة غير النظامية في ظل إدارة الرئيس جو بايدن.

وفي لحظة مهمة مع قرب انتهاء المناظرة، رفض دي فانس القول، إن كان يدعم مزاعم ترامب بأنه فاز في انتخابات 2020 على بايدن، ليتهمه والز بالامتناع عن الإجابة بشكل «يدينه»، وندد بترامب على خلفية الهجوم على الكابيتول من قبل أنصار الرئيس السابق.

ولدى طرح الأزمة في الشرق الأوسط بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، ندد والز بسجل ترامب في السياسة الخارجية منتقداً ما اعتبره «تقارب الرئيس السابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين» وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم العام 2015.

وردّ فانس بالقول «بقدر ما اتّهم الحاكم والز للتو ترامب بأنه وكيل للفوضى، إلا أن دونالد ترامب جلب في الواقع الاستقرار إلى العالم».

تأثير غير مؤكد

ولئن أكد دي فانس (40 عاماً) ووالز (60 عاماً) عدّة مرّات بأنهما يتفقان مع بعضهما البعض، وتصافحا في بداية المناظرة ونهايتها، وتمسك كلاهما بأنهما يتحدران من أصول شعبية من وسط الولايات المتحدة الغربي، سمحت المناظرة لوالز بإظهار قوته في الجزء الأخير من العرض، فيما فانس بتفوق واضح، حيث ساهم تعامله السلس أمام الكاميرا وإتقانه للموضوعات في تخفيف الصورة المتطرفة التي غالباً ما ترتبط بالمعسكر الجمهوري.

وسمحت المناظرة لدي فانس بتسجيل نقاط، بينما تمكن والز، على الرغم من بعض اللحظات الصعبة، من إنهاء النقاش بشكل إيجابي.

ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الأداء سيؤثر على الناخبين المترددين قبل انتخابات 5 نوفمبر المقبل.

الأمر المؤكد هو أن هذه المناظرة مثلت واحدة من آخر اللحظات البارزة في الحملة الانتخابية.