في وقت تنتظر إيران رداً إسرائيلياً «مباشراً» على أراضيها، بعد شنها هجوماً صاروخياً غير مسبوق ضد إسرائيل الثلاثاء الماضي، أجرى وزراء خارجية من دول مجلس التعاون الخليجي، أمس، محادثات مع مسؤولين إيرانيين في الدوحة، غداة دعوة وزراء خارجية مجلس التعاون خلال اجتماع استثنائي عُقِد بالدوحة إلى خفض التصعيد وتجنيب المنطقة والعالم مزيداً من عدم الاستقرار، ومن أخطار الحروب والدمار وآثارها على شعوب المنطقة والعالم.

ونقلت «رويترز»، عن مصادر، أن دول الخليج سعت إلى طمأنة إيران إلى حيادها في الصراع وسط مخاوف من أن تصعيداً أوسع نطاقاً في العنف قد يهدد منشآت النفط الخليجية، في وقت قالت وكالة بلومبيرغ إن وزراء دول مجلس التعاون الست عقدوا اجتماعاً غير رسمي مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي.

Ad

وكان خبير في «الحرس الثوري» الإيراني أثار بلبلة وضجة إعلامية بتهديده بقصف منشآت نفطية في دول خليجية وغير خليجية متحالفة مع واشنطن في حال قصفت إسرائيل منشآت نفطية إيرانية.

وقالت صحيفة «فايننشال تايمز» إن ايران أبلغت قادة عرباً بشكل مسبق بهجومها ضد إسرائيل في محاولة لطمأنة دول الجوار، لكن وزير الخارجية الإيراني حذر أي دولة تسمح للطيران الإسرائيلي باستخدام أجوائها من اعتبارها هدفاً مشروعاً.

ورغم إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أن «لا شيء سيحصل الخميس بشأن إيران»، كشف مصدر في قيادة الأركان الإيرانية لـ «الجريدة»، أمس، أنه تم وضع كل قوات الدفاع الجوي الإيراني في حالة تأهب قصوى حتى إشعار آخر، تحسباً لشن إسرائيل ضربة انتقامية.

وكان مسؤولون أميركيون بإدارة بايدن كشفوا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون إلى إقناع إسرائيل بـ «تقليص» ردها المرتقب وتنفيذ رد متناسب، في وقت قال بايدن إنه يعارض ضرب إسرائيل منشآت نووية.

وعن خيارات الرد، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك: «لقد شنت القوات الجوية الإسرائيلية ضربات مرتين في الأشهر الأخيرة أو نحو ذلك، ودائماً ما تكون على ميناء رئيسي أو مصافي نفط أو محطات طاقة عامة. هذه الأهداف الأكثر شعبية في إيران، إيران حساسة، إنها اقتصادية، لقد ألحقت بهم أذى مؤلماً ويمكننا فعل ذلك أكثر من مرة. هذا بشكل أساسي».

وأضاف: «أعتقد أن التحفظ الذي أثاره بايدن بشأن خطة ضرب المواقع العسكرية والنووية سيتم أخذه في الاعتبار. لكن لا يمكنني أن أخبرك أن إسرائيل لن تحاول ضرب أو لمس هذه العناصر أيضا».

ورداً على سؤال عن احتمال قصف إسرائيل منشآت نفطية إيرانية قال بايدن، أمس: «نحن في مناقشات بشأن ذلك».

إلى ذلك، كشف مصدر إيراني لـ «الجريدة» أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بحث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد سياساته الجديدة وتطلعه إلى حل الخلافات مع الولايات المتحدة، موضحاً أن الجانب الإيراني وافق على اقتراح لتلعب قطر دور الوسيط بين طهران واشنطن.

وأضاف المصدر أن بزشكيان أبدى استعداد إيران للتعاون مع المساعي التي تبذلها قطر لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، مؤكداً أن إيران تدعم أي حل سلمي للحرب.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصادر أن الرئيس الإيراني حمّل أمير قطر رسالة للأميركيين بأن إيران أنهت سياسة الصبر الاستراتيجي وسياسة ضبط النفس من جانب واحد، وسترد على أي هجوم إسرائيلي.

وفي تفاصيل الخبر:

كشف مصدر في قيادة الأركان الإيرانية لـ«الجريدة»، أمس، أنه تم وضع كل قوات الدفاع الجوي الإيراني في حالة تأهب قصوى حتى إشعار آخر، تحسباً لشن إسرائيل ضربة انتقامية، رداً على القصف البالستي الواسع الذي تعرضت له الثلاثاء الماضي من «الحرس الثوري»، في حين حذّر وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماع استثنائي عُقِد بالدوحة من «التصعيد المتزايد في المنطقة وتداعياته الخطيرة على السلام والأمن الإقليميين والدوليين».

ومع بلوغ خطر اندلاع مواجهة شاملة بين إيران وإسرائيل ذروته بموازاة استمرار حرب غزة وشروع الدولة العبرية في علمية برية ضد لبنان، دعا المجلس في بيان، ليل الأربعاء ـ الخميس، إلى ضبط النفس وخفض التصعيد وتجنيب المنطقة والعالم مزيداً من عدم الاستقرار ومن أخطار الحروب والدمار وآثارها على شعوب المنطقة والعالم.

وأفادت تقارير قطرية أمس بأن وزراء خارجية دول مجلس التعاون سيعقدون اجتماعاً مشتركاً مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الدوحة، لبحث التصعيد الذي تشهده المنطقة، على هامش حضوره قمة حوار التعاون الآسيوي، الذي افتتح أعماله أمس أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.

والتقى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، على هامش القمة، مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

وكان خبير في «الحرس الثوري» أثار بلبلة وضجة إعلامية بتهديده بقصف منشآت نفطية في دول خليجية متحالفة مع واشنطن في حال قصفت إسرائيل منشآت نفطية إيرانية.

وقالت صحيفة فايننشل تايمز، إن ايران ابلغت قادة عرب بشكل مسبق بهجومها ضد إسرائيل في محاولة لطمأنة دول الجوار، لكن وزير الخارجية الإيراني حذر أي دولة تسمح للطيران الإسرائيلي باستخدام أجوائها من اعتبارها هدفاً مشروعاً.

نفد صبرنا

وقالت مصادر ايرانية ان الرئيس الايراني حمّل امير قطر الشيخ تميم بن حمد رسالة الى الاميركيين بأن ايران انهت سياسة الصبر الاستراتيجي وسياسة ضبط النفس من جانب واحد، وسترد علي أي هجوم اسرائيلي.

وأجرى الرئيس الإيراني لقاءات مع قادة حركة حماس الفلسطينية في الدوحة، مشدداً على أنه إذا «ارتكب الكيان الصهيوني أصغر خطأ آخر فسيواجه برد أكثر تدميراً وقوة».

وبينما استدعت الخارجية الإيرانية سفيري ألمانيا والنسما للاحتجاج على إدانتهما لضربتها التي قالت إنها تأتي ثأرا لمقتل إسماعيل هنية وحسن نصرالله ونائب قائد «الحرس الثوري» عباس نيلفوروشان، انتقد الرئيس الإيراني السلوك «المنافق» لأميركا والدول الغربية في دعم إسرائيل.

من جهته، اعتبر رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» في الخارج خالد مشعل، أن عملية «الوعد الصادق 2» الإيرانية حققت «إنجازات عظيمة، أهمها ترميم وإحياء الردع لجبهة المقاومة»، مقدراً دعم وجهود فصائل المقاومة في المنطقة في دعم غزة.

لا تضربوا «النووي»

وأشار مسؤولون إسرائيليون، أمس الأول، إلى أن «الرد المرتقب قد يستهدف منشآت إنتاج النفط داخل إيران ومواقع استراتيجية أخرى»، في حين هدد رئيس الأركان الإيراني محمد باقري برد ساحق يدمر البنية التحتية لإسرائيل إذا هاجمت بلده.

وأعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن ثقته بأنّ «لا شيء سيحدث الخميس بشأن رد إسرائيلي على إيران»، بعد أن أطلق مسؤولو الدولة العبرية تهديدات بتوجيه ضربة انتقامية سريعة وقاسية ضد الجمهورية الإسلامية.

وقال بايدن، في تصريحات أمس: «نحن لا نعطي الإذن لإسرائيل بالانتقام من إيران بل نقدم لها المشورة».

في غضون ذلك، لفتت نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة للرئاسة الأميركية كامالا هاريس، في حديث لشبكة «سي بي إس»، إلى أنها «لا تتوقع إطلاقا دخول قوات أميركية للقتال إلى جانب إسرائيل»، لكنها أكدت أنه «سأكون ثابتة في التزامي بقدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها».

وشددت على أنه «يجب التعامل مع إيران على محمل الجد بشأن تهديدها مصالح أميركا وحلفائنا في المنطقة».

وجاء ذلك في وقت أكد مسؤولون بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون إلى إقناع إسرائيل بـ«تقليص» ردها المرتقب على هجوم إيران الصاروخي الواسع الذي شنته ضد الدولة العبرية الثلاثاء الماضي، على أمل منع تفاقم صراع إقليمي تتسع رقعته في منطقة الشرق الأوسط على نحو لا يمكن السيطرة عليه.

ورغم مخاوف غربية من أن تأثير واشنطن ربما يكون محدوداً، على أبرز حلفائها بالمنطقة، قال نائب وزير الخارجية الأميركي كيرت كامبل، إن «إسرائيل لا تفكر فقط في إمكانية الرد على الهجوم الإيراني، بل إن الولايات المتحدة كذلك، ومن المتوقع إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قريباً». وأوضحت واشنطن أنها تجري مكالمات متكررة مع مسؤولين إسرائيليين أثناء تخطيطهم لخطوتهم التالية.

ونقلت «بوليتيكو» عن المسؤولين الأميركيين أن بايدن وكبار مساعديه حثوا إسرائيل على تجنب الهجمات المباشرة على المنشآت النووية الإيرانية عند الرد والقيام بـ «رد متناسب». وقال الرئيس الاميركي انه يعارض ضرب اسرائيل منشآت نووية.

وكشف مسؤول أميركي أن واشنطن وتل أبيب تفكران كذلك في «ضرب جماعات مدعومة من إيران، أو توجيه ضربة لقوات الحرس الثوري في اليمن أو سورية».

مؤلم للغاية

في غضون ذلك، صرح سفير إسرائيل بالأمم المتحدة داني دانون، بأن المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية «الكابينيت» يدرس خيارات رد قوي ومؤلم للغاية، لكنه سيأتي بشكل محسوب «لأننا لا نريد حربا شاملة مع إيران التي لا تريد هي الأخرى حربا شاملة معنا».

وتزامن ذلك مع تسريب تقارير أميركية عن أن إسرائيل تجري منذ أشهر تعديلات على طائرات «F35» استعداداً لأي ضربة محتملة على مواقع نووية إيرانية، من أجل رفع قدراتها لشن هجمات بعيدة المدى إذا ما قررت شن الخطوة. وقصفت اسرائيل الاسبوع الماضي منشآت في اليمن قالت انها على بعد 1800 كيلومتر وهي المسافة بينها وبين ايران.

وعن خيارات الرد، قال رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق ايهود باراك: «لقد شنت القوات الجوية الإسرائيلية ضربات مرتين في الأشهر الأخيرة أو نحو ذلك، ودائما ما تكون صور مثل ميناء رئيسي أو مصافي نفط أو محطات طاقة عامة. هذه الأهداف الأكثر شعبية في إيران، إيران حساسة، إنها اقتصادية، لقد ألحقت بهم أذى مؤلما ويمكننا فعل ذلك، يمكننا فعل ذلك أكثر من مرة. هذا بشكل أساسي. أعتقد أن التحفظ الذي أثاره بايدن بشأن خطة ضرب المواقع العسكرية والنووية سيتم أخذه في الاعتبار. لكن لا يمكنني أن أخبرك أن إسرائيل لن تحاول ضرب أو لمس هذه العناصر أيضا».

قاعدة نيفاتيم

إلى ذلك، أعلنت سلطات الطيران المدني الإيرانية إعادة فتح المجال الجوي أمام الرحلات التجارية، بعدما أمرت بإغلاقه الثلاثاء الماضي، فيما نقلت «معاريف» أن القصف الإيراني البالستي الذي تم بنحو 200 صاروخ أدى إلى أضرار جسيمة في مرآب الطائرات في قاعدة «نيفاتيم» الجوية في منطقة النقب جنوب اسرائيل.

ونقلت الصحيفة العبرية عن وكالة «أسوشييتد برس» صوراً تم التقاطها بواسطة الأقمار الاصطناعية، تُظهر ثقباً كبيراً في سقف أحد المباني المجاورة للمدرج الرئيسي للقاعدة مع تناثر شظايا كبيرة من المباني.

وفقاً لما نقلته فإن «الكشف عن الأضرار قد يؤثر على تقييمات الاستخبارات الإسرائيلية بشأن فاعلية الدفاع الجوي الإسرائيلي وعواقب الهجوم الإيراني».

وفي هذه الأثناء حذر خبير كبير في المجال النووي من أن الصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل «يمكن تكييفها لحمل رؤوس حربية نووية»، لافتا إلى أن طهران قد تتمكن من إنتاج 10 رؤوس حربية تشغيلية في غضون 6 أشهر على الأكثر.
بزشكيان وبن فرحان خلال اجتماعهما على هامش قمة دولية في الدوحة أمس (رويترز)

إيران اختارت أحد خيارين سيئين

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أنه مع وجود اثنين من أقوى حلفاء إيران، «حزب الله» و«حماس»، في صراع مصيري للبقاء، فقدت طهران ركيزة أساسية من استراتيجية الردع التي تتبعها، مما أعطى إسرائيل فرصة لضرب من تراه أخطر أعدائها.

وبحسب «وول ستريت جورنال»، فقد قدّم اغتيال نصر الله في 27 سبتمبر، وهو شخصية بارزة أشرفت على حزب الله أكثر من ثلاثة عقود، خيارين لإيران.

أحدهما كان عدم التدخل بينما يتم تفكيك «جوهرة محور المقاومة»، وهو مسار كان سيعني خسارة كبيرة لطهران مع وكلائها الآخرين من اليمن إلى سورية إلى العراق.

وكان القرار الذي اتخذته في النهاية إطلاق ضربة الصواريخ، الثلاثاء على تل أبيب والقواعد الجوية الإسرائيلية، ما يعني أن إيران تواجه الآن احتمال التعرض لضربات مدمرة لبنيتها التحتية العسكرية أو المدنية، مما يفتح حلقة تصعيد ضد عدو أكثر قوة.

وقال اللواء المتقاعد، يعقوب عميدرور، الذي عمل مستشاراً للأمن القومي لنتنياهو: «واجه الإيرانيون خيارين سيئين، واختاروا أحدهما».

وأضاف: «إذا أظهرت إسرائيل أنها يمكنها اختراق النظام الإيراني وتدمير أهداف مهمة في إيران، فسيكون لدى الإيرانيين مشكلة أكبر وانتكاسة أخرى لأحلامهم».

بدورها، قالت دينا إسفنديار، المستشارة الأولى لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: «الأمر لا يبدو جيداً من وجهة نظر طهران: إنها عالقة حقاً بين المطرقة والسندان». وأضافت: «هم فقط لا يريدون السير في نومهم إلى حرب يعرفون أنهم لن يتمكنوا من الفوز بها».

وأثارت الضربات الأخيرة الموجهة لإيران وحلفائها حالة من النشوة لدى بعض المسؤولين وصناع القرار الإسرائيليين. وقد ولّد هذا إغراء متزايداً، ليس فقط لإعادة تشكيل المشهد السياسي اللبناني، الذي طالما هيمن عليه حزب الله، بل أيضاً لاستكشاف إمكانية إحداث تغيير جذري في النظام الإيراني نفسه.

وقال نتنياهو في خطابه هذا الأسبوع «للشعب الفارسي النبيل»: «عندما تتحرر إيران أخيراً وتلك اللحظة ستأتي قريباً جداً أكثر مما يعتقد الناس، سيكون كل شيء مختلفاً».

في المقابل، يحذر نديم حوري، المدير التنفيذي لمركز أبحاث مبادرة الإصلاح العربي، من مخاطر مثل «هذا التجاوز»، والذي قال إنه يذكره بالتورط الإسرائيلي الكارثي في لبنان عام 1982، الذي أدى إلى إنشاء حزب الله، والدخول الأميركي للعراق عام 2003.

ويؤكد حوري أن الخطر الماثل الآن هو الانجرار وراء «وهم هذه لحظة تاريخية، فلنعد تشكيل الشرق الأوسط».